عيد الميلاد
أعياد باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، لاسيما عيد الميلاد والذي بدأ يستشري ويظهر في مجتمعنا المسلم المحافظ، وهذا عيد بدعي وغير شرعي لما يحتويه من مفاسد ومضار ومخاطر
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية - النهي عن البدع والمنكرات - مناسبات دورية -
لقد أكمل الله لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة، ولم يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم حتى بين الحلال والحرام، ولم يدع لذي لب مغرز إبرة ليزيد أو يُنقص في دين الله تعالى، والذي حفظه بحفظه فقال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر9]، الدين محفوظ بحفظ الله، محاط بسياج لا يمكن اختراقه، ولا يمكن تعديله أو تبديله، فقد قال تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت 42].
الدين ثابت لا تغيره المتغيرات، وأسسه راسيات لا تزعزعها المثبطات والمهبطات، ولا الدعوات الباطلة الجائرة الفاسدة مهما كان دعاتها وأربابها.
فالصلوات خمس مفروضات منذ أن فرضها الله على النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وإلى أن نلقى ربنا تبارك وتعالى، والزكاة مفروضة واجبة على من وجبت عليه منذ نزول آياتها على النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والصيام مفروض في شهر رمضان، والحج في ذي الحجة، وبر الوالدين واجب على الأبناء منذ نزلت آياته إلى يوم القيامة، والجهاد ماض إلى ذلك، والحجاب واجب على المؤمنات منذ أن نزلت آيات الحجاب، وكذلك الاختلاط محرم إلى يوم القيامة لما يبثه من سموم الجريمة والفساد والرذيلة والفاحشة بين الجنسين، وما الدعوة إلى الاختلاط اليوم بشتى صوره وأنماطه إلا دعوة باطلة ظالمة قاسية، يدعي مروجوها أنهم آلهة من دون الله تعالى، يُشرعون ويحرمون ويحللون من دون الله فلهم العذاب الأليم قال تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبيا29].
فعليهم أن يتقوا الله تعالى قبل أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وعليهم الرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم المخلصين الصادقين الذين عرفهم الناس وعرفوا مواقفهم المشرفة فحفظ الله من بقي منهم ونفع به وبعلمه الإسلام والمسلمين، ورحم الله من مات منهم وغفر له وجزاه خيراً على ما قدم للإسلام والمسلمين.
وأنت أيها المسلم تقع عليك مسؤولية عظيمة، ألا وهي أنك مسؤول عما جاءك في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا عما تتناقله وسائل الإعلام العلمانية الليبرالية التي تحارب دين الله جهاراً نهاراً، تحت مرأى ومسمع من ولاة الأمور، أو من يحلل ويحرم حسب هواه ومناه أو تحقيقاً لرغبة شخص أو آخر، حيث يفتي فيها كُتَّاب فجار صغار.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هلك قوم حتى يُعْذِروا من أنفسهم»، قال: قلت لعبد الملك: كيف يكون ذاك ؟ قال: فقرأ هذه الآية: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}، وقوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ}، كقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص65] وقوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ} [المائدة 109]، فالرَّبُّ تبارك وتعالى يوم القيامة يسأل الأمم عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به، ويسأل الرسل أيضا عن إبلاغ رسالاته ؛ ولهذا قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في تفسير هذه الآية: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} قال: يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين، ويسأل المرسلين عما بلغوا.
أيها المسلم أنت مسؤول أمام الله عز وجل عمن تأخذ عنه علمك وفتواك، فخذ ما وافق كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من أفواه العلماء الأجلاء، واحذر واترك ما خالف ذلك، فليس هناك مشرع إلا الله تعالى، وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ابتدع للناس غير ذلك فهو على خطر عظيم لأنه يضاد الله في حكمه وشرعه قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى 21]، ويقول تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يونس 116-117].
يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} هذه أكبر نعم الله عز وجل، على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه ؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه.
إن الدين كامل وليس في حاجة إلى زيادة أو تكميل، ولا حاجة لإحداث بدع وخرافات فيه، ومن أحدث فيه بدعة ورآها حسنة، فقد أتى بشرع زائد، واتهم الشريعة بالنقص، وكأنه مستدرك على الله تعالى وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام وهذا من أفرى الفرى، وأكذب الكذب على الله ورسوله، يقول الإمام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة، لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا}.
ومن ادعى أن هناك عيد في الإسلام غير عيدي الفطر والأضحى فقد أتى بشرع جديد، فليس لنا معاشر المسلمين إلا عيدان يتكرران كل عام وهما عيدا الفطر والأضحى، وعيد كل أسبوع وهو الجمعة، وليس هناك أي عيد آخر يُفرح به ويحتفل، ومن أجاز للناس الاحتفال بعيد الميلاد فقد أتى بشرع من تلقاء نفسه وخالف شرع الله تعالى، فهل احتفل النبي صلى الله عليه وسلم بعيد ميلاده، وهل احتفل الصحابة رضوان الله عليهم بأعياد ميلادهم، وهل احتفل علماؤنا اليوم بأعياد ميلادهم ؟
الجواب: لا، لم يحتفلوا، فهل أولئك السلف الصالح على ضلالة، ومن ابتدع للناس عيداً أو أعياداً هم على صواب وحق ؟ حكموا العقول معاشر المسلمين واحذروا سخط الله وعقابه.
سلفنا الصالح وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يعلمون شرع الله عز وجل، ويطبقونه ويعلمون ما يصلح للناس وما لا يصلح لهم، وأوجد العلماء قاعدة سد الذرائع خوفاً من انفلات من قد ينفلت، كما هو الحاصل اليوم، ممن تتبعوا أذناب الغرب، ورضعوا عاداتهم، فجاءونا بتحديات وخروج عن الشرع، وتحليل للحرام، وتحريم للحلال إلى غير ذلك من الخرافات والضلالات فحصلت الفتن والمحن والإحن.
فجاء علماء السلطان وعلماء الضلالة والسوء ببعض الفتن والاختراعات والبدع التي أغلق الباب أمامها شرع الله تعالى خوفاً من انفلات الناس وراء الشبهات والشهوات التي هي خطوات الشيطان ومداخله للخروج من بوتقة الدين وضوابطه، واعتبارها سجن وحبس وقيود لابد من فكها والهروب منها لنيل الحرية الزائفة.
ومن أعظم ذلك الاحتفال بعيد الميلاد وعيد الأم وعيد الوطن وغيرها من أعياد، أعياد باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، لاسيما عيد الميلاد والذي بدأ يستشري ويظهر في مجتمعنا المسلم المحافظ، وهذا عيد بدعي وغير شرعي لما يحتويه من مفاسد ومضار ومخاطر، كالاختلاط والتبرج بزينة واللقاءات والضحكات والمواعيد والمسامرة والجلوس جنباً إلى جنب بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، والإسراف والبذخ وأعظم من ذلك تعدي حرمات الله، وانتهاك حدوده، في ظل فتاوى مريضة سقيمة لا يجوز لأحد أن يأخذ بها، ومن أخذ بها فهو مسؤول عنها أمام الله تعالى، لأن الله تعالى سيسألك عن إجابتك لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولن يسألك عن فلان وفلان من الناس لاسيما ممن اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، أو رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، نظراً لتحقيق رغبة دنيوية ماضية لا باقية، زائلة وراحلة ثم يقاسي آلامها في قبره ويوم محشره، سواء أتى الأمر من عالم سوء وضلالة أو رئيس أو حاكم أو محكوم فهم وأنت مسؤولون أمام الله تعالى عما أجبتم المرسلين , لا ما أفتاك به فلان وفلان ممن له مآرب أُخرى، فعليك بالسواد الأعظم من علماء الأمة العاملين من هيئة كبار العلماء بالمملكة وغيرهم ممن عرف عنهم خوفهم وورعهم وتقواهم، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
_____________________________________
كتبه: يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك