سؤال اللذة - (1) تأملات في النفس والكون والواقع والحياة

منذ 2022-02-13

اللذة حالة وجدانية تعقب إدراك الملائم للنفس والجسد والروح والعقل، وهي نتيجة وثمرة لإدراك الشيء والشعور به ومحبته.

اللذة حالة وجدانية تعقب إدراك الملائم للنفس والجسد والروح والعقل، وهي نتيجة وثمرة لإدراك الشيء والشعور به ومحبته.

 

واللذة أنواع متعددة: فمنها اللذة الحسية بالأكل والشرب والنكاح، ولذة شعورية نفسية بحب المدح والثناء والتعظيم والإكرام، ولذة عقلية بالعلم والمعرفة والبحث والتأمل، ولذة روحية متسامية بالطاعة والإيمان.

 

وتعتبر اللذة حالة فطرية وثمرة طبيعية لما خلَقه المولى جل وعلا في الكائن الحي من قوى الإدراك والحركة، وهي نعمة ربانية يتحقق بها مقاصد الحياة بجلب المنافع ودفع المضار.

 

أما اللذة فلسفيًّا، فهي مذهب أخلاقي يرى أن دوافع النشاط الإنساني تنحصر في التماس اللذة وتجنب الألم، فاللذة هي الخير الأسمى.

 

ومن أبرز شخصياته الفيلسوف أبيقور اليوناني الذي يرى أن اللذة هي غاية الحياة، وأن المعرفة لا تتحقق إلا بالحواس.

 

والفلاسفة الإنجليز كجيرمي بنثام وجون ستيوارت ميل، واللذة عندهم هي المنفعة العامة، واتخذت.

 

وقد توسع ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في بيان حقيقة اللذة وأنواعها وخصائصها، بالرد على الفلاسفة بقولهم: إن اللذة العقلية هي اللذة الفعلية والحقيقية، كما أشارَا إلى لذة معنوية لا يدركها إلا المؤمنون، وهي لذة الأنس بالله والقرب منه: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا)، ونبَّها إلى أن اللذات الدنيوية كافة إنما هي وسيلة لتحقيق غاية عظيمة، وهي العبودية للمولى جل وعلا؛ قال ابن تيمية: "وإذا كَانَت اللَّذَّة مَطْلُوبَة لنَفسهَا، فَهِيَ إنما تذم إذا أعقبت ألَمًا أعظم مِنْهَا، أو منعت لَذَّة خيرًا مِنْهَا، وتُحمد إذا أعانت على اللَّذَّة المستقرة، وَهُوَ نعيم الآخرة الَّتِي هِيَ دائمة عَظِيمَة"؛ الاستقامة (٢ / ١٥٠).

 

قال ابن القيم: "ولهذا كان المؤمن يثاب على ما قصَد به وجهَ الله، من أكله وشربه ولبسه ونكاحه، وشفاء غيظه بقهر عدو الله وعدوه، فكيف بلذة إيمانه ومعرفته بالله، ومحبته له، وشوقه إلى لقائه، وطمعه في رؤية وجهه الكريم في جنات النعيم"؛ الجواب الكافي.

______________________________________________
الكاتب: علي بن حسين بن أحمد فقيهي

  • 4
  • 0
  • 944
 
المقال التالي
(2) الغرائز البشرية

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً