كيف أطرد الصور الإباحية التي شاهدتها من مخيلتي
ان الغريق يحتاج إلى أن يُنقذ نفسه وأن يسعى في أن يخرج نفسه من لُجَّة البحر الذي إن استسلم فيه أغرقه وأهلكه، ولذلك فإن من غرق في مستنقع الفتن والشهوات - لا بد أن تكون كافية في عظتك ونصحك، فأنت تدرك أن هذا السبيل هو سبيل الخطيئة
ان الغريق يحتاج إلى أن يُنقذ نفسه وأن يسعى في أن يخرج نفسه من لُجَّة البحر الذي إن استسلم فيه أغرقه وأهلكه، ولذلك فإن من غرق في مستنقع الفتن والشهوات - لا بد أن تكون كافية في عظتك ونصحك، فأنت تدرك أن هذا السبيل هو سبيل الخطيئة، سبيل البعد عن الله، سبيل فوات مصالحك في دينك ودنياك. إنك أنت الشاب المؤمن الذي يحمل على كتفيه هم هذه الأمة العظيمة، هم نصرتها وهم القيام لها، وتحمل كذلك أمر رعاية أسرتك، إنك أنت رجل البيت الذي لا بد أن تكون معينًا لوالدك قريبًا من والديك حفظهما الله تعالى ورعاهما، فتكون أنت الشاب المؤمن الذي يقر عين والديه في جميع شأنه، وحتى إذا جاء ذلك اليوم الذي تتقدم فيه لفتاة صالحة رأيت أنها تفرح بك وتحرص عليك ورأيت من أصهارك أنهم يفتخرون بأن زوج ابنتهم على هذه الصفة الطيبة من الحفاظ على طاعة الله جل وعلا، وإنك لقادر على ذلك.
فإن قلت: وهذه الفتن التي هي من حولي؟ والجواب: وها أنت تنظر كم من شباب مؤمن متشبث بطاعة الله قائمٍ بما أمر الله جل وعلا حريص على اتباع سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه ثابتٌ على ما أمر الله تعالى به، أليس يعاني ما تعانيه أنت؟ أليست تمر به الفتن كما تمر بك أنت؟!
فلا بد إذن أن تكون من البداية مصممًا على الثبات وألا تستسلم من البداية، وبعبارة أخرى: لا تهيئ نفسك للاستسلام وللوقوع في شأن هذه الشهوات المحرمة بدعوى أنني لا أستطيع الثبات وأن الفتن حولي متلاطمة. نعم إن الفتن كثيرة ومنتشرة والصوارف عديدة ولكن هنالك ثابت المؤمن، هنالك قول النبي صلوات الله وسلامه عليه: «بدأ الدين غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء» (رواه مسلم في صحيحه)، وقوله صلوات الله وسلامه عليه: «يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر» (رواه الترمذي)، ومع هذا فهو قابض على دينه وإن كان يشعر بالألم – ألم الفتنة وألم الصبر – ولكن تجده متثبتًا فيصبره الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ومن يستعفف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً أوسع من الصبر» (رواه مسلم في صحيحه).
وهناك الثبات بطاعة الله جل وعلا، فأنت لابد لك من أن تقترب من ربك أكثر، لأن الطاعة تورثك الثبات، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً}،
وها هو صلى الله عليه وسلم يقول: «الدعاء هو العبادة» ثم تلا قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. وخرج الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن ربكم حييٌ كريم يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفرًا» (أخرجه الترمذي في سننه)، أي أن يستحي أن يردهما خاليتين.
فإن قلت: فأنا أدعو ولا أرى أن الله جل وعلا يستجيب لي؟ والجواب: إن فهمك لحقيقة الاستجابة لا بد أن يكون أبعد من مجرد أن تعرف أن تدعو الله بشيء فيحصل على الفور ويتحقق أمام عينيك، فقد بيَّن صلى الله عليه وسلم هذا المعنى تمام البيان فقال: «ما من مسلم يدعو الله تعالى بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نُكثر، قال: الله أكثر» (خرجه الترمذي سننه)، أي الله أكثر إحسانًا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة أنه يستجاب للعبد ما لم يستعجل، قالوا: وكيف يستعجل؟ قال: «يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء».
فعليك إذن بأن تدعو ربك وأن تلجأ إليه، وهذا جانب مطلوب، ولكن أيضًا مطلوب العمل والخطوة إلى الأمام بأن تكون بعيدًا عن أسباب الفتنة بعيدًا عن أسباب الاختلاط، غاضًا بصرك. وها هنا لفتة عظيمة لو أنك حرصت عليها: أن تكون مع إخوة صالحين، هذه الثلة الطيبة من الأخوة الفضلاء الذين يعينونك على طاعة الله، الذين تقيم معهم حلقة لتجويد كتابه العزيز، الذين يدعون إلى الله جل وعلا وتشترك معهم في نشر الخير بين الناس، فبهذا تكون أنت المؤمن والشاب المستقيم وتجد أنك بحمد الله عز وجل قد وجدت السبيل السليم الذي فرغ من طاقات نفسك والذي يجعل أمنياتك محققة في الواقع، هذا مع تذكر عظيم الأجر الذي تناله بالصبر. وها هنا أمر لطيف لو أنك تأملته وهو: أن تعلم أن لذة الانتصار على هوى النفس وعلى كيد الشيطان لذة لا تعدلها لذة الوقوع في المحرمات، وعزة الطاعة التي ينالها المؤمن لا تعدلها ذلة المعصية ولو نال الإنسان لذة من شهوات الدنيا المحرمة.. فاحرص على هذا وتوكل على الله جل وعلا فإنك جدير به.
- التصنيف: