الاستهداء بالقرآن!
قال ابن_القيم: «فما أشدها من حسرة، وأعظمها من غبنة على من أفنى أوقاته في طلب العلم، ثم يخرج من الدنيا وما فهم حقائق القرآن، ولا باشر قلبُه أسراره ومعانيه!)
نموذج عملي:
فإن والدي– عليه رحمة الله ورضوانه – عاش حياته مع القرآن؛ قراءة، وعملا، واستهداء به.
وكان الوالد – أسبل الله على قبره الرحمات والرضوان – يحثنا على حفظ القرآن، وتعلمه، والاستهداء به.
وكان — رحمه الله— لا يدخر جهدا، ولا وقتا لذلك، بل يسعى في ذلك بكل ما أوتي، فتارة بالتشجيع،وتارة بالتوجيه، وتارة بالإرشاد، ويرشدنا لتعلمه، وحفظه، ويأتي لنا بمحفظين؛ يحفظوننا كتاب الله، ويسعد إذا حفظ أحد منا -من آبنائه أو أحفاده- سورة من كتاب الله، ويسمعها له. وكان الأحفاد يسرعون إليه ويخبروه بأنهم حفظوا سورة كذا وكذا، فيسمعهونها له،ويعطيهم الهدايا والأموال، فيفرح الأحفاد لذلك، ويشجعهم للحفظ، ويحثهم على ذلك. وكان بهم رحيما ورفيقا رضي الله عنه. فلما أكرمنا الله بالعلم الشرعي، وعرفنا قدر تعلم القرآن، والهداية به، كان حافزا لنا للاستزادة من هذا المعين الرائق ولعل الله جل جلاله تفضلا منه وتكرما، يلبسه وأمي تاجا من نور، ويكسيه وأمي حلل لا تقوم لهما الدنيا بمنه وكرمه كما ثبت في الحديث عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " « من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتان لا يقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن » " [رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم، وقال الألباني: " حسن لغيره " كما في صحيح الترغيب]
فيا أيها الأخوة الكرام، حثوا أولادكم، ورغبوهم في تعلم القرآن، وترفقوا معهم في أخذه، وتعلمه، والاستهداء به، فهو خير ما تورثونه لأولادكم.
وليحذر المرء من هذه الحسرة يوم القيامة التي تصيب من غفل عن القرآن والاستهداء به ، أو غفل عن ولده فعلمه كل علوم الدنيا، وما علمه القرآن!!!
قال ابن_القيم: «فما أشدها من حسرة، وأعظمها من غبنة على من أفنى أوقاته في طلب العلم، ثم يخرج من الدنيا وما فهم حقائق القرآن، ولا باشر قلبُه أسراره ومعانيه!)( بدائع الفوائد).
ومهما زهدك الناس في تعلمه وأخبروك أن العصر عصر انفتاح وتكنولوجيا فاحذره، ولو أخذ الناس طريقا، وأخذت طريق القرآن هديت له وبه؛ لأنه غذاء الروح. وتأمل معي هذا الحوار الذي دار بين عامر بن مطر وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم. قال عامر بن مطر :كنتُ مع حذيفة فقال: يُوشك أن تراهم يَنفرجون عن دينهم ... !! فأمسِك بما أنتَ عليه اليوم ، فإنها الطريقُ الواضح !! كيف أنت يا عامر بن مطر .. ؟!! إذا أخذ الناسُ طريقًا .. والقرآنُ طريقًا !!! مع أيهما تكون ؟!! قلتُ: مع القرآن؛ أحيا معه، وأموتُ معه !! قال: فأنت أنت إذًا ). [أخرجه ابنُ أبي شيبة في مُصنَّفه] .
رحم الله والدي، وغفر له، ورضي عنه، وقبل منه. آمين
- التصنيف: