داء العشق
ابن قيم الجوزية
قيل :
وعش خاليا فالحب أوله عنى وأوسطه سقم وآخره قتل
وقال آخر :
تولهَ بالعشق حتى عشق فلما استقل به لم يطق
- التصنيفات: أعمال القلوب -
قال ابن القيم – رحمه الله –
العشق هو الإفراط في المحبة ، بحيث يستولي المعشوق على القلب من العاشق ، حتى لا يخلو من تخيُّلِه وذكره والفكر فيه ، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه ، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القوى ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يَعُزُّ دواؤه ويتعذر، فتتغيّر أفعاله وصفاته ومقاصده ، ويختلُّ جميع ذلك فتعجـز البشـر عـن صلاحه ، كما قيل :
الـحـبُّ أولُ مــــا يكـون لجاجـةً تأتي بـها وتسوقه الأقدار
حتى إذا خاض الفتى لُججَ الهوى جاءت أمور لا تُطاق كبار
والعشق مبادئه سهلةٌ حلوةٌ ، وأوسطه همٌّ وشغل قلب وسقم ، وآخره عَطَبٌ وقتلٌ ، إن لم تتداركه عنايةٌ من الله ، كما قيل :
وعش خاليا فالحب أوله عنى وأوسطه سقم وآخره قتل
وقال آخر :
تولهَ بالعشق حتى عشق فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجـةً فلما تمكن منها غرق
والذنب لـه ، فهو الجاني على نفسه ، وقد قعد تحت المثل السائر : يداك أوكتا وفوك نفخ . اهـ