آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا

منذ 2022-05-13

وهو سبحانه العفو الغفور الودود الذي يغفر الذنوب جميعا ، ولا يتعاظمه ذنب مهما عظم أو تفاحش ، وهو يحب التوابين

{ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا }

اقرأ كتاب الله تعالى ، وتأمل الجمع بين هذه الأمور كلها ، دون إشكال ولا اضطراب ، وآمن بها جميعا على ما أمر الله به ورسوله ، واجمع بين معرفة الحق والجهر به ، والرحمة بالخلق والرفق بهم ، والقيام بالأمر وإعذار الناس ، والحرص على هدايتهم دون تفريط في الشرع ، والجمع بين تلك المشاهد كلها دون شطط ولا جور ، ووضع كل شيء في موضعه دون إفراط ولا تفريط ، ولا تكن من الذين جعلوا القرآن عضين ، وآمنوا ببعض وكفروا ببعض ، بل ليكن حالك ومقالك  { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا

- الله سبحانه ( غفور رحيم ) وذو مغفرة للناس على ظلمهم ، وهو أيضا ( شديد العقاب ) وعذابه هو العذاب الأليم قال تعالى  { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ

- وهو سبحانه الرحيم الرحمان الذي كتب على نفسه الرحمة ، ووسعت رحمته كل شيء ، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها ، لكنه سبحانه كتب رحمته للذين آمنوا وكانوا يتقون  { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ

- وهو سبحانه العفو الغفور الودود الذي يغفر الذنوب جميعا ، ولا يتعاظمه ذنب مهما عظم أو تفاحش ، وهو يحب التوابين ، ويقبل توبتهم ويفرح بها ، يبدل سيئاتهم حسنات ، ويريد أن يتوب على عباده ويدعوهم إلى الجنة والمغفرة بإذنه ، وقد أمر نبيه بالاستغفار للمؤمنين والمؤمنات ، وأخبر أن ملائكته وحملة عرشه يستغفرون لمن في الأرض  {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ

وهو سبحانه أيضا الذي يغضب على الفاسقين والكافرين ويلعنهم ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ،  {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ . وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}  كما أنه سبحانه لا يغفر أن يشرك به وقد نهى عن الاستغفار للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين أنهم أصحاب الجحيم { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ

- وهو سبحانه الحليم الذي يمهل العباد ، ويرفق بهم ، ولا يعجل لهم العقوبة ولو آخذهم بما كسبوا ما ترك على ظهر الأرض من دابة ، لكن أخذه سبحانه بعد طول الإمهال شديد ، وعذابه أليم عظيم مهين كبير لا مثيل له ولا نظير  {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ . وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ

- وهو سبحانه الذي أعد للطائعين الجنة دار النعيم ، وجعل فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، ووعدهم فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وأعطى أهلها نعيما وملكا كبيرا ، وحال بينهم وبين الموت والخوف والحزن ، ومتعهم بالنظر إلى وجه الكريم .

وهو سبحانه الذي خلق النار دار الشقاء والجحيم وجعل طعام أهلها الضريع والغسلين وشرابهم المهل الذي يشوي الوجوه وتركهم فيها مخلدين إن ماتوا غير موحدين ، لا يخرجون منها ولا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم العذاب ولو يوما واحدا  { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ . وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ

- وهو سبحانه الذي كرم بنى آدم وجعلهم خلفاء الأرض وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا وخلقهم في أحسن تقويم  {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا

لكنه سبحانه الذي جعل الكافرين منهم في أسفل سافلين ووصفهم بأنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا ، وضرب مثلا لبعض فسقتهم بالحمار يحمل أسفارا وبالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}  ومسخ بعض المتحايلين على دينه قردة خاسئين  {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ

- وهو سبحانه يحب الرفق في الأمور كلها ، ويأمر به ، ويعطي عليه ما لا يعطي على الشدة والعنف ، ويحب المؤمنين والمتقين و العافين عن الناس ويجازيهم من جنس أعمالهم ، وهو أيضا سبحانه الذي لا يحب الفاسقين ولا الظالمين ولا الكافرين ويبغض المتكبرين المتجبرين ، وقد لعن الكافرين والمنافقين {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا .خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا .يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا

- وهو سبحانه الذي أمر عباده أن يقولوا للناس حسنا ، وأن يقولوا قولا لينا ، وأن يدعو إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة ، وقد أرسل نبيه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين  {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }  وجعل دينه يسرا لا عسر فيه ونفى عنه أي حرج وآصار وأغلال

وهو سبحانه أيضا الذي أمر بجهاد الكفار والمنافقين والإغلاظ عليهم  { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

كما شرع سبحانه الحدود زواجر وجوابر فشرع القصاص ورجم الزاني المحصن وجلد غير المحصن ونهانا سبحانه أن تأخذنا رأفة أو شفقة عند تطبيق الحدود  { فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وأمرنا سبحانه ألا نقبل شهادة أبدا من قاذفي الأعراض إلا إن تابوا ووصفهم بالفاسقين  { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 1
  • 0
  • 934

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً