علمتنى فاطمة الزهراء (رضى الله عنها ) - 1
إيمان الخولي
فإن أراد رجل امرأة لحسبها فما أشرفه نسباً من بيت النبوة وإن نكحها لجمالها فمن بجمال فاطمة التى هى أشبه بأبيها الذى ذكر فى وجهه وهيئته فصول من الكتب لبهاء ووضاءة و جهه
- التصنيفات: السيرة النبوية -
فى ظل ما نجده الآن من غياب القدوات وعدم معرفة الجيل الناشىء بأمهات المؤمين وآل بيت رسول الله وتقليدهم الأعمى للغرب كان علينا أن نعود لقدواتنا الحقيقة ونسلط عليها الضوء فبين أيدينا السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها الكاملة
هى أم أبيها هكذا كان لقبها فطمها الله وذريتها عن النار يوم القيامة سيدة نساء أهل الجنة أبوها رسول الله وزوجها شهيد وربيب رسول الله وولداها سيدا شباب الجنة ولدت فاطمة قبل البعثة بخمس سنوات كانت فاطمة أحب الخلق إلى أبيها أصغر بناته ترتيبها الرابعة فى البنات سيدة نساء العالمين كانت أشبه بنات النبى به كان يحتفى بها أى احتفاء إذ تقول عائشة رضى الله عنها «ما رأيتُ أحدًا كانَ أشبَه سمتًا وَهديًا ودلًّا برسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من فاطمةَ كانت إذا دخلت عليهِ قامَ إليها فأخذَ بيدِها وقبَّلَها وأجلسَها في مجلسِه وَكانَ إذا دخلَ عليها قامت فأخذت بيدِه فقبَّلتهُ وأجلستهُ في مجلسِها» [ أخرجه أبو داود والترمذى اسناده صحيح]
كان يفعل ذلك فى مجتمع معروف عنه وأد البنات ويعتبر إنجاب البنات معرة وإن العار الحقيقى هو أن يفرق الأب بين أبنائه فيؤثر البنين على البنات ويعتبرونهم رمز العزة والفخر حتى فى مجتمعاتنا الحديثة الآن فيطيح بأحلام الفتاة فى أب يحتويها ويحنو عليها فتضطر للبحث عن العاطفة خارج المنزل وما أكثر اللصوص الذين يجدون فى ذلك فرصة لإشباع رغباتهم وشهواتهم فيا أيها الآباء أشبعوا بناتكم من الحب والاحتواء حتى لا يأتيهم الحب من الأبواب الخلفية
وعندمات أتمت عامها الخامس جاءها النبأ العظيم ألا وهو بعثة أبيها وردود فعل من حوله من الأهل والأقارب رأت بعينيها مساندة أمها لأبيها ونصرته هى وصديقه الصدوق أبو بكر وبعض عبيد وموالى رأتهم وقد جمعهم رباط العقيدة والتوحيد وعبادة إله واحد ترى والديها يجتمعان على طاعة الله ومدارسة القرآن وقد تشبعت بهذ الجو الإيمانى كما رأت الإيذاء والسخرية من الدعوة التى تعرض لها أبوها وأصحابه إذ كانت بطلة أحد مشاهد الإيذاء يوما حين وضع عقبة بن أبى معيط سلا جزورٍ على ظهر رسول الله فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة - رضى الله عنها – فأزالته عن ظهره الشريف " فما زادها هذا الموقف إلا تمسكاً بهذا الدين والدفاع عنه حتى الموت
كم تحمل قلب الفتاة الصغيرة التى لم يتعد عمرها العشرين عاما فكم من محنة مرت بها فلم نجد منها إلا الصبر فلم تجزع أو تكتئب أو تلعن الدنيا كما يفعل البعض تحملت الإيذاء فى الله وحصار الشعب ثم ابتلاء وفاة والدتها وهى فى سن صغيرة وكانت أشد احتياجا إليها فى فترة المراهقة التى تحتاج كل بنت لأمها لتأخذ بيدها حتى تمر هذه المرحلة بسلام وعلى الرغم من ذلك لم تفرط فى دينها رغم صعوبة ما مرت به لأنها تعلم حقيقة الحياة الدنيا وأننا فيها غرباء وليست بموطننا الأساسى فترضى هنا لتفوز هناك
كل ذلك ولم تكن فاطمة قد تزوجت فقد اعتبرت نفسها ربة المنزل نظرا لزواج أخواتها إلى أن تزوج أبوها من السيدة سودة بنت زمعة ثم ما لبث ان تزوج بعائشة رضى الله عنها وعندها أدركت فاطمة أن أباها قد وجد السكن والراحة مع عائشة وكان قد تقدم على رضى الله عنه لخطبة فاطمة فى هذا التوقيت
زواج فاطمة :
ولندع على رضى الله عنه يحكى القصة التى لم يكن ليقدم عليها إلا على وجل لمكانتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يملك الإمكانيات التى تليق ببنت رسول الله ولكن شجعه على ذلك أنه ربيب النبى وابن عمه يقول على رضى الله عنه : «خُطبت فاطمة إلى رسول الله ، فقالت لي مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خُطبت إلى رسول الله ؟ قلت: لا. قالت: فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله فيزوِّجك. فقلت: وعندي شيء أتزوج به؟! فقالت: إنك إن جئت رسول الله زوَّجك. فوالله ما زالت ترجِّيني حتى دخلت على رسول الله ، وكانت لرسول الله جلالة وهيبة، فلما قعدت بين يديه أفحمت، فوالله ما أستطيع أن أتكلم، فقال: "ما جاء بك، ألك حاجة؟" فسكتُ، فقال: "لعلك جئت تخطب فاطمة؟" قلت: نعم. قال: "وهل عندك من شيء تستحلها به؟" فقلت: لا -والله- يا رسول الله. فقال: "ما فعلت بالدرع التي سلحتكها". فقلت: عندي والذي نفس عليٍّ بيده، إنها لحطمية ما ثمنها أربعمائة درهم. قال: "قد زوجتك، فابعث بها، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله"» .
وعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه قال: "تزوج علي بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في رجب بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بخمسة أشهر، وبنى بها مرجعه من بدر، وفاطمة يوم بنى بها علي بنت ثماني عشر سنة".
أما عن جهاز العروس "الكاملة " وبيتها وهى التى اجتمعت فيه كل مميزات التى تنكح المرأة من أجلها فإن أراد رجل امرأة لحسبها فما أشرفه نسباً من بيت النبوة وإن نكحها لجمالها فمن بجمال فاطمة التى هى أشبه بأبيها الذى ذكر فى وجهه وهيئته فصول من الكتب لبهاء ووضاءة و جهه وإذا نكحت المرأة لدينها فإنها من السابقين للإسلام وأنها تربت فى بيت أشرقت منه نور النبوة ليضىء العالم أجمع وهكذا اجتمع لفاطمة كل ما يبغيه الرجل فى زوجته فها هو على رضى الله عنه يصف لنا بيت العروس فعن عامر قال: قال علي: "لقد تزوجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار، وما لي ولها خادم غيرها"
هكذا تزوجت بنت أشرف الخلق أجمعين لم تتكبر أو تتعال على زوجها بحسبها ونسبها وأنها قد تقدم لها الأفضل منه كما تفعل بعض النساء اليوم فتظل الزوجة تعتقد أنها كانت تستحق أفضل من زوجها فتعيش فى معاناة تنغص عليها حياتها فهي رضي الله عنها -وإن كانت تعلم أنها بنت سيد المرسلين وخاتم النبيين لم تطمع في رغد العيش بل إنها قد ضُرب بها المثل في زواجها اليسير المهر , حيث علمتنا أنه ليست السعادة بكثرة مال ولكن السعيد من جعل الله غناه فى قلبه فكم من أناس يعيشون فى قصور ولكن حياتهم حياة الأموات لا حراك لقلوبهم فياليت كل فتاة تقتدى بفاطمة ولتوقن فى قول الله تعالى :" {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور:32] وكل أب إذا وجد الكفء لابنته والصالح حقا فلا يتردد فى أن يساعده فالهدف من الزواج إعفاف النفس وليس التباهى والتفاخر فقد ترفض أسرة الفتاة شاب صالحاً طموحاً لقلة الإمكانيات أو لأنه لا يستطيع أن يشترى شقة فى الموقع الذى يختارونه وهم لا يدرون مدى احتياج ابنتهم لتكون زوجه وأماً