المستثمر الحذق
كما عني أيضًا بعدمِ تبديدِ الطاقاتِ الإنتاجيةِ، ومنها الأصولُ الثابتةٌ، فوجهَ الإنسانَ أنْ يضعً مالَ عقارهِ الذي باعَهُ في عقارٍ آخر حتى لا ينفذ المالُ
أي مجتمع تقاس قوته بمدى تحقيق التنمية فيه، فالجهل والفقر والمرض وما يترتب عليهم من ركود وبطالة وانحرافات كلها أمراض شيخوخة تنبأ عن نضب الحركة في المجتمع، وشيوع الفساد في أركانه، وانطفاء الأمل بين شبابه، وهو ما ينافي ما جاء الإسلام به من أسباب القوة والعزة قال تعالى: { {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} } [المنافقون من الآية:8]، فكانت القوة الروحية، وقال تعالى: { {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} } [الأنفال من الآية:60]، فكانت القوة المادية، قال تعالى: { {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} } [الحديد : 25]، فجمعت الأية بين القوة الإيمانية والقوة المادية، ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية الجمع بينهما، فيقول صلى الله عليه وسلم: « «المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز»» [1]، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الخير في كل منهما ويتمايز القوي بأنه أحب لله، ويأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على المنفعة مستعينا بالله، وألا يسلم نفسه للعجز؛ فالإسلام يعمل على تنمية المجتمع باستمرار لتجديد شبابه وبث روح الأمل في أركانه، فلا تخفت شمسه، ولا يهرم شبابه.
ومن عدل الله تعالى ورحمته أن جعل أسباب القوة المادية متاح لكل الناس، برهم وكافرهم متمثلة في النعم قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة : 29]، وقال تعالى: { {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ . فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ . وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ . فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} } [الرحمن:10-13]، وقد أمر الأسلام بضرورة استثمار تلك المواد الاقتصادية (النعم) فيما خلقت من أجله، ويحذر من مغبة التفريض في النعم وعده كفرا يورث الفقر المادي، والفراغُ النفسيُّ من خوف وقلق واضطراب، قالَ تعالى: { {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} } [النحل : 112]، وعلى العبد أن يقدم كشف حساب عن مقدار استثماره لتلك الموارد يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ««لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ»» [2]، فتحقيقَ الاستقرارِ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ لمجتمعٍ مَا يتوقفُ على مدىَ محافظةِ أفرادِه على تنميةِ ثرواتِه.
وفتحَ الإسلام للإنسانِ مجال الاستثمار كي يباشرَ الحلالَ مِن أوسعِ أبوابهِ فقولُهُ تعالَى: { {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} } يفيدُ حلَّ جميعِ المعاملاتِ الإقتصاديةِ إلَّا ما نُهِيَ عَنْهُ، فيدعو إلى تداول المال، لتعود الفائدة على أكبر عدد من المجتمع، وبالتالِي لا ينحصرُ المالُ في أيدي فئةٍ قليلةٍ مِن المجتمعِ، قال تعالى: { {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} } [الحشر : 7]؛ ولذا حرَّمَ دينُنَا جملةً مِن الوسائلِ الاستثماريةِ الفاسدة التي تحولُ دونَ تحقيقِ ديمومةِ تداولِ المالِ ولعلَّ مِن أبرزِهَا:
تحريم الربا بوصفه أولى العقبات في التنمية الاقتصادية، ووسيلة سهلة للكسب الحرام قال تعالى: { {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} } [البقرة من الآية:275]، وقال تعالى: { {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}} [البقرة:278-279]، فهذا وعيد شديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ««إذا ظهر الزِّنا والرِّبا في قريةٍ فقد أحلُّوا بأنفسِهم عذابَ اللهِ»» [3].
تحريم الاحتكار الذي هو حبس الشيءِ مع حاجةِ الناسِ إليهِ بقصدِ إغلاءِ سعرهِ فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ««الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»» [4]، فالربا والاحتكار كلاهما تنمية للمال وتكريسه في يد طبقة الأغنياء وافقار لبقية أفراد للمجتمع.
تحريم كنز المال قالَ تعالى متوعدًا مَن يفعلُ ذلك: {{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} } [التوبة:34-35]، ولذا حرصَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التشغيلِ الكاملِ لرأسِ المالِ حتى ولو كانَ شيئًا قليلًا.
تحريم البخل قال تعالى: {{مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} } [آل عمران : 117]، فالآيةُ قد نفرتْ مِن الإنفاقِ الاستهلاكِي الترفِي في الحياةِ الدنيا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ««مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ»» [5] ، وإذا كان الاكتنازُ حبسًا للمالِ المدخرِ عن دورةِ الاستثمارِ، فإنَّ البخلَ حبسٌ للمالِ المدخرِ عن دورةِ الاستهلاكِ، وهو بهذا المعنى تنميةٌ للمالِ على حسابِ رغباتِ النفسِ والحاجاتِ الضروريةِ.
وإن قيد الإسلام بعض الاستثمارات الفاسدة فقد أطلق تنويع المشروعات الطيبة لحفظَ المالِ وتثميره بعدالة اجتماعية حقيقية ومن ذلك:
الاستفادة من الموارد المتاحة، وهذا ما حرصَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على توجيهِ وتربيةِ أصحابهِ عليهِ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ««أنَّ رجلًا من الأنصارِ أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأله فقال أما في بيتِك شيءٌ» قال: "بلى حِلسٌ نلبَسُ بعضَه ونبسُطُ بعضَه وقِعبٌ نشربُ فيه الماءَ قال: «ائْتِني بهما» فأتاه بهما «فأخذهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدِه وقال من يشتري هذَيْن» قال رجلٌ أنا آخُذُهما بدرهمٍ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «من يزيدُ على درهمٍ مرَّتَيْن أو ثلاثًا» قال رجلٌ أنا آخُذُهما بدرهمَيْن فأعطاهما إيَّاه فأخذ الدِّرهمَيْن فأعطاهما الأنصاريَّ وقال «اشتَرِ بأحدِهما طعامًا فانبُذْه إلى أهلِك واشتَرِ بالآخرِ قَدومًا فائْتِني به فأتاه به فشدَّ فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عودًا بيدِه ثمَّ قال اذهَبْ فاحتطِبْ وبِعْ ولا أرَيَنَّك خمسةَ عشرَ يومًا ففعل فجاءه وقد أصاب عشرَ دراهمَ فاشترَى ببعضِها ثوبًا وببعضِها طعامًا فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا خيرٌ لك من أن تجيءَ المسألةُ نُكتةً في وجهِك يومَ القيامةِ»» [6] ، فانظرْ كيفَ أمرَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلم أنْ يبيعَ هذا الرجلُ كلَّ ما عندَهُ مِن سلعٍ استهلاكيةٍ كي يحصلَ على أداةِ إنتاجٍ تسهم في تلبية الحاجات الضرورية، كما تسهم في بناء الأمة، وهذا ما وجه به النبي صلى الله عليه وسلم صحابته، فيقول: « «والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَه، فيَحْتَطِبَ علَى ظَهْرِه؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَأْتيَ رَجُلًا، فيَسْأَلَه، أعْطاهُ أوْ مَنَعَه»» [7].
رأىَ النبي وصحابته شاةً ميتةً وكان هذا المنظرُ خليقًا أنْ يُثيرَ فيه نوازعَ الزهدِ، ولكنهُ أثارَ فيهِ نوازعَ الأملِ فيعلمنا كيفية استثمار النعمة ما لم تخالف شرعا، فالتفتَ إلى أصحابهِ وهم يتقزَّزونَ مِن المنظرِ، فقالَ: ««هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: «إِنَّمَا حُرِّمَ أكلهَا»» [8].
وعبد الرحمن بن عوف يعرض عليه سعد بن الربيع نصف ماله بعدما أخا النبي بينهما، فيأبى أن يعيش عالة على المجتمع ويستثمر طاقته ويقول مستعينا بالله: دلنى على السوق.
وطلحة بن عبيد الله يستثمر موارده من أرض ومياه فيزرعها قمحا حتى استغنت المدينة عن استيراد القمح من الشام.
وقد أمرَ الإسلامُ بتنميةِ المالِ المدخرِ كالحثُّ على استثمارِ أموالِ الأيتامِ قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ««أَلَا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ»» [9]، وعن عمرَ رضي اللهُ عنه أنَّهُ قال: ««ابتغُوا في أموالِ اليتامَى لا تستهلكُهَا الزكاةُ»» [10].
كما عني أيضًا بعدمِ تبديدِ الطاقاتِ الإنتاجيةِ، ومنها الأصولُ الثابتةٌ، فوجهَ الإنسانَ أنْ يضعً مالَ عقارهِ الذي باعَهُ في عقارٍ آخر حتى لا ينفذ المالُ، ويترك ورثتَهُ عالةً يسألونَ الناسَ فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ««مَنْ بَاعَ دَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا»» [11].
الاقراض الشرعي وسيلة لتنمية المجتمع مِن خلالِ إغناءِ المقترضِ باستخدامِ هذا المالِ فيما ينفعُهُ، ولذا حثَّنَا دينُنَا عليهِ، ورغبَّ في البحثِ عن المحتاجين والتيسيرِ عليهم، قالَ تعالى: {{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}} [البقرة : 245] ، فالقرضُ بابٌ مِن أبوابِ التعاونِ والتكاتفِ مِن أجلِ نشرِ السعادةِ بينَ البشرِ جميعًا قالَ تعالى: {{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}} [المائدة : 2] ، فحريٌّ بكلِّ إنسانٍ أنْ يسارعَ إليهِ ويلزمُهً فعن بُرَيْدَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ، قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ، قَالَ لَهُ: بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ» »[12].
والمستثمرُ الحذق هو مَن يشعرُ بحالِ الآخرين، ويعايشُهُم ويتحسسُهُم، ويعرفُ مواطنَ حاجتِهِم، ومكمنَ ضعفِهِم، وقد بشرَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ مَن يُخففُ عن الناسِ آلامَهُم وجراحَهُم سيخففُ اللهُ عنه تكرمًا وتفضلًا منهُ عزَّ وجلَّ؛ ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ««كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ»» [13]، وقد حفلَ تاريخُنَا برجالِ أعمالٍ كُثُرٍ كعثمانَ بنِ عفانَ وعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ وغيرهِمَا مِن الصحابةِ مِمَّن استثمرُوا أموالَهُم وعمَّ خيرُهُم على الناسِ، فتجهيزُ جيشِ العُسرةِ، وشراءُ بئرِ رومةَ للمسلمين ما هو إلَّا ثمرةٌ مِن ثمراتِ السخاءِ والإحسانِ التي غرستْهِا فيه المدرسةُ المحمديةُ حتى قالَ فيهِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ»[14].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- (مسلم [2664]).
- (الترمذي [2417])
- ( الطبراني [1/179] [462]، والحاكم [2261] باختلاف يسير)،
- (ابن ماجه، وحسنه الحافظ ابن كثير)
- (أحمد، والطَّبَرَانِيُّ ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ)
- (أبو داود [1641] باختلاف يسير، والترمذي [1218] مختصراً، والنسائي [7/259] بأصله مختصرًا)
- (البخاري[1470]).
- (مسلم[363]).
- (الترمذي وَقَالَ: فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ)
- (الموطأ) .
- (ابن ماجه، أحمد بسندٍ حسن).
- (أحمد، إسناده صحيح على شرط مسلم)
- (متفق عليه)
- (الترمذي وحسنه).
- التصنيف: