الأخوة والصحبة (3)
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
ومنها: أن لا يؤذي أحداً من المسلمين بفعل ولا قول, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده »
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
حقوق المسلم:
منها: أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد, إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالسهر الحمى»
ومنها: أن لا يؤذي أحداً من المسلمين بفعل ولا قول, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده »
ومنها: أن يتواضع لكل مسلم ولا يتكبر عليه, فإن الله لا يحب كل مختال فخور, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد»
ومنها: أن لا يسمع بلاغات الناس بعضهم على بعض, ولا يبلغ بعضهم ما يسمع من بعض, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قتات» وقال الخليل بن أحمد: من نمّ لك نمّ عليك, ومن أخبرك بخبر غيرك, أخبر غيرك بخبرك.
ومنها: أن لا يزيد في الهجر على ثلاثة أيام مهما غضب عليه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, يلتقيان فيعرض هذا, ويعرض هذا, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام »
ومنها أن لا يدخل على أحد منهم إلا بأذنه بل يستأذن ثلاثاً فإن لم يؤذن له انصرف
ومنها: أن يوقر المشايخ ويرحم الصبيان, قال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا, ولم يرحم صغيرنا » وأن يكون مع كافة الخلق مستبشراً طلق الوجه رفيقاً, قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: إن البرَّ شيء هين, وجه طليق, وكلام لين.
ومنها: أن لا يعد مسلماً بوعد إلا ويفي به, قال صلى الله عليه وسلم: « ثلاث في المنافق: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان»
ومنها: أن يصلح ذات البين بين المسلمين مهما وجد إليه سبيلاً, قال صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا: بلى, قال: إصلاح ذات البين, وفساد ذات البين هي الحالقة»
ومنها: أن يستر عورات المسلمين قال صلى الله عليه وسلم: « من ستر على مسلم, ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة »
ومنها: أن يبدأ كل مسلم منهم بالسلام قبل الكلام ويصافحه عند السلام.
ومنها: أن يصون عرض أخيه المسلم ونفسه وماله من ظلم غيره مهما قدر.
ومنها: تشميت العاطس.
ومنها: النصيحة لكل مسلم والجهد في إدخال السرور عليه.
ومنها: أن ينزل الناس منازلهم.
ومنها: أن يحسن إلى كل من قدر عليه منهم.
ومنها: أن يعود مرضاهم.
ومنها: أن يشيع جنائزهم.
ومنها: أن ينصف الناس من نفسه.
ومنها: أن يشفع لكل من له حاجة من المسلمين إلى من له عنده منزله ويسعى في قضاء حاجته بما يقدر عليه.
ومنها: أن لا تستصغر منهم أحداً فتهلك, لأنك لا تدري لعله خير منك, فإنه وإن كان فاسقاً فلعله يختم لك بمثل حاله, ويختم له بالصلاح.
ومنها: أن لا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم, فالدنيا صغيرة عند الله, صغير ما فيها.
ومنها: أن لا تبذل لهم دينك من دنياهم, فتصغر في أعينهم, ثم تحرم دنياهم, فإن لم تحرم, كنت قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ومنها: أن لا تعادهم بحيث تظهر العداوة, فيطول الأمر عليك في المعاداة, ويذهب دينك ودنياك فيهم, ويذهب دينهم فيك, إلا إذا رأيت منكراً في الدين, فتعادى أفعالهم القبيحة, وتنظر إليهم بعين الرحمة, لتعرضهم لمقت الله وعقوبته بعصيانهم.
ومنها: أن لا تسكن إليهم في مودتهم لك, وثنائهم عليك في وجهك, وحسن بشرهم لك, فإنك إن طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة إلا واحداً, وربما لا تجده.
ومنها: أن لا تشك إليهم أحوالك فيكلك الله إليهم.
ومنها: أن لا تطمع أن يكونوا لك في الغيب والسر كما في العلانية, فذلك طمع كاذب وأنى تظفر به ؟
ومنها: أن لا تطمع فيما في أيديهم فتستعجل الذل, ولا تنال الغرض.
ومنها: أن لا تعلُ عليهم تكبراً لاستغنائك عنهم, فإن الله يلجئك إليهم عقوبة على التكبر.
ومنها: أنك إذا سألت أخاً منهم حاجة فقضاها, فهو أخ مستفاد, وإن لم يقض فلا تعاتبه, فيصير عدواً تطول عليك مقاسته.
ومنها: أنك مهما رأيت منهم كرامة وخيراً فاشكر الله الذي سخرهم لك, واستعذ بالله أن يكلك إليهم.
حقوق الجوار:
اعلم أن الجوار يقتضي حقاً وراء ما تقتضيه أخوة الإسلام, فيستحق الجار المسلم ما يستحقه كل مسلم وزيادة, قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»
وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره»
وقال صلى الله عليه وسلم: « لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه »
واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط, بل احتمال الأذى, ولا يكفى احتمال الأذى بل لا بد من الرفق, وإسداء الخير والمعروف.
شكا بعضهم كثرة الفار في داره, فقيل له: لو اقتنيت هراً ؟ فقال: أخشى أن يسمع الفار صوت الهر, فيهرب إلى بيوت الجيران, فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي.
وجملة حق الجار: أن يبدأه بالسلام, ويعوده في المرض, ويعزيه في المصيبة, ويهنئه في الفرح ويظهر السرور معه ويصفح عن زلاته ولا يتطلع إلى عوراته, ويستر ما ينكشف له من عوراته, ويغض بصره عن حرمته, ويرشده إلى ما يجهله في أمور دينه ودنياه.
حقوق الوالدين والولد:
لا يخفى أنه إذا تأكد حق القرابة والرحم, فأخص الأرحام وأمسها الولادة, فيتضاعف حق تأكد الحق فيها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكاً فيشتريه ويعتقه»
وجاء رجل فقال: يا رسول الله, هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما بعد وفاتهما ؟ قال: «نعم, الصلاة عليهما » _ أي الدعاء لهما _ والاستغفار لهما, وانفاذ عهدهما, وإكرام صديقهما, وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما )
وجاء رجل إلى عبدالله بن المبارك فشكا إليه بعض ولده, فقال: هل دعوت عليه ؟ قال: نعم, قال: أنت أفسدته.
ويستحب الرفق بالولد, رأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن, فقال: إن لي عشرة من الولد, ما قبلت واحداً منهم ! فقال عليه الصلاة والسلام: «( من لا يرحم لا يرحم )»
حقوق الأقارب والرحم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «( يقول الله تعالى: أنا الرحمن, وهذه الرحم شققت لها اسماً من اسمي, فمن وصلها وصلته, ومن قطعها بتته ) وقال عليه الصلاة والسلام: ( من سره أن ينسأ له في أثره, ويوسع عليه رزقه, فليصل رحمه ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( ليس الواصل بالمكافئ, ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها) وقال صلى الله عليه وسلم: ( الصدقة على المسكين صدقة, وعلى ذي الرحم اثنتان.)»
حقوق المملوك:
ملك اليمين يقتضي حقوقاً في المعاشرة لا بد من مراعاتها, فقد كان أخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد قال عليه الصلاة والسلام : « للمملوك طعامه, وكسوته بالمعروف, ولا يكلف من العمل ما لا يطيق » وكان عمر رضي الله عنه يذهب إلى العوالي في كل يوم سبت, فإذا وجد عبداً في عمل لا يطيقه, وضع عنه.
فجملة حق المملوك أن يشركه في طعمته وكسوته, ولا يكلفه فوق طاقته, ولا ينظر إليه بعين الكبر والازدراء, وأن يعفو عن زلته, وأن يتفكر عند غضبه عليه, معاصيه وجنايته في حق الله تعالى وتقصيره في طاعته, مع أن قدرة الله عليه فوق قدرته.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ