هَمَسات .. في كلمات ... (7)
كما أنه لا مكان للآخرة في كتبهم، فالنجاح عندهم دنيوي فقط، وتجد أن هؤلاء الناجحين على مقياسهم يكثر فيهم الاكتئاب الموصِل أحيانا إلى الانتحار
الحمد لله الواحد القهار، مكور الليل على النهار ومكور على النهار، والصلاة والسلام على النبي المصطفى المختار، وعلى آله وصحابته الميامين الأبرار، أما بعد:
فمع حلقة جديدة ومفيدة - إن شاء الله تعالى- من هذه السلسلة، التي أسأل الله أن يثقل بها موازين الحسنات، ويحط بها السيئات، والآن مع هذه الباقة:
«لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا» ، هذه كلمة قالها المصطفى عليه الصلاة والسلام في حجة الوادع، في إشارة إلى قرب رحيله عن دنيانا، وفيها إشارة إلى الاغتنام لأمر قد لا يتكرر، هذه العبارة نفسها تقولها مواسم الخيرات لكنْ بلسان الحال، ومواسم الخيرات في حياة الإنسان كثيرة ومن أبرزها: عشر ذي الحجة، رمضان لا سيما العشر الأواخر منه وغيرها، وهذه مواسم زمانية، وقد يكون الموسم مكانيا كمن جاء إلى مكة أو إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، أو المسجد الأقصى، كما يشمل الاغتنام قد أشخاص كالوالدين، قفد يكونا اليوم فوق الأرض وغدا في باطنها، كذلك العالِم الرباني، كل هذه تنادي بلسان الحال: (لعلي لا ألقاكَ بعد عامي هذا)، فإذا كانت هذه النصيحة نصب عينيك فقل أن تضيع موسماً للصالحات.
--------------------------
(نصيب الأسد)، هذه مصطلح يذكر للاستحواذ على النصيب الأكبر من شيء ما، وهو ينطبق اليوم تماما على نشرات الأخبار، حيث نصيب الأسد فيها للحرب الروسية الأوكرانية، هذه الحرب التي أسقطت كثير من الأقنعة الزائفة، وفضحت الكثير من الشعارات البراقة، وكشفت عقيدة الولاء والبراء التي يعيشها كهنة الديمقراطية العلمانية، وأظهرت أبرز صفاتهم وسماتهم ألا وهو الكيل بمكيالين، وهذا ليس جديد ولا مستغرب فقد قال لنا ربنا: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} ، إذن فالحرب مستمرة على الإسلام والمسلمين، و(الذي لا يعلم أن أمريكا وروسيا تريدان القضاء على الإسلام والمسلمين فهو مغفَّل أشبه بالبهائم) كما قال العلامة الوادعي رحمه الله تعالى، (لَقَد كانَ فينا الظُلمُ فَوضى فَهُذِّبَت *** حَواشيهِ حَتّى باتَ ظُلماً مُنَظَّما)
--------------------------
ما أكثر ما كُتب في النجاح، وكثيرة تلك الكتب التي تحدثت عنه، ولعل أكثر من يؤلف في النجاح هم الغرب، لكن معيار النجاح عندهم مختلف تماما عما جاءت به الرسل، فقصارى النجاح عندهم أن تكون غنيا أو مشهور أو غير ذلك من المقاييس الدنيوية، ولا غضاضة أن يكون نجاحك في نشر الشرك والمنكرات والفواحش كالرقص، أو صناعة وبيع الأصنام، أو حتى البغاء فهي عندهم مهنة معترف بها وأيضًا (شريفة)، كما أنه لا مكان للآخرة في كتبهم، فالنجاح عندهم دنيوي فقط، وتجد أن هؤلاء الناجحين على مقياسهم يكثر فيهم الاكتئاب الموصِل أحيانا إلى الانتحار، ولكن المتأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء بكل ما يسعد الأنسان في الآخرة والأولى يجد الكثير من مقومات النجاح، النجاح المتكامل الذي يشمل الروح والجسد، يشمل الدنيا والآخرة، يشمل الغني والفقير، والمشهور والمغمور وهنا إشارة إلى خلطة مكونة من أربعة عناصر للنجاح:
- صلاة بخشوع {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
- ملازمة لذكر الله {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
- قيام الليل قال أبو سليمان( أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا)
- سلامة الصدر فـ(أصل الدين الورع، وأفضل العبادة مكابدة الليل، وأقصر طريق للجنة سلامة الصدر) كما قال القاسم الجوعي رحمه الله.
--------------------------
رمضان محطة للتزود من الطاعات، ومدرسة للتدرب وترويض النفس على العبادات وحسن الأخلاق، وترك مساوئها، وللتزود من الباقيات الصالحات، والعتق من النيران، وفضائل رمضان كثيرة ومشهورة، ومنها تصفيد الشياطين، لكن للأسف تنشط شياطين الإنس ليمكروا مكرا كبَّارا، ينفقون الأموال، ويعملون بجد واجتهاد، ويستعدون قبل قدوم رمضان بأشهر، بل لعلهم بعد انقضاء رمضان السابق، وهذا الجهد والجهاد، والمال والأوقات في سبيل الطاغوت، هدفهم الأسمى أن يغمسوك في نار تلظى، فاحذر من لصوص الآخرة، الذين ما كفاهم أن يكونوا جنودا لإبليس حتى طمعوا في عباد الله في شهر الخيرات يحاولون جرجرتهم معهم (نعم؛ دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها)، فإذا نظرت في إنتاجهم الفني تجد غالبه تشويه الإسلام العلماء والصالحين ونشر الفواحش بقوة، فالرذيلة عندهم أوكسجين حياتهم، والأخلاق الحسنة تزكم أنوفهم، وتشمئز منها نفوسهم.
--------------------------
أخي المسلم هل أنت تاجر، الجواب كلنا تجار، لكن منا تجارة في حطام الدنيا وهو محمود ما دام يعمل في تجارته بطاعة الله ويؤدي ما عليه الحقوق، والصنف الأخر يتاجرون مع الله، حيث الربح مضمون بل ومضاعف ونسبة الخسارة (صفر في المائة)، لكن تأمل في تجار الدنيا إنهم يستعدون للمواسم أتم استعداد، ويحاولون أن يحققوا أكبر قدر من الربح ولو على حساب رفاهيتهم أو راحتهم، وقبل ذلك لديهم خطة مسبقة ويتم تطويرها باستمرار حسب ظروف العمل، حري بك أيها المسلم أن تكون أذكى من تجار هدفهم الربح المادي الذي حلاله حساب وحرامه عقاب، فلا يدخلن عليك موسم للتجارة مع الله إلا وخطتك مكتوبة عند رأسك {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} .
- التصنيف: