الذكر بعد صلاة الفجر حتى الشروق

منذ 2022-05-10

هذه الجلسة في المصلى بعد صلاة الصبح سنة نبوية، ولو تذكر الناس عِظَم أجر من يجلس هذه الجلسة لما فرَّط فيها أحدٌ.

الذكر بعد صلاة الفجر حتى الشروق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين، أما بعد:

ففي الليل يكثر السهر، ثم ينتج عن ذلك إهدار وقت ثمين جدًّا، ما هو؟ هو وقت الصباح يهدر في النوم إلى الظهر، فينتج عن ذلك مساوئ؛ منها:

تفويت صلاة الصبح في وقتها، وقبلها تفويت قيام الليل، أو تفويت أدائها مع الجماعة بالنسبة للرجال، وربما جمع صلاتين أو أكثر معًا، أو تفويت الاستفادة من الوقت الثمين الصباح الباكر.

 

والذين جربوا الجلوس بعد صلاة الفجر وقراءة أذكار الصباح، وتلاوة القرآن إلى ارتفاع الشمس قيد رمح، ثم صلوا ركعتين - وجدوا راحة عجيبة وسعادة لا تُضاهَى، وتذكَّروا فعلًا صدق قوله سبحانه: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارِك لأمتي في بكورها»؛ حسنه الترمذي وصححه ابن حبان.

 

وقول ابن تيمية رحمه الله: هذه غدوتي ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي.

 

وتذكَّروا كيف كانوا وهم فقراء جدًّا، لكنهم أغنياء بالإيمان ومحبة الله سبحانه، والإكثار من ذِكرهم لله عز وجل، كيف كانوا يقولون: إنا لفي نعمة لو علِم عنها الملوك وأبناؤهم، لقاتلونا عليها بالسيوف.

 

ومع أن هذه الجلسة في المصلى بعد صلاة الصبح سنة نبوية ثبتت في صحيح مسلم؛ فإنه وللأسف فرَّط فيها أغلب الناس؛ قال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر جلَس في مُصلاه حتى تطلع الشمس حسنًا؛ (رواه مسلم).

 

والحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين - كانت له بأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة»؛ (رواه الترمذي)، وقال: حديث حسن غريب، وصححه الألباني رحمه الله، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: لا بأس به.

 

ولو تذكر الناس جيدًا الموت وما بعده، وعِظَم أجر من يجلس هذه الجلسة، وما يستفيده من أجر إحياء السنة وزيادة إيمانه بالتلاوة والذكر والصلاة، لما فرَّط فيها أحدٌ؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين عند شرحه لهذا الحديث: (لكن وللأسف أكثرُنا اليوم ينامون في أول النهار، ولا يستيقظون إلا في الضحى، فيفوت عليهم أول النهار الذي فيه بركة)؛ ا هـ.

 

أخي الكريم، فكِّر في نفسك، كم فاتك من أجور عظيمة وتلاوات كثيرة بتفريطك في هذا الوقت الثمين! فعلى سبيل المثال: عندما تجلس هذه الجلسة، ستقرأ ما لا يقل عن جزء كامل أو أكثر، فكم فيه من حسنات بالآلاف أو الملايين، فكيف تفرط فيه؟!

وستحافظ على أذكار كثيرة عظيمة الأجر؛ مثل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة - كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومُحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه»؛ (متفق عليه) ، فكيف تفرط في ذلك؟! علمًا بأن هذا الذكر لا يستغرق في الغالب أكثر من خمس دقائق.

 

وأخيرًا اعلم رحمك الله أن مما يعينك على اغتنام هذا الوقت الآتي:

♦ النية الصالحة.

♦ مجاهدة النفس ومحاسبتها.

♦ الدعاء.

♦ النوم المبكر.

♦ العلم بفضله وسنيَّته، وما ينتج عنه من الحسنات العظيمة.

 

اللهم ارزُقنا الإعانة على الطاعات، وتعظيم الشعائر والسنن، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.

__________________________________________
الكاتب: الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل

  • 5
  • 1
  • 3,344

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً