من أقوال السلف في الفتن -2
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إذا سلم العبدُ من فتنة الشبهات والشهوات حصل له أعظم غايتين مطلوبتين, بهما سعادته وفلاحه وكماله, وهما الهُدى والرحمة"
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تعذرها بما يقع من الفتن:
قال الإمام النووي رحمه الله: معنى الحديث الحثُّ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها, والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة, كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر.
- الفتنة تتقى بالإيمان والصدق والتقوى:
** قال بكر المزني: لما كانت فتنة ابن الأشعث, قال طلق بن حبيب: اتّقوها بالتقوى
** قال الإمام العبكري رحمه الله: الفتن على وجوه كثيرة, وضروب شتى, قد مضى منها في صدر هذه الأمة فتن عظيمة نجا منها خلق كثير, عصمهم الله فيها بالتقوى.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: في الحديث الصحيح: (( « إن الدجال مكتوب بين عينيه كافر, يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ» )) فدل على أن المؤمن يتبين له ما لا يتبين لغيره ولا سيما في الفتن.
** قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن
** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: علاج الفتن يكون بالاعتصام بالكتاب والسنة, قال جل وعلا: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:92]
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: المؤمن لا بد أن يفتن بشيء من الفتن المؤلمة الشاقة عليه, ليمتحن إيمانه, كما قال الله تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:1_2] ولكن الله يلطف بعباده المؤمنين في هذه الفتنة, ويصبرهم عليها, ويثيبهم عليها, ولا يلقيهم في فتنة مضلة مهلكة تذهب بدينهم, بل تمّر عليهم الفتن, وهم منها في عافية.
- الحلم في الفتن:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: الحلم في الفتن وعند تقلب الأحوال محمود أيما حمد, ومثنى عليه أيما ثناء, لأنه بالحلم يمكن رؤية الأشياء على حقيقتها, ويمكن بالحلم أن تبصر الأمور على ما هي عليه.
- الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: التضرع عند نزول الفتنة ولا سيما في الليل, لرجاء وقت الإجابة لتكشف, أو يسلم الداعي, ومن دعا له, وبالله التوفيق.
- العبادة في الفتن:
قال الإمام النووي رحمه الله: المراد بالهرج هنا الفتنة, واختلاط أمور الناس, وسبب كثرة فضل العبادة فيه, أن الناس يغفلون عنها, ويشغلون عنها, ولا يتفرغ لها إلا أفراد
- قلة الكلام في الفتن:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ : كان السلف في الفتن يكثرون الصمت, ويقلون الكلام, ولهذا كانت كلماتهم تحفظ, وتنقل, وأما كلام الخلف فهو كثير, و في الفتن يكون أكثر, وهذا من قلة العلم بنهج السلف في ذلك.
- عدم تصديق الشائعات, أو نشرها بين الناس:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: من المعالم في الفتن التي ينبغي أن تتفطنوا لها وتحذروا منها, المسارعة في تصديق الشائعات وتلقفها بمجرد سماعها لأول مرة, ومن ثم السعي في نشرها وبثها بين الناس, وإصدار الأحكام بناء على تلك الإشاعة وتعويلاً على لوازمها فترجفون في أوساط الناس بنشر الشائعات.
- استشارة أهل العلم عند نزول الفتن:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: استشارة أهل العلم والدين عند نزول الفتن.
- الفرار من الفتن:
** قال الإمام البربهاري رحمه الله: إذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك وفرَّ من جوار الفتنة
** قال الإمام السعدي رحمه الله: من فرَّ بدينه من الفتن سلمه الله منها, وأن من حرص على العافية عافاه الله, ومن أوى إلى الله آواه الله.
- التمسك بالكتاب والسنة والفقه في الدين نجاة من الفتن
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: طريق النجاة من صنوف الفتن هو التمسك بكتاب الله وبسنة رسوله عليه الصلاة والسلام....كل أنواع الفتن...لا سبيل إلى التخلص منها, والنجاة من شرها إلا بالتفقه في كتاب الله, وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ومعرفة منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم, ومن سلك سبيلهم من أئمة الإسلام ودعاة الهدى.
- بالصبر واليقين تدفع فتنة الشبهات والشهوات:
قال ابن القيم رحمه الله: فتنة الشبهات تُدفعُ باليقين, وفتنة الشهوات: تُدفع بالصبر
ولا يُنجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول, وتحكيمه في دقّ الدين وجله, ظاهره وباطنه, عقائده وأعماله, حقائقه وشرائعه, فيتلقى عنه حقائق الإيمان, وشرائع الإسلام, وما يُثبتُه الله من الصفات والأفعال والأسماء, وما ينفيه عنه.
- عدم الخوض في الفتن والدخول فيها:
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: إياكم والفتن لا يشخص إليها أحد, فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن,...ما الخمر صرفاً بأذهب بعقول الرجال من الفتنة,...وليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق.
- حال المؤمن عند وقوع الفتن:
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا حصلت الفتن, فالواجب على الإنسان أن يصبر, وأن يحاول كشف هذه الفتن ما استطاع, ولا يجوز له أن يعتزل الناس ما دام قادراً على أن يُسهم في إزالة هذه الفتن, أو تخفيفها, نعم لو فرضنا أن الرجل لا يستطيع أن يُدافع هذه الفتن, ويخشى على نفسه, فهنا الأولى أن يعتزل الناس.
- عدم تنزيل أحاديث الفتن على واقع حاضر:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: لا تطبق أيها المسلم أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه, فإنه يحلو للناس عند ظهور الفتن مراجعة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن, ويكثر في مجالسهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا, هذا وقتها, هذه هي الفتنة ونحو ذلك. والسلف علمونا أن أحاديث الفتن لا تنزل على واقع حاضر, وإنما يظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أخبر من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها, مع الحذر من الفتن جميعاً.
- الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عن دفعها:
قال ابن تيمية رحمه الله: الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء.
أبيات كانوا يستحبون أن يتمثلوا بها عند الفتن:
عن خلف بن حوشب كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن:
الحربُ أول ما تـــكــــــــــــــــــون فتيـــةً تسعى بزينتها لكلّ جهـــــــــول
حتى إذا اشتعلت وشبّ ضرامها ولّت عجوزاً غير ذات حليل
شمطاءَ يُنــكــــــرُ لــــــــــــــونها وتغيـرت مكروهة للشـــــــــمّ والتــــــــــقبيل
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والمراد بالتمثل بهذه الأبيات استحضار ما شاهدوه وسمعوه من حال الفتنة, فإنهم يتذكرون بإنشادها ذلك فيصدهم عن الدخول فيها حتى لا يغتروا بظاهر أمرها أولاً.
- من أراد الله تعالى به خيراً في الفتن:
** قال الإمام الآجري رحمه الله: الفتن على وجوه كثيرة...فمن أراد الله تعالى به خيراً فتح له باب الدعاء, والتجأ إلى مولاه الكريم, وخاف على دينه, وحفظ لسانه, وعرف زمانه, ولزم الحجة الواضحة السواد الأعظم, ولم يتلون في دينه, وعبد ربه عز وجل, فترك الخوض في الفتنة.
وختاماً فإن الفتن تكثر وتعظم في آخر الزمان, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدُلَّ أُمتهُ على خير ما يعلمه لهم, وينذرهم شر ما يعلمه لهم, وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها, وسيُصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها, وتجيءُ فتنةً فيرقق بعضها بعضاً, وتجيءُ الفتنةُ فيقول المؤمن: هذه مهلكتي, ثم تنكشف, وتجيءُ الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه, فمن أحب أن يزحزح عن النار, ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يومن بالله واليوم الآخر, وليأت إلى الناس الذي يُحبُّ أن يؤتي إليه» [أخرجه مسلم]
والسعيد من جنب الفتن, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن السعيد لمن جُنب الفتن, إن السعيد لمن جُنب الفتن, إن السعيد لمن جُنب الفتن, ولمن ابتلي فصبر» [أخرجه أبو داود, وصححه العلامة الألباني]
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إذا سلم العبدُ من فتنة الشبهات والشهوات حصل له أعظم غايتين مطلوبتين, بهما سعادته وفلاحه وكماله, وهما الهُدى والرحمة"
إن الدخول في الفتن له عواقب عظيمة قد تؤدى بالبعض أن يمسى مؤمناً ويصبح كافراً, ويصبح مؤمناً ويسمى كافراً, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « بادروا بالأعمال, فتناً كقطع الليل المظلم, يُصبح الرجل مؤمناً ويمسى كافراً, أو يمسى مؤمناً ويصبح كافراً, يبيعُ دينه بعرضٍ من الدنيا» [أخرجه الإمام مسلم]
اللهم نسألك أن تجنبا الفتن ما ظهر منها وما بطن. وأن تجعل شرها على أعداء المسلمين.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ