تأملات في الأسماء الحسنى - مقدمة
يقول ابن رجب رحمه الله (أفضل العلم، العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه والتوكل عليه والصبر عليه والرضا عنه والانشغال به دون خلقه)
بسم الله
{"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا" }
يكاد أي قدر من تأمل في مفردات ومعاني تلك الآية الكريمة يعصف بالقلب ويسلب اللب، الله الجليل العظيم يخبرنا عن نفسه بأنه الخالق أي المبدع على غير مثال سابق والموجد لكل شئ من العدم. كان سبحانه ولا شيء معه قط. مشهد مهيب لذي الجلال والكمال سبحانه قدّر وجود هذا الكون كله من العدم خلق السموات السبع بأفلاكها ونجومها وكواكبها وخلق الأراضين السبع بكل ما فيها وما عليها يتنزل بينهن أمره وتقديره سبحانه وشرائعه وأحكامه لتقيم معاش العباد وتوحد سيرهم وكل أمره سبحانه الكوني والقدري الذي يدبر به أمر الخلائق أجمعين.
كل هذه المظاهر العجيبة والتقديرات المهيبة يخبرنا سبحانه أنها من أجل أن نتعرف عليه ونعلم طلاقة قدرته وإحاطة علمه سبحانه الخالق القدير العليم.
يرتعد المسلم خوفا ووجلا عند تأمله لتلك الآية ويذوب خجلا من تقصيره في معرفة ربه سبحانه التي هي مقصد جوهري أكد عليه القرآن الكريم، فأنى لمسلم أن يستقيم على أمر ربه سبحانه ويعبده حق عبادته ويتوجه إليه بكليته دون أن يعرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله. فلا نجاة لقلب لم تتجل عليه أنوار معرفة أسماء الله وصفاته ولا استقامة لسير ذلك القلب على منهج الله وأمره إن لم يتوجه إلى خالقه كما يحب الخالق سبحانه ويرضى.
يقول ابن رجب رحمه الله (أفضل العلم، العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه والتوكل عليه والصبر عليه والرضا عنه والانشغال به دون خلقه)
ويقول الأصفهاني (أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته فإذا عرفه الناس عبدوه قال الله تعالى "فاعلم أنه لا إله إلا الله" فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته ولو أراد رجل أن يعامل رجلا طلب أن يعرف اسمه وكنيته واسم أبيه واسم جده وسأل عن صغير أمره وكبيره فالله خلقنا ورزقنا ونحن نرجوا رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسمائه وتفسيرها)
انطلاقا من تلك الأهمية الأصيلة، نحاول في تلك الرحلة أن نتأمل معا كل ما ورد ذكره من أسماء الله تعالى وصفاته في سنة نبيه وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم وكيف وردت في سياق الأحداث والتعاليم محاولين أن نستخلص الدرس والحكمة من خلال تأمل ذكر كل اسم وصفة لله تعالى فيها تحت ظلال معايشتنا لمختصر صحيح البخاري المسمى "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للإمام الزبيدي"
- التصنيف: