ربي أطعمني وسقان
ونطلب منه وحده فيرزقنا من جوده ونعمه فهو الغني وبيده ملكوت كل شيء، وعنده خزائن السماوات والأرض، فلا ينقصه رزقنا شيئًا مما في خزائنه.
قليلًا جدًّا ما كنت أنسى أني صائمة فآكل وأشرب؛ لذلك استغربت اليوم؛ لأني بعد أن استيقظت شربت كوبًا من الماء، وتناولت بعض الكعكات، ثم تذكرت بعد قليل أني صائمة.
اندهشت وقتها كيف نسيت وأكلت كل هذا؟ فكنت قبل ذلك أتذكر مباشرة أثناء الأكل وأتركه، ولكن زال هذا الاندهاش عندما وقع في قلبي هذا المعنى الذي لم أنتبه إليه من قبل، فما هو يا ترى؟
المعنى هو أن الله هو الذي أنساني ذلك ليطعمني ويسقيني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما سئل عن ذلك قال: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه» ؛ [أخرجه الشيخان في الصحيحين].
فنسب الإطعام والسقي إلى نفسه سبحانه لا للصائم، فلم يقل: إنما طعمت وشربت، ولكن أطعمه الله وسقاه الله.
رحمة منه بعباده وتحننًا عليهم ولطفًا.
توقفت عند هذا المعنى أتأمله.
كيف أنه سبحانه العليم علم بحاجتي إلى الماء لأني كنت عطشى جدًّا فسقاني؟
وكيف أنه خبير بجوعي فأطعمني من فضله؟
فهو ربي المتكفل بأمري وشأني كله، وهو رب كل شيء ومتولي تربيته، وهو الرازق لعباده يرزقهم من حيث لم يحتسبوا فيندهشوا لعطائه؛ {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } [الشعراء: 79].
هو يطعمني ويسقيني ويسوق الرزق لكل مخلوقاته حتى النملة في جحرها والطيور في وكورها.
فلا نسأل غيره الرزق ونغفل عن الطلب منه.
ولا يشغلنا طلب الرزق عن الرازق.
بل نستطعمه وحده فيطعمنا.
ونطلب منه وحده فيرزقنا من جوده ونعمه فهو الغني وبيده ملكوت كل شيء، وعنده خزائن السماوات والأرض، فلا ينقصه رزقنا شيئًا مما في خزائنه.
عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: «يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ» ؛ [صحيح مسلم].
اللهم لك الحمد يا رب أن أطعمتني وسقيتني.
اللهم أسألك أن تطعمنا من الجنة، وتسقينا من يد نبيك شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا.
سمر سمير
- التصنيف: