حضور القلب

منذ 2022-01-21

أما اللقاء الذي يكون فيه أحد الطرفين شارد الذهن فلا معنى له ولا فائدة لأي من الطرفين ،وكم يشعر الطرف الآخر بالضيق لانصراف ذهن صاحبه عنه،وقد يصل الأمر للشعور بعدم التقدير والاحترام .

أروع وأجمل وأكثر العلاقات إيجابية هي التي تكون الأطراف فيها سعيدة وقت اللقاء وحاضرة مع الآخرين بكل كيانها وبلا استثناء لأي علاقة.
أما اللقاء الذي يكون فيه أحد الطرفين شارد الذهن فلا معنى له ولا فائدة لأي من الطرفين ،وكم يشعر الطرف الآخر بالضيق لانصراف ذهن صاحبه عنه،وقد يصل الأمر للشعور بعدم التقدير والاحترام .
هذا كله ولله المثل الأعلى قد يحدث من أحدنا عند لقائه بالمولى عز وجل ،وليس المقصود بذلك الصلاة فحسب ،بل عند الدعاء وعند كل عمل يُرجى به وجه الله تعالى.
وبالرغم من أنه لا مقارنة بين الموقفين لأن لقاء الله سبحانه وتعالى منفعته خالصة للعبد ،ومع ذلك قد يقع في هذا المنزلق .
فمناجاة العبد لربه تنقله من عالم الماديات المشحون بالصراعات والمخاوف إلى عالم الراحة والسكينة ،وما افترض الخالق الرحيم الصلوات ،وسن رسوله الأذكار والأدعية إلا لإقحامه في هذا العالم الرائع الذي  يمد المرء بشحنات هائلة من القوة والصلابة في مواجهة الحياة في كل مصاعبها ،بل في مواجهة الموت .
لكن أنَّى يتأتى كل ذلك إلا بحضور القلب واتجاه المرء بكل تركيزه ويقظة ذهنه وهو يناجي ربه مصليًا أو ذاكرًا خارج الصلاة ،فلابد أن يستشعر جمال اللقاء وعذوبة الكلمات وعظمة ربه الذي يسمعه.
ولأن الصلاة ذكر والدعاء ذكر والثناء ذكر فنحن نعجز عن الخوض في بحار الذكر التي لا نهاية لها لكن بقليل من الأمثلة نرى كيف تصنع الكلمة من الذكر بصاحبها  إذا وعاها وتأملها وهو يرددها   فـ {(إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)} هو اللجوء لمن لا قاهر له ولا ند ولا مثيل ،هو مالك القوة المطلقة القادر على قهر كل ظالم أو ذي جبروت فهو الحصن الحصين للمؤمن ،فالذكر علاج ووقاية لأحزان القلوب وهمومها مثل قوله تعالى : ( {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ‎﴿١٣٩﴾‏)} (آل عمران:139)،والقرآن هو أعظم الذكر.
الذكر هو الملجأ و المنجى كما قال صلى الله عليه وسلم: «(يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أستغيثُ أصلِحْ لي شأني كلَّه ولا تكِلْني إلى نفسِي طرفةَ عينٍ ولا إلى أحدٍ من الناسِ)»
(الراوي:أنس بن مالك  | (المصدر:مجمع الزوائد  رقم [183]))

كذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «(بسمِ اللهِ الذي لا يضرُّ مع اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو السميعُ العليمُ)»
(الراوي:عثمان بن عفان  | (المصدر:مجموع فتاوى ابن باز  رقم [165]))

فعند توحيد الله وتسبيحه وتحميده وتكبيره والثناء عليه تترسخ في ذهن المؤمن صفات الله بالكمال والعظمة والقوة والحكمة والعلم و يوقن أن الله لن يدعه فريسة لعدوه ولا لنفسه عندما تأمره بالسوء ،كما يدرك أنه برحمة الله وغفرانه سينعم بأمن الدنيا والآخرة والذكر عندما يخرج من فيِّ المؤمن بتفهم وإمعان للمعاني وإدراك لما تحويه فيزول الهم ويقوى على شيطانه ،وسيعيش جنة الدنيا التي أخبر عنها السلف حيث ورد أنه قيل نحن نحيا في سعادة لو علمها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 3
  • 3
  • 2,151
  • Elham Hussein

      منذ
    موضوع رائع جزاك الله خيرا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً