علمتنى فاطمة الزهراء (رضى الله عنها ) - 2
إيمان الخولي
يبدءون حياتهم بمعصية فيبقى أثرها فى حياتهم بنزع البركة منها لأنه بيت لم يؤسس على الطاعة من أول يوم بخلاف بيت أجتمع الزوجان فيه على طاعة معا وياليت كل زوجين يستنان بسنة النبى صلى الله عليه وسلم
- التصنيفات: السيرة النبوية -
ليلة مباركة :
لما كانت ليلة زفاف الزهراء قال النبى صلى الله عليه وسلم لعلى :" يا على إنه لابد للعروس من وليمة " قال سعد : عندى كبش وجمع له الأنصار أصوعا من ذرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا تحدثن شيئا حتى تلقانى " فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء وتوضأ منه ثم أفرغ منه عليهما وقال : " اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما فى نسلهما " ما أسعدها ليلة دعا فيها رسول لله للعروسين تخيلى أن رسول الله يدعو لك فى ليلة عرسك بالبركة لك ولذريتك هكذا مرت ليلة العرس بدون رقص واختلاط وعرى كما نشاهد الآن يبدءون حياتهم بمعصية فيبقى أثرها فى حياتهم بنزع البركة منها لأنه بيت لم يؤسس على الطاعة من أول يوم بخلاف بيت أجتمع الزوجان فيه على طاعة معا وياليت كل زوجين يستنان بسنة النبى صلى الله عليه وسلم
وبعد زواجها -رضي الله عنها- عاشت حياة بسيطة متواضعة، فكانت تطحن وتعجن خبزها بيديها مع إدارة كافة شئون بيتها الأخرى، حتى أنها ذهبت لأبيها تشتكى له أنها قد طحنت حتى كلت يداها فهل لها من خادم يخدمها فما كان من النبى إلا أن علمها كلمات تغنيها عن الخادم " تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين."
إنها الوصفة النبوية التى غابت عن كثير من نسائنا إذا أضناهن عناء النهار أن يلجأن إلى من يعينهن على تحمل أعباء النهار إنه القادر سبحانه وتعالى على أن يعين على تحمل صعاب الحياة وأحزانها ألهذا الحد الذكر يؤثر على صحة الإنسان ويعطيه القوة لمواصلة العمل والجهد أليس هو القائل :" ولذكر الله اكبر ..." وقال أيضا " فيه شفاء لما فى الصدور ...." فهلا اقتدينا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتسبيح بدلاً من خادم إذا كان الزوج لا يملك أن يأتى لزوجته بمن يساعدها فليسبحوا وليكبروا وليحمدوا الله ثلاثاً وثلاثين مرة
ثم يأتى يوما النبى صلى الله عليه ليزور ابنته فوجد مشكلة بينها وبين زوجها ترى مازال فعل الوالد الحكيم هل قال لها تعالى معى ولما يعرف غلطته يجى يصلحك هو مش عارف أنت بنت مين ؟ ! " هكذا يفعل بعض الأباء فى عصرنا هذا
دعنا نرى ما حدث عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي البَيْتِ، فَقَالَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟» قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ: «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟» فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ»» .
ترى كيف واجه الزوج فى البداية الموقف بأن ترك البيت إلى أن تسكن فورة الغضب وحتى لا يصدر منه ما لا يحمد عقباه ولا يليق ببنت رسول الله وترى دور الأب هنا فى استيعاب المشكلة بأن ذهب إلى الزوج ليستفهم منه ويمتص الغضب بكلمات حانية برغم مكانته العالية فلم يستكبر أن يمد يد الصلح لزوج ابنته ولم يعاتبه على ما صدر منه تجاه ابنته ودليل أيضا على أن أهل الفضل قد يقع منهم من مشادات بينه وبين زوجته حتى لا يستنكر الأزواج ذلك ويعطى الدرس للأباء أن يعاملوا أزواج بناتهم بشىء من الرفق واللين بحثا عن حل للمشكلة وليس أن تاخذه العزة بالإثم فيكون السبب فى طلاق ابنته
وفاطمة لم تكتف انها ربة منزل فقط تسعى على تدبير شئون أسرتها ولكن لم تغفل عن دورها كمجاهدة فى سبيل
الله فكانت ممن خرجن يوم أحد لمداواة الجرحى وسقياهم فلما جرح أبوها كانت تغسله وعلى يسكب الماء بالمجن فلما رأت الدم يزيد أخذت قطعة من الحصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم وهى التى وقفت بشجاعة أمام مشركى مكة تزيل عن ظهره الأذى وهو يصلى عند المسجد ولم تخف من بطشهم وهكذا لم تترك ساحة ولا مكان إلا ولها فيها سهم حق لها أن تكون قرة عين للنبى صلى الله عليه وسلم ويقول فيها «فاطمة بضعة منى فمن أغضبها أغضبنى» " [رواه البخارى]
من ينظر إلى حياة السيدة فاطمة من الخارج يقول ما أسعدها أبوها سيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم وأمها من أشراف مكة وزوجها شهيد وابناءها من شهداء الجنة ما أسعدها حقا ولكن من يُمعن النظر فى حياتها يجدها دفعت ثمن الجنة فى حياتها فما أكثر المحن التى مرت بها فقد عانت الإيذاء فى الله منذ صغرها وكانت من المحاصرين فى الشعب مع والديها أى حصار يفرض على طفلة فى مثل هذا العمر لعل أطفال سوريا وغزة يجدون فيها المثل والقدوة ثم تأتى المحنة الثانية بوفاة والدتها فقدت اليد الحانية عليها والقلب الكبير الذى يحتوى كل اعباء الحياة فما أن زادها ذلك إلا تعلق بأبيها وأخواتها ثم تتوالى المحن عليها وكأنها إرادة الله أن يستخلصها لنفسه أن يموت كل أخواتها فى حياتها وهى شاهدة على ذلك أى قلب يحتمل ذلك ثم تتزوج من على رضى الله عنه هل استراحت من عناء الحياة؟ لا إنما هو الصبر على مشقة الأعمال اليومية التى لا يقوى عليها إلا الرجال ثم تأتى المحنة الكبرى وهى موت أبيها صلى الله عليه وسلم كيف ثبتت قدمها فى ذلك الموقف المهيب الذى طالما قرأنا عنه فقط فى الكتب وذرفت أعيننا فما بالك بمن رأه حقا وتعلق به وخاصة الابنة التى كان لها كل شىء فكيف الحياة بعده فما ربط على قلبها إلا أنه قد بشرها بأنها أول من يلحق به هكذا صقلت المحن شخصية السيدة فاطمة فاستحقت أن تكون من الكاملات علمتنا الصبر على البلايا والمحن بإيمان شديد أن الدنيا دار ممر وليست مستقراً.
ثم يأتى يوم وفاتها الذى تتجلى فيه حرصها على الستر وأن لا يرى أحد تفاصيل جسدها برغم موتها تراها تقول لأسماء بنت عميس : يا أسماء ، إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء ، إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها . فقالت أسماء : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة ؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ، ثم طرحت عليها ثوبا . فقالت فاطمة رضي الله عنها : ما أحسن هذا وأجمله عجبت لامرأة تبحث عن الستر حتى بعد الموت فى حين نرى بناتنا اليوم تلهث وراء الموضة التى تصف الجسد وتكشف أكثر مما تستر
فيا ليت كل واحدة منا تعلم ذلك كم كانت صابرة على المحن والبلايا ولم يمنعها مسئولية بيتها وأبنائها عن أن تكون سباقة بالخير كم نالت هذه العائلة أهل بيت النبوة من الشرف والعز فى الدنيا وسكنت أعالى الجنان فى الىخرة
فسلام عليكم آل البيت فاللهم أذهب عنا رجس الذنوب والمعاصى وطهرنا من أمراض القلوب كما أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا