السنن النبوية في وقت الضحى

منذ 2022-06-02

قال أبو هريرة رضي الله عنه: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ صيامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ»

يُسَنُّ في وقت الضحى أن يُصلِّي العبد صلاة (الضحى)، قال أبو هريرة رضي الله عنه: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ صيامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ»[1].

 

واختلف العلماء رضي الله عنهم في سُنيَّة صلاة الضُّحى على أقوال:

القول الأول: أنَّ صلاة الضحى تُسَنّ غِبَّاً -أي تُفعَل في بعض الأحيان-.

 

واستدلوا بـِ: حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا، وَيَدَعُهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا»[2]، وهو ضعيف؛ لأنَّ في إسناده: عطيَّة بن سعيد العوفي.

 

قال عنه الدارقطني: «مضطرب الحديث»، وقال الذهبي: «مجمع على ضعفه»[3].

 

القول الثاني: أنَّها ليست بمشروعة، بل بدعة.

 

واستدلوا بـِ: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا» [4]، وجاء عند البخاري أيضاً عن مُوَرِّق العُجلي قال: «قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَتُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَعُمَرُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا إِخَالُهُ»[5]. - أي لا أظنه -.

 

والقول الثالث: أنه يُسَنّ أن يصلِّي الضحى إذا لم يقم من الليل، أمَّا إن قام الليل فإنه لا يُصلِّي الضحى، واختاره شـيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [6].

 

والقول الرابع: أنها تُفعل لسبب من الأسباب؛ لأنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فعلها لسبب من الأسباب، كقدومه من سفر، وفتحه مكة، وزيارته لقوم، كما في حديث عتبان رضي الله عنه المتفق عليه[7]، وإتيانه مسجد قباء، ونحو ذلك، واختاره ابن القيم رحمه الله.

 

والأظهر -والله أعلم-: أنَّ صلاة الضحى سُنَّة مطلقاً، وهو قول أكثر أهل العلم رضي الله عنهم، واختاره شيخنا ابن عثيمين[8].

 

ويدلّ عليه:

أ. حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: صيامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ»، وأيضاً أوصى بها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء رضي الله عنه كما عند مسلم[9]، وأوصى بها أبا ذر رضي الله عنه كما في سنن النَّسَائي[10].

 

ب. حديث أَبي ذر رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجَزِىءُ، مِنْ ذلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»[11].

 

(والسُّلَامى): هي العظام المنفصل بعضها عن بعض.

 

وجاء في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها بيان أنَّ كل إنسان خلق على ثلاثمائة وستين مفصل، وأنَّ من جاء بهذا العدد من الصدقات فإنه يمشي يومئذٍ وقد زحزح نفسَه عن نار جهنم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلاَثِمِائَةِ مَفْصِلٍ. فَمَنْ كَبَّرَ اللّهَ، وَحَمِدَ اللّهَ، وَهَلَّلَ اللّهَ، وَسبَّحَ اللّهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللّهَ، وَعَزَلَ حَجَراً عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْماً عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلاَثِمِائَةِ السُّلاَمَى، فَإِنَّهُ يَمْشي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ»[12].

 

مستلة من كتاب: المنح العلية في بيان السنن اليومية

 


[1] رواه البخاري برقم (1981)، ومسلم برقم (721).

[2] رواه أحمد برقم (11155)، والترمذي برقم (477).

[3] العلل للدارقطني (4 /6)، والمغني في الضعفاء للذهبي (2 /436).

[4] رواه البخاري (1177).

[5] رواه البخاري برقم (1175).

[6] انظر: مجموع الفتاوى (22 /284).

[7] رواه البخاري برقم (840)، ومسلم برقم (33).

[8] انظر: الممتع (4 /83).

[9] رواه مسلم برقم (722).

[10] رواه النسائي في السنن الكبرى برقم (2712)، وصححه الألباني (الصحيحة 2166).

[11] رواه مسلم برقم (720).

[12] رواه مسلم برقم (1007).

_________________________________________________________________

الكاتب: الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

عبد الله بن حمود الفريح

حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.

  • 1
  • 0
  • 956

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً