من الجنة والناس

أبو الهيثم محمد درويش

كل أنواع العوائق التي تحول بين الإنسان وبين الوصول إلى الصراط المستقيم ثم السير عليه والوفاة عليه, لا يملك إبعادها عن الإنسان ولا يملك صرفه عنها وصرفها عنه إلا الله الواحد القهار

  • التصنيفات: التفسير -

الإنسان في أشد الحاجة إلى إزالة العوائق التي تمنعه من الوصول إلى طريق الله الواضح وصراطه المستقيم دون عوج أو ميل, ثم هو في أشد الحاجة إلى السير على هذا السبيل والثبات عليه, ثم هو أحوج ما يكون إلى الوفاة وهو على صراط الله المستقيم دون أدنى خروج او ميل عنه.

ويتنازع الإنسان في طريق إلى الله أنواع من الأعداء منها شهوات النفس والهوى ومنها شياطين الإنس ومنها شياطين الجن.

كل أنواع العوائق التي تحول بين الإنسان وبين الوصول إلى الصراط المستقيم ثم السير عليه والوفاة عليه, لا يملك إبعادها عن الإنسان ولا يملك صرفه عنها وصرفها عنه إلا الله الواحد القهار , الذي بقيوميته يقوم الإنسان ويقوم كل ما ومن حوله في هذا العالم وسائر العوالم العلوية والسفلية.

لذا على كل من يجاهد للوصول إلى الصراط والثبات عليه والوفاة عليه ألا يفتر عن الالتجاء إلى من بيده هدايته إلى الصراط وتثبيته عليه إلى الوفاة, وصرف كل العوائق من وساوس وصد عن سبيل الله أو إغواء بشتى الطرق.

قال تعالى :

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَٰهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} [ الناس]

قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره:

وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال:  {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ .

#أبو_الهيثم

#تدبر