المنتقى من كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي - كتاب أسرار الحج

منذ 2021-12-22

ترك الرفث والفسوق والجدال. والرفث: اسم جامع لكل لغو وخنى, وفحش في الكلام, ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن

 

آداب الحاج:  

الأول: أن تكون النفقة حلالاً, وتكون اليد خالية من تجارة تشغل القلب وتفرق الهم, حتى يكون القلب مطمئناً منصرفاً إلى ذكر الله تعالى, وتعظيم شعائره.

الثاني: التوسع في الزاد, وطيب النفس بالبذل, والإنفاق, من غير تقتير, ولا إسراف, وأعنى بالإسراف: التنعم بأطيب الأطعمة, والترفه بشرب أنواعها, على عادة المترفين. فأما كثرة البذل فلا سرف فيه, إذ لا خير في السرف, ولا سرف في الخير, كما قيل.

الثالث: ترك الرفث والفسوق والجدال. والرفث: اسم جامع لكل لغو وخنى, وفحش في الكلام, ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن, والتحدث بشأن الجماع ومقدماته.

والفسق: اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله عز وجل.

والجدال: هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن,...فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه, وعلى غيره, بل يلين جناحه, ويخض جناحه, للسائرين إلى بيت الله عز وجل, ويلزم حسن الخلق, وليس حسن الخلق كف الأذى, بل احتمال الأذى.

الرابع: أن يكون غير مستكثر من الزينة, ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر.  

الخامس: أن يكون طيب النفس بما أنفقه من نفقة وهدي....فكل خسران أصابه ثواب فلا يضيع منه شيء عند الله عز وجل.

من علامة قبول الحج:

يقال إن من علامة قبول الحج ترك ما كان عليه من المعاصي, وأن يتبدل بإخوانه البطالين إخواناً صالحين, وبمجالس اللهو والغفلة مجالس الذكر واليقظة.

 

الاعتبار بأعمال الحج:

لا تغفل عن أمور الآخرة في شيء مما تراه, فإن كل أحوال الحاج دليل على أحوال الآخرة.

وليعظم في نفسه قدر البيت, وقدر رب البيت, وليعلم أنه عزم على أمر رفيع شأنه, خطير أمره....وليجعل عزمه خالصاً لوجه الله سبحانه, بعيداً عن شوائب الرياء والسمعة, وليتحقق أنه لا يقبل من قصده وعمله إلا الخالص.

فإن كنت راغباً في قبول زيارتك, فنفذ أوامره, وردّ المظالم, وتب إليه أولاً من جميع المعاصي,....وتذكر عند....السفر للحج....السفر للآخرة فإن ذلك بين يديه على القرب,...فلا ينبغي أن تغفل عن ذلك السفر عند الاستعداد لهذا السفر.   

الزاد:

ليطلبه من موضع حلال...وليتذكر أن سفر الآخرة أطول من هذا السفر, وأن زاده التقوى وأن ما عداه مما يظن أنه زاده يتخلف عنه عند الموت, ويخونه فلا يبقى معه...فليحذر أن تكون أعماله التي هي زاده إلى الآخرة لا تصحبه بعد الموت, بل يفسدها شوائب الرياء وكدورات التقصير.

الراحلة:

ليشكر الله بقلبه على تسخير الله عز وجل له لتحمل عنه الأذى وتخفف عنه المشقة, وليتذكر عنده المركب الذي يركبه إلى دار الآخرة, وهي الجنازة التي يحمل عليها.

ثوبي الإحرام:

ليتذكر عنده الكفن, ولفه فيه.

 

 

الخروج من البلد:

ليعلم عنده أنه فارق الأهل والوطن....في سفر لا يضاهي أسفار الدنيا, فليحضر في قلبه ماذا يريد, وأين يتجه,  وزيارة من يقصد ؟ وأنه متوجه إلى ملك الملوك في زمرة الزائرين له, الذين نودوا فأجابوا وليحضر في قلبه رجاء الوصول والقبول لا إدلالاً بأعماله.

وليرج أنه إن لم يصل إليه وأدركته المنية في الطريق, لقي الله عز وجل وافداً إليه, إذ قال جل جلاله: ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) [النساء:100]

الإحرام والتلبية من الميقات:

ليعلم أن معناه إجابة نداء الله عز وجل, فارج أن تكون مقبولاً, واخش أن يقال لك لا لبيك, ولا سعديك, فكن بين الرجاء والخوف متردداً, وعن حولك وقوتك متبرئاً, وعلى فضل الله عز وجل وكرمه متكلاً.  

الطواف بالبيت:

أحضر في قلبك فيه التعظيم, والخوف, والرجاء, والمحبة.  

الوقوف بعرفة:

اذكر بما ترى من ازدحام الخلق وارتفاع الأصوات واختلاف اللغات عرصات القيامة, واجتماع الأمم مع الأنبياء, واقتفاء كل أمة بنبيها....وإذ تذكرتك ذلك فالزم قلبك الضراعة والابتهال إلى الله عز وجل.

رمي الجمار:

اقصد به الانقياد للأمر إظهاراً للرق والعبودية.

         كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 2
  • 0
  • 1,401
المقال السابق
كتاب أسرار الزكاة
المقال التالي
كتاب آداب تلاوة القرآن

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً