الشرك الأصغر وأنواعه
كل وسيلة يمكن أن تؤدي إلى الشرك الأكبر، ولم تبلغ رتبة العبادة، ولا يخرج فاعله من الإسلام، ولكنه من الكبائر
كل وسيلة يمكن أن تؤدي إلى الشرك الأكبر، ولم تبلغ رتبة العبادة، ولا يخرج فاعله من الإسلام، ولكنه من الكبائر:
1- الرياء اليسير: والتصنُّع للمخلوق، كالمسلم الذي يعمل لله، ويُصلي لله ولكنه يحسن صلاته وعمله لِيمدَحَه الناس، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» ؟ ؛ (صحيح: رواه أحمد).
2 - الحلف بغير الله لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن حَلفَ بغير الله فقد أشرك» (صحيح: رواه أحمد).
وقد يكون الحلف بغير الله من الشرك الأكبر، وذلك إذا اعتقد الحالف أن الولي له تصرفات يضره إذا حلف به كاذبًا.
3 - الشرك الخفِي: وفسره ابن عباس بقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت ، ومثله: لولا الله وفلان، ويجوز أن نقول: لولا الله ثم فلان .
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا ما شاء الله، وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان» ؛ (صحيح: رواه أحمد وغيره).
مِن مظاهر الشرك:
إن مظاهر الشرك المنتشرة في العالم الإسلامي هي السبب الرئيسي في مصائب المسلمين، وما يلاقونه من الفتن والزلازل والحروب، وغيرها من أنواع العذاب الذي صبَّه الله على المسلمين، بسبب إعراضهم عن التوحيد، وظهور الشرك في عقيدتهم وسلوكهم، والدليل على ذلك ما نراه في أكثر بلاد المسلمين من مظاهر الشرك المتنوعة التي حسبها الكثير من المسلمين أنها من الإسلام، ولذلك لم ينكروها، علمًا بأن الإسلام جاء ليحطم مظاهر الشرك، أو المظاهر التي تؤدي إليه، وأهم هذه المظاهر:
1- دعاء غير الله: ويظهر ذلك في الأناشيد والقصائد التي تقال بمناسبة الاحتفال بالمولد أو بذكرى تاريخية، فقد سمعتهم ينشدون:
يا إمام الرسل يا سنَدي *** أنتَ بابُ الله ومُعتمدي
وفي دنياي وآخرتـــــي *** يا رسول الله خُذ بيدي
ما يُبدِلُني عسر يُســــرا *** إلَّاكَ يا تاج الحضـــــره
ولو سمع الرسول مثل هذا لتبرأ منه، إذ لا يبدل العسر باليسر إلا الله وحده، ومثلها قصائد الشعر التي تكتب في الجرائد والمجلات والكتب، وفيها طلب المدد والعون والنصر من الرسول والأولياء والصالحين العاجزين عن تحقيقها...
2- دفن الأولياء والصالحين في المساجد: فترى في أكثر بلاد المسلمين القبور في بعض المساجد، وقد بُنيت عليها القباب، وبعض الناس يسألونها من دون الله، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»؛ (متفق عليه).
فإذا كان دفن الأنبياء في المساجد ليس مشروعًا، فكيف يجوز دفن المشايخ والعلماء؟ عِلمًا بأن هذا المدفون قد يُدعى مِن دون الله، فيكون سببًا لحصول الشرك، والإسلام يُحرم الشرك، ويُحرم وسائله المؤدية إليه.
3- النذر للأولياء: بعض الناس ينذرون ذبيحة أو مالًا أو غير ذلك للولي الفلاني، وهذا النذر شرك يجب عدم تنفيذه، لأن النذر عبادة وهي لله وحده. قالت امرأة عمران: {رب إني نذرتُ لكَ ما في بطني مُحرَّرًا}. [آل عمران:35].
4- الذبح عند قبور الأنبياء والأولياء: ولو كانَتِ النية أن الذبيحة لله، فهو من عمل المشركين الذين كانو يذبحون عند تماثيل أصنامهم الممثلَة لأوليائهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله مَن ذبح لغير الله»؛ (رواه مسلم).
5- الطواف حول قبور الأنبياء والأولياء: كالجيلاني والرفاعي والبدوي والحسين وغيرهم، لأن الطواف عبادة لا يجوز إلا حول الكعبة لقوله تعالى: {ولْيطَّوَّفُوا بالبيتِ العتيقِ} [الحج: 29].
6- الصلاة إلى القبور: وهي غير جائزة لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجلسوا على القبور، ولا تُصَلُّوا إليها»؛ (رواه مسلم).
7- شد الرحال إلى القبور: للتبرك بها، أو للصلاة عندها لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تُشَدُّ الرِحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»؛ (متفق عليه).
وإذا أردنا الذهاب إلى المدينة المنورة فنقول: ذهبنا لزيارة المسجد النبوي ثم السلام على صاحبه صلى الله عليه وسلم.
8- الحكم بغير ما أنزل الله: كالحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للقرآن الكريم، والسنة الصحيحة إذا اعتقد جواز العمل بتلك القوانين، ومثلها الفتاوى التي تصدر عن بعض المشايخ، وهي تتعارض مع النصوص الإسلامية، كتحليل الربا[1]الذي أعلن الله الحرب على فاعله.
9- طاعة الحكام، أو العلماء والمشايخ: في أمر يخالف نص القرآن أو السنة الثابتة، وهذا يُسمى شرك الطاعة [2]، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»؛ (صحيح: رواه أحمد).
وقوله تعالى: {اتخذوا أحبارَهم ورُهبانهم أربابًا مِن دون الله والمسيحَ ابنَ مريم وما أُمِروا إلا ليَعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يُشركون} [التوبة: 31].
وقد فسر حذيفة العبادة بالطاعة فيما أحل لهم علماء اليهود وحرَّموا.
المشاهد والمزارات:
إن المشاهد التي نراها في البلاد الإسلامية، كبلاد الشام والعراق ومصر وغيرها من البلاد لا توافق تعاليم الإسلام، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، ففي الحديث الصحيح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجصَّصَ القبر وان يُقعَد عليه، وأن يُبنى عليه))؛ (رواه مسلم).
والتجصيص: (يشمل الدهان بالكلس وغيره)
وفي رواية صحيحة للترمذي: وأن يُكتب عليه (القرآن والشعر وغيره).
1- إن هذه المزارات أكثرها غير صحيح: فالحسين بن علي رضي الله عنه استشهد في العراق، ولم يصل إلى مصر فقبره في مصر غير صحيح، وأكبر دليل على ذلك أن له قبرًا في العراق ومصر والشام؛ ودليل آخر، وهو أن الصحابة لا يدفنون الموتى في المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ؛ (منفق عليه).
والحكمة في ذلك حتى تبقى المساجد خالية من الشرك، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].
والثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم دُفن في بيته، ولم يدفن في مسجده، وقد وسع الأمويون المسجد فأدخلوه فيه، وليتهم لم يفعلوا؛ وقبر الحسين الآن في المسجد يطوف بعض الناس حوله، ويطلبون حاجاتهم التي لا تطلب إلا من الله، كشفاء المرضى، وتفريج الكربات وديننا يأمرنا أن نطلبها من الله وحده، وألا نطوف إلا حول الكعبة، وقال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
2- إن مشهد السيدة زينب بنت علي، في مصر ودمشق غير صحيح، لأنها لم تمت في مصر، ولا في الشام، والدليل على ذلك وجود مشهد لها في كل منهما!!
3- إن الإسلام ينكر بناء القباب على القبور، وجَعلَها في المساجد ولو كانت حقيقة، كقبر الحسين في العراق، وعبد القادر الجيلاني في بغداد والإمام الشافعي في مصر وغيرهم، للنهي العام الوارد المتقدم؛ وحَدثني شيخ صادق أنه رأى رجلًا يصلي إلى قبر الجيلاني، ويترك القبلة، وقدم النصيحة له فرفضها، وقال له: أنت وهابي!! وكأنه لم يسمع قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلّوا إليها»؛ (رواه مسلم).
4- إن أكثر المشاهد في مصر بنتها ما تسمى بالدولة الفاطمية[3]، وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (ج 11/ ص 346) قائلًا عنهم: (كفار، فساق، فجار، مُلحدون، زنادقة، مُعطلون، للإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية مُعتقدون).
هؤلاء الكفار، راعهم لما رأوا المساجد تمتلئ بالمصلين، وهم لا يُصلون ولا يَحجون ويحقدون على المسلمين، ففكروا في صرف الناس عن المساجد، فأنشؤوا القباب والمزارات الكاذبة، وزعموا أن فيها الحسين بن علي، وزينب بنت علي، وأقاموا احتفالات ليجذبوا الناس إليها، وسَمُّوا أنفسهم بالفاطميين تَسَتُّرًا ليميل الناس إليهم، ثم أخذ المسلمون عنهم هذه البدع التي أوقعتهم في الشرك، وصرفوا لها الأموال الطائلة، وهم في أمس الحاجة إليها لشراء الأسلحة للدفاع عن دينهم وكرامتهم.
5 - إن المسلمين الذين صرفوا الأموال على بناء القباب والمزارات والجدران والشواهد على القبور، لا تفيد الميت شيئًا، ولو أعطوا هذه الأموال للفقراء لنفعت الأحياء والأموات؛ علمًا بأن الإسلام يُحرم البناء على القبور كما تقدم.
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «لا تَدَعْ تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مُشرِفًا إلا سوَّيته»؛ (رواه مسلم).
(أي لا تترك قبرًا مرتفعًا إلا كسرته، وجعلته قريبًا من الأرض).
وقد سمح الإسلام أن يرفع القبر قدر شبر حتى يُعرف.
6- وهذه النذور التي تُقدم للأموات، هي من الشرك الأكبر، يأخذها الخدام بالحرام، وقد يصرفونها في المعاصي والشهوات فيكون صاحب النذر والمعطَى شريكه في ذلك.
ولو أُعطي هذا المال باسم الصدقة للفقراء لاستفاد الأحياء والأموات وتحقق للمتصدق ما يحتاجه في قضاء حوائجه.
اللهم أرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وحببنا فيه وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وكَرهنا فيه.
[1] متعمدًا غير متأول.
[2] إذا اعتقد المطيع جواز طاعتهم في المعصية.
[3] اسمهم الحقيقي (العُبَيْديون) نسبة إلى عبيد بن سعد ذكر اسمه ابن كثير فى البداية والنهاية ج 11/ 346.
- التصنيف: