التبيان في فضائل وأحكام شعبان
وفي الصيام من أهم ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليه صيام شهر شعبان الذي هو مقدّمة لرمضان كما أسلفنا
- التصنيفات: ملفات شهر شعبان -
الشيخ/عبدالله رفيق السوطي
- إن شهر شعبان هو المقدّمة لشهر أجل وأعظم, شهر القرآن, شهر فيه ليلة القدر, شهر المغفرة والعتق من النيران, شهر الفضائل والمكرمات, إنه شهر رمضان الذي ينبغي أن يستعد المؤمنون له الاستعداد الروحي الكامل, وهذا هو هديه صلى الله عليه وسلم في شعبان كما سيأتي- إن شاء الله-.
-وإن من سنن الله أن جعل لكل عبادة عبادة من جنسها تسبقها أو تتبعها ومن ذلك لو أخذنا الفرائض: قبل الصلوات الخمس هناك النوافل القبلية الممهّدة لها, وهكذا بعدها الرواتب والنوافل المطلقة الأخرى..., وفي الزكاة الصدقات, وفي الحج العمرة, وفي الصيام من أهم ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليه صيام شهر شعبان الذي هو مقدّمة لرمضان كما أسلفنا, وقد بيّن في حديث صحيح الحكمة من اهتمامه عليه الصلاة والسلام بصيام شعبان فعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: « قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ , قَالَ: " ذَلِكَ شَهْرٌ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ , يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ , وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ , فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» " [والحديث صحّحه الألباني,] فهو شهر عظيم, ومن عظمته أن الله اختاره لرفع أعمال عباده فيه كما مرّ في الحديث, وهذا رفع أعمال العباد خلال السنة وإلا فهناك رفع يومي كما في حديث: أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (( «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ، مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْناهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» )) [متفق عليه] , وهناك رفع أسبوعي كما وردت به الأحاديث الصحاح: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول-: (" « تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ, وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيَغْفِرُ اللهُ - عز وجل - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا, إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ» ) وفي رواية: ( «إِلَّا الْمُتَهَاجِرَيْنِ فيَقُولُ اللهُ لِلْمَلَائِكَةِ: ذَرُوهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا » ")وفي رواية:(( «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ» )) وفي رواية: (( «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ» )), وهناك الرفع الختامي وذلك في نهاية عمر الإنسان.
-ولقد كان الناس في الجاهلية-وطبعاً وأصحاب الجاهلية المعاصرة من الجهّال والحمقى يعظّمون رجب لا شعبان كصومهم له, وسبق لي أن تكلّمت مفصلا في منشور سابق شهر رجب في ميزان الفقه الإسلامي- يعظّمون شهر رجب فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلّم فعظّم شعبان بصومه له وكثرة تنسّكه فيه, ولقد عظّمه الله أيضاً حين اختار تحويل القبلة فيه.
الصيام في شعبان
-من أهم وأعظم العبادات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان عبادة الصيام, فلقد وردت كثير من الأحاديث الصحيحة التي تفيد بمجملها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص كل الحرص على صيام أكثر شعبان، حتى أن من فرط اهتمامه بصيامه وصَفَته عائشة وأم سلمة بأنه كان يواصله برمضان؛ تأكيدا منهما على كثرة أيام شعبان التي صامها، والتي لم يعهد عنه في أي شهر يصوم مثل شعبان(غير رمضان)، ومن تلك الأحاديث:
- عن أبي سلمة قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (( «كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صام من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا» )) [رواه البخاري ومسلم ] [وهذا لفظ أبي داود] .
-وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (( «كان أحب الشهور إليه أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان» )) [رواه أبوداود وصحّحه الألباني] .
- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (( « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان» )) [رواه أبوداود وصححه الألباني] .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:(( «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان» ))، رواه البخاري ومسلم وأبو داود و رواه النسائي والترمذي وغيرهما قالت: (( «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله» ))، وفي رواية للنسائي قالت: (( «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشهر أكثر صياما منه لشعبان كان يصومه أو عامته» ))، وفي رواية للبخاري ومسلم قالت: (( «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله » )), فهذه الأحاديث وغيرها تدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيام أكثر شعبان، وقول عائشة وأم سلمة بأنه كان يصوم كله إنما هو مبالغة في صيامه لشعبان على الراجح، أو أنه كان يصوم أحيانا لكل شعبان وأحيانا لأغلبه، والأوّل هو ما رجحه ابن حجر وغيره؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( «ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا قط غير رمضان» )).
-هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان لا هدي الجهلة والمبتدعة الذين يحرصون على صيام رجب بل لا يفطرون منه يوما، فإذا جاء شعبان لا يصومون منه يوما؛ مخالفة صريحة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله, بينما ربنا يقول: ﴿ {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ} ﴾[النور: ٦٣].
وليراجع منشوري *شهر رجب في ميزان الفقه الإسلامي*
تأكيد صيام سرر شعبان
-ولقد جاءت الأحاديث الصحيحة تؤكد على صيام ولو بعض شعبان –لمن لم يستطع صيام أكثره- وهي سرره(أيام البيض13 و14 و15) فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ: « (" قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لِرَجُلٍ: هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ شَيْئًا؟ " قَالَ: لَا), فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -:( " فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ ") » متفق عليه.
حكم الصوم بعد نصف شعبان
وهنا يجدر التنبيه لجملة أحاديث صحيحة في حكم الصوم بعد نصف شعبان: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (" « إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فلَا تَصُومُوا حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ» ") وفي رواية: (" « لَا صَوْمَ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَتَّى يَجِيءَ شَهْرُ رَمَضَانَ» "), رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وصحّحه الألباني، وفي رواية للبيهقي والدارقطني وصحّحه الألباني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( «أَحْصُوا هِلَالَ شَعْبَانَ لِرَمَضَانَ وَلَا تَخْلِطُوا بِرَمَضَانَ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صِيَامًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» )). فللأحاديث السابقة نقول: ليس من السنة ابتداء الصيام بعد منتصف شعبان مادام وأنه لم يصم قبل ذلك، ويتأكد النهي إذا اقترب رمضان جدا بحيث لم يتبقَ سوى يوم أو يومين؛ وذلك لحديث: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (" «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ» ")رواه البخاري ومسلم.
وللعلم فالشافعية يحرّمون تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين, ويكره عندهم من النصف؛ للأحاديث الصحيحة, والجمهور يجوّزون؛ لضعّف الأحاديث السابقة لديهم, وبعضهم يرى الكراهة, والراجح التفصيل:
1-فمن كانت عادته الصيام كيوم الاثنين والخميس فلاحرج في صومه ولو قبل رمضان بيوم أو يومين؛ لأنه صام لعادته لا شكّاً في دخول رمضان, أو ابتداء صوما لم يكن يصمه قبل ذلك؛ لما في المتفق عليه: (" « لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ » ").
2-من لم يدركه الزمن لصوم ما عليه من قضاء في رمضان, ولم يقدر البدء إلا بعد نصف شعبان فلا حرج من صومه, بل إذا كان الجمهور يوجبون صيام الواجب من رمضان -لمن أفطر- قبل دخول رمضان آخر وتضايق عليه الوقت فقد يكون صومه هذا من قبيل الواجب؛ إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
3- وأما من بدأ الصيام قبل نصف شعبان فهذا لا يشمله النهي من باب أولى بلاخلاف؛ لقول عائشة رضي الله عنها: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا» ).
*وجوب صيام القضاء قبل مجيئ رمضان*
-الواجب على من أفطر في رمضان لعذر-كالمرأة الحائض أو المسافر- أن يبادر بقضاء ما عليه قبل أن يدخل رمضان آخر؛ ولهذا جاء في المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: )) « كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ((، قَالَ يَحْيَى –أحد الرواة-: (الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)» [متفق عليه] , ولعلها كانت تصوم مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يكثر الصيام في شعبان كما سبق وتعلم ذلك منه, أما غير شعبان فلا تعلم يقينا أنه سيصوم, ولهذا جاء في المتفق عليها قولها:(( «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم» )).
*صيام يوم الشك*
-واليوم الذي يسبق شهر رمضان-تحديدا 30شعبان- لا يجوز صومه عند جماهير الفقهاء؛ كشك في دخول رمضان وعدمه فإن كان رمضان فهو عنه وإن لم يكنه فهو نافلة! وفي الحديث الصحيح: عَنْ صِلَةَ بِنْ زُفَر قَالَ:( « كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ, فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ، فَقَالَ: كُلُوا, فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلى الله عَليهِ وسَلم). وانطر لقوله:( فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ),» وقوله هذا له حكم الرفع للنبي صلى الله عليه وسلم فهو ممن عايش النبي صلى الله عليه وسلم حياته كلها ومع هذا لم يره صائما ليوم الشك, ثم فيه زيادة على العبادة المفروضة التي أمرنا الله بها (رمضان), واستدراك للشرع, ناهيك على أننا نتعبد الله بالنصوص والنص قد دل على رؤية الهلال وعدمه, ثم إن من علة تحريم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: الفصل بين الفرض والنفل فلا يدخل صوم شعبان النفل في صيام رمضان الفرض, وهذا الفصل قد أكدت عليه الشريعة في الصيام وغيره وكثيرا, وذلك كتحريم صيام يوم العيد، فيفصل العيد بين الفرض وبين من أراد النفل أو صيام واجب آخر عليه, وكذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة نفل حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام، وهكذا كُره للإمام أن يتطوع في مكانه، بل كُره له أن يستديم جلوسه بعد الصلاة مستقبلا القبلة بل ينحدر تجاه المصلين.
ثم قد ورد النهي عن صيام يوم الشك عن غير عمار منهم ابن عباس وغيره فعَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: «(أَصْبَحْتُ فِي يَوْمٍ قَدْ أُشْكِلَ عَلَيَّ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ, فَأَصْبَحْتُ صَائِمًا, فَأَتَيْتُ عِكْرِمَةَ، فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَبَقْلاً فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ, فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: أُقْسِمُ بِاللهِ لَتُفْطِرَنَّ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ حَلَفَ وَلَا يَسْتَثْنِي تَقَدَّمْتُ, فَتَعَذَّرْتُ وَإِنَّمَا تَسَحَّرْتُ قُبَيْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قُلْتُ: هَاتِ الآنَ مَا عِنْدَكَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلى الله عَليهِ وسَلم: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ, وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ فَكَمِّلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ، وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالاً), وعَنْ عَامِرِ الشَّعْبِيِّ: «أَنَّ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، كَانَا يَنْهَيَانِ عَنْ صَوْمِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ رَمَضَانَ»» .
*ليلة مباركة*
-من عظيم فضل شعبان أن الله يطلع فيه على العباد في ليلة نصفه فيغفر لهم جميعاً إلا من استـثـنـته الأحاديث التي صحّحها بعض المحدّثين كالألباني: فَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «(" إِنَّ اللهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ , فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ , إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ " ) وفي رواية: ("فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِين، وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ , حَتَّى يَدَعُوهُ ")» .
ويصدق في هذه اللية حديث أَنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «(افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ)» . و [حسّنه الألباني] , وإن هذه الليلة لمن نفحات الله فلنتعرّض لها.
وليراجع منشوري الليلة المباركة.
*ليلة النصف من شعبان والعبادة فيها*
-قد وردت كثير من الأحاديث عن ليلة النصف من شعبان والعبادة فيها, وتخصيصها بقيام أو ذكر وغير ذلك, أو نهارها بصيام.. وخلاصة أقوال المحدّثين في تلك الأحاديث بأن: الوارد إما ضعيف جداً أو موضوع.
وقد أحسن البحث فيها صاحب كتاب: إرواء الظمآن بما ورد في ليلة النصف من شعبان قال:( وقد رويت أحاديث متعددة في أمور تتعلق بشهر شعبان وهي على أنواع كما يلي:
- أحاديث في فضل ليلة النصف من شعبان ويومها وهي على أنواع:
أ/ أحاديث في النزول الإلهي ليلة النصف ومغفرة الله لخلقه باستثناء المشرك والمشاحن وفي أحاديث استـثـنت العاق وقاطع الرحم والزانية.
بَ/ أحاديث في فضل قيام ليلة النصف وبعض الصلوات المخصوصة ، وبعض الأدعية المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تلك الليلة وأن الدعاء فيها لا يُرَدّ.
جَـ/ أحاديث في فضل صيام يوم النصف على الخصوص.
د/ أحاديث في أن الأعمال ترفع ليلة النصف وفيها تقسّم الأرزاق وتقطع الآجال).