رقائق من أقوال السلف -1
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
** قال إبراهيم بن أدهم: قد رضينا من أعمالنا بالمعاني, ومن التوبة بالتواني, ومن العيش الباقي بالعيش الفاني.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فتقسو القلوب لأسباب عديدة, من كثرة أكل وشرب وكلام ومخالطة, ومن سماع ومشاهدة لوسائل الاعلام والاتصال, فتحتاج إلى ما يرققها ويلينها, ويكون ذلك بطرق متنوعة, منها: القراءة في الرقائق.
ولأهمية الرقائق, فلم تخلو كتب الحديث النبوي منها, قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال مغلطاي: " عبر جماعة من العلماء في كتبهم بالرقائق" والرقائق جمع رقيقة, وسميت هذه الأحاديث بذلك لأن في كل منها ما يحدث في القلب رقة.
للسلف أقوال في الرقائق, جمعت بفضل الله بعضاً منها أسأل الله أن ينفع بها.
** قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
& من لا يعرف نعمة الله إلا في مطعمه أو مشربه, فقد قلَّ علمه, وحضر عذابه.
& إنما أخشى عليكم اتباع الهوى, وطول الأمل, فإن اتباع الهوى يصُدّ عن الحق ويذكر الدنيا, وطول الأمل ينسي الآخرة.
** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:
& من خالف قوله فعله, فإنما يوبخ نفسه.
& ذهب صفو الدنيا وبقي كدرها, فالموت اليوم جنة لكل مسلم.
& لو وعِدَ أهل النار أن تخفف عنهم يوماً من العذاب لماتوا فرحاً.
& ما أحد أصبح في الدنيا إلا وهو ضيف, وماله عارية, والضيف مرتحل, والعارية مردودة.
& لا راحة للمؤمن دون لقاء الله عز وجل.
& مع كل فرحة ترحه, وما مليء بيت حبرة إلا مليء غبرة.
&لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى والتواضع أحب إليه من الشرف وحتى يكون حامده وذامه عند سواه
** عن معاذ بن جبل رضي الله عنه, لما أن حضره الموت, قال: انظروا أصبحنا ؟ فقيل له: لم تصبح, قال: انظروا أصبحنا ؟ فقيل له: لم تصبح, حتى أتى في بعض ذلك, فقيل له: قد أصبحت, قال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار.
** قال أبو هريرة رضي الله عنه: إياكم ومحقرات الأعمال, فإنها تتراكم أمثال الجبال.
** قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث, ضحكت من مؤمل الدنيا والموت يطلبه وغافل لا يغفل عنه, وضاحك ملء فيه لا يدري أمسخط ربه أم مرضيه, وأبكاني ثلاث: فراق الأحبة: محمد وحزبه, وهول المطلع عند غمرات الموت, والوقوف بين يدي رب العالمين حين لا أدري إلى النار انصرافي أم إلى الجنة.
** قال أبو الدرداء رضي الله عنه:
& البر لا يبلي, والإثم لا ينسى, والديان لا ينام, فكن كما شئت, فكما تدين تدان
& اسمعوا من أخ ناصح, إنكم تجمعون ما لا تأكلون, وتأملون ما لا تدركون, وتبنون ما لا تسكنون, فإن من كان قبلكم جمعوا كثيراً, وأملوا بعيداً, وبنوا شديداً, فأصبح جمعهم بوراً, وأصبح أملهم غروراً, وأصبحت دورهم قبوراً.
& يا أيها الناس. إني لكم ناصح, إني عليكم شفيق, صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور, صوموا في الدنيا لحر يوم النشور, تصدقوا مخافة يوم عسير.
& وكان إذا رأى جنازة, قال: اغدي فإنا رائحون, وروحي فإنا غادون, موعظة بليغة وغفلة سريعة, كفى بالموت واعظاً, يذهب الأول فالأول, ويبقى الآخر لا حِلمَ له.
** جاء رجل إلى أم الدرداء رضي الله عنها, فقال: إن بي داء من أعظم الداء, فهل عندك له دواء ؟ قالت: وما ذاك ؟ قال: إني أجد قسوة في القلب, فقالت: أعظم الداء داؤك. عدِ المرضى, واتبع الجنائز, واطلع في القبور, لعل الله أن يلين قلبك. ففعل الرجل, فكأنه أحس من نفسه رقة, فجاء إلى أم الدرداء يشكر لها.
** قال عمر بن عبدالعزيز: أيها الناس: أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم, واعملوا لآخرتكم تكفوا دنياكم.
** قال مطرف بن الشخير:
& إن أقبح الرغبة أن تعمل للدنيا بعمل الآخرة.
& إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا نعيماً لا موت فيه.
** قال الحسن:
& ابن آدم تموت وحدك, وتدخل القبر وحدك, وتبعث وحدك, وتحاسب وحدك.
& يا عبدالله, إنه من خوفك حتى تلقى الأمن, خير ممن أمنك حتى تلقى المخافة.
& المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها ولا يأنس في عزها للناس حال وله حال
& كم من مستدرج بالإحسان إليه, وكم من مفتون بالثناء عليه, وكم من مغرور بالستر عليه.
& يرحم الله رجلاً لم يغره ما يرى من كثرة الناس.
& إذا رأيت من ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة.
** قال الربيع بن خيثم:
& لا خير في الكلام إلا في تسع: التسبيح, والتحميد, والتهليل, والتكبير, وقراءة القرآن, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وسؤالك الخير, وتعوذك من الشر.
& كان إذا قيل: كيف أصبحت ؟ قال ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
& كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل.
& وقال لأصحابه: أتدرون ما الداء, وما الدواء, وما الشفاء ؟ قالوا: لا, قال: الداء: الذنوب, والدواء: الاستغفار, والشفاء: أن تتوب فلا تعود.
** قال الفضيل بن عياض:
& أعلم الناس بالله أخوفهم منه، ومن خاف الله لم يضره شيء، ومن خاف غير الله لم ينفعه شيء، ورهبة العبد من الله على قدر علمه بالله، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة....وعلى قدر شوقه إلى الجنة.
& من خاف الله لم يضره شيء, ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
& من علم أنه عبد الله, وأنه إليه راجع, فليعلم بأنه موقوف, ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول, ومن علم أنه مسئول فليُعد للسؤال جواباً.
** قال سفيان الثوري:
& أحسن سريرتك يحسن الله علانيتك, وأصلح فيما بينك وبين الله يصلح الله فيما بينك وبين الناس.
& إن هؤلاء الملوك تركوا لكم الآخرة، فاتركوا لهم الدنيا.
** قال ثابت البناني:
& كنا نتبع الجنازة, فما نرى إلا متقنعاً باكياً, أو مقنعاً متفكراً.
& اشتكى عينيه, فقال له الطبيب: اضمن له خصلة تبرأ عيناك, فقال: وما هي ؟ قال: لا تبك. قال: وما خير في عين لا تبكي.
** إسماعيل يحيى المزني كان يغسِّل تعبداً وديانة, قال: تعانيت غسل الموتى ليرق قلبي
** قال يحي بن معاذ الرازي: ما جفت الدموع إلا لقساوة القلوب, وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب, وما كثرت الذنوب إلا من كثرة العيوب. قلت [القائل الذهبي]: وما كثرت العيوب إلا من الاغترار بعلام الغيوب.
** قال الأصمعي: قيل لخالد بن يزيد: ما أقرب شيء ؟ قال: الأجل, قيل: فما أبعد شيء ؟ قال: الأمل, قيل: ما أرجى شيء ؟ قال: العمل.
** عزى شبيب بن شيبة المهدي عن بانوقة (ابنته) فقال: يا أمير المؤمنين, ما عند الله خير لها مما عندك, وثواب الله خير لك منها.
** قال عبدالله العمري: ليس شيء أوعظ من قبر.
** قال هشام الدستواني: إذا فقدت السراج ذكرت ظلمة القبر.
** قال هرم بن حيان: ما رأيت كالنار نام هاربها, ولا كالجنة نام طالبها.
** قال إبراهيم بن أدهم: قد رضينا من أعمالنا بالمعاني, ومن التوبة بالتواني, ومن العيش الباقي بالعيش الفاني.
** مرض عامر بن قيس فبكي فقيل له: ما يبكيك ؟ قال: ما لي لا أبكي, ومن أحق بالبكاء مني والله ما أبكي حرصاً على الدنيا, ولا جزعاً من الموت, ولكن لبعد سفري وقلة زادي وإني أمسيت في صعود وهبوط جنة أو نار, فلا أدري إلى أيهما أصير
** قال وهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
** قال يحيى: ابن آدم, حُفت الجنة بالمكاره فأنت تكرها, وحُفت النار بالشهوات فأنت تطلبها, فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء, إن صبرّ نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عاقبة الشفاء, وإن جزعت نفسه على ما تلقى من ألمِ الدواء طالت به علته.
ــــــــــــــ
** قال يزيد بن ميسرة: البكاء من خشية الله, فذلك الذي تطفى الدمعة منه أمثال الجبال من النار.