درر الشعراء من كتاب "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (2)
طبعة دار ابن الجوزي - الطبعة الأولى، 1414هـ ، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري.
تَعَلَّمْ فَلَيْسَ الْمَرْءُ يُولَدُ عَالِمًا * وَلَيْسَ أَخُو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وَإِنَّ كَبِيرَ الْقَوْمِ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ * صَغِيرٌ إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الْمَحَافِلُ
(1/617).
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ:
حَسْبِي بِعِلْمِي إِنْ نَفَعَ * مَا الذُّلُّ إِلَّا فِي الطَّمَعْ
مَنْ رَاقَبَ اللَّهَ رَجَعَ * عَنْ سُوءِ مَا كَانَ صَنَعْ
مَا طَارَ شَيْءٌ فَارْتَفَعَ * إِلَّا كَمَا طَارَ وَقَعْ
(1/629).
أَنْشَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرَفَةَ نَفْطَوَيْهِ لِمَحْمُودِ بْنِ الْحَسَنِ الْوَرَّاقِ:
إِذَا أَنْتَ لَمْ يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ لَمْ تَجِدْ * لِعِلْمِكَ مَخْلُوقًا مِنَ النَّاسِ يَقْبَلُهْ
وَإِنْ زَانَكَ الْعِلْمُ الَّذِي قَدْ حَمَلْتَهُ * وَجَدْتَ لَهُ مَنْ يَجْتَنِيهِ وَيَحْمِلُهْ
(1/630).
لَمَّا وَلِيَ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ الْعُشُورَ أَوْ قَالَ: عَلَى الصَّدَقَاتِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ يَسْتَمِدُّهُ بِرِجَالٍ مِنَ الْقُرَّاءِ يُعِينُونَهُ عَلَى ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:
يَا جَاعِلَ الْعِلْمِ لَهُ بَازِيًّا * يَصْطَادُ أَمْوَالَ الْمَسَاكِينِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا * بِحِيلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّينِ
فَصِرْتَ مَجْنُونًا بِهَا بَعْدَمَا * كُنْتَ دَوَاءً لِلْمَجَانِينِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيمَا مَضَى * عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيرِينِ
وَدَرْسُكَ الْعِلْمَ بِآثَارِهِ * وَتَرْكُكَ أَبْوَابَ السَّلَاطِينِ
تَقُولُ أُكْرِهْتُ فَمَاذَا كَذَا * زَلَّ حِمَارُ الْعِلْمِ فِي الطِّينِ
(1/637).
أَنْشَدَ ابْنُ الْمُبَارَكِ:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ *. وَيُورِثُكَ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ * وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا
وَهَلْ بَدَّلَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ * وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا
وَبَاعُوا النُّفُوسَ فَلَمْ يَرْبَحُوا * وَلَمْ يَغْلُ فِي الْبَيْعِ أَثْمَانُهَا
لَقَدْ رَتَعَ الْقَوْمُ فِي جِيفَةٍ * يَبِينُ لِذِي الْعَقْلِ أَنْتَانُهَا
(1/638).
أَنْشَدَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ:
أَحْسَنُ شَيْءٍ قِيلَ فِي عَالِمٍ *. مَا أَحْسَنَ الْمَرْءَ وَمَا أَوْرَعَهُ
وَشَرُّ مَا عِيبَ فِيهِ أَنْ يُرَى * عَبْدًا مِنَ الدُّنْيَا لِمَا أَطْمَعَهُ
(1/667).
قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
وَصَفْتَ التُّقَى حَتَّى كَأَنَّكَ ذُو تُقًى * وَرِيحُ الْخَطَايَا مِنْ ثِيَابِكَ تَسْطَعُ
(1/671).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ * هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
وَأَرَاكَ تُلْقِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا * نُصْحًا وَأَنْتَ مِنَ الرَّشَادِ عَدِيمُ
(1/673).
لَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ فِي قَوْلِهِ، وَتُرْوَى لِلْعَرْزَمِيِّ:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ * هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
وَنَرَاكَ تُلْقِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا * صِفَةً وَأَنْتَ مِنَ الرَّشَادِ عَدِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ * عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا * فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُقْبَلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى * بِالْقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
(1/674).
وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ:
إِذَا عِبْتَ أَمْرًا فَلَا تَأْتِهِ * وَذُو اللُّبِّ مُجْتَنِبٌ مَا يَعِيبُ
(1/674).
قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
بَكَى شَجْوَةً الْإِسْلَامُ مِنْ عُلَمَائِهِ * فَمَا اكْتَرَثُوا لِمَا رَأَوْا مِنْ بُكَائِهِ
فَأَكْثَرَهُمْ مُسْتَقْبِحٌ لِصَوَابِ مَنْ * يُخَالِفُهُ مُسْتَحْسِنٌ لِخَطَئِهِ
فَأَيُّهُمُ الْمَرْجُوُّ فِينَا لِدِينِهِ * وَأَيُّهُمُ الْمَوْثُوقُ فِينَا بِرَأْيِهِ
(1/677).
أَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
مَا مَنْ رَوَى أَدَبًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ * وَيَكُفَّ عَنْ زَيْغِ الْهَوَى بِأَدِيبِ
حَتَّى يَكُونَ بِمَا تَعَلَّمَ عَامِلًا * مِنْ صَالِحٍ فَيَكُونُ غَيْرَ مَعِيبِ
وَلَقَلَّمَا تُجْدِي إِصَابَةُ عَالِمٍ * أَعْمَالُهُ أَعْمَالُ غَيْرِ مُصِيبِ
(1/699).
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِدْرِيسَ:
وَالْعِلْمُ لَيْسَ بِنَافِعٍ أَرْبَابَهُ * مَا لَمْ يُفِدْ عَمَلًا وَحُسْنَ تَبَصُّرِ
سِيَّانَ عِنْدِي عِلْمُ مَنْ لَمْ يَسْتَفِدْ * عَمَلًا بِهِ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَطْهُرِ
فَاعْمَلْ بِعِلْمِكَ تُوَفِّ نَفْسَكَ وَزْنَهَا * لَا تَرْضَ بِالتَّضْيِيعِ وَزْنَ الْمُخْسَرِ
(1/704).
قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
إِذَا كُنْتَ بِالدُّنْيَا بَصِيرًا فَإِنَّمَا * بَلَاغُكَ مِنْهَا مِثْلُ زَادِ الْمُسَافِرِ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:
إِذَا كَانَ لَا يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ * فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ يُغْنِيكَ
(1/740).
قالَ بَكْرُ بْنُ أَبِي أُذَيْنَةَ:
كَمْ مِنْ فَقِيرٍ غَنِيُّ النَّفْسِ تَعْرِفُهُ * وَمِنْ غَنِيٍّ فَقِيرِ النَّفْسِ مِسْكِينُ
قَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ:
الْفَقْرُ فِي النَّفْسِ وَفِيهَا الْغِنَى * وَفِي غِنَى النَّفْسِ الْغِنَى الْأَكْبَرُ
مَنْ كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَلَمْ * يَقْنَعْ فَذَاكَ الْمُوسِرُ الْمُعْسِرُ
وَكُلُّ مَنْ كَانَ قَنُوعًا وَإِنْ * كَانَ مُقِلًّا فَهْوُ الْمُكْثِرُ
(1/744).
أنشدَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:
دِينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ أَخْبَارٌ * نِعْمَ الْمَطِيَّةُ لِلْفَتَى الْآثَارُ
لَا تَرْغَبَنَّ عَنِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ * فَالرَّأْيُ لَيْلٌ وَالْحَدِيثُ نَهَارُ
وَلَرُبَّمَا جَهِلَ الْفَتَى أَثَرَ الْهُدَى * وَالشَّمْسُ بَازِغَةٌ لَهَا أَنْوَارُ
(1/782).
قَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
لَنْ تَبْلُغَ الْفَرْعَ الَّذِي رُمْتَهُ * إِلَّا بِبَحْثٍ مِنْكَ عَنْ أُسِّهِ
(1/786).
كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
يَسُرُّ الْفَتَى مَا كَانَ قَدَّمَ مِنْ تُقًى * إِذَا عَرَفَ الدَّاءَ الَّذِي هُوَ قَاتِلُهُ
(2/811).
قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ:
تَأَنَّ فِي الْأَمْرِ إِذَا رُمْتَهُ * تَبَيَّنُ الرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ
لَا تَتَّبِعَنَّ كُلَّ نَارٍ تَرَى * فَالنَّارُ قَدْ تُوقَدُ لِلْكَيِّ
وَقِسْ عَلَى الشَّيْءِ بِأَشْكَالِهِ * يَدُلُّكَ الشَّيْءُ عَلَى الشَّيْءِ
(2/877).
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: سَمِعْتُ مِسْعَرًا يَقُولُ يُخَاطِبُ ابْنَهُ كِدَامًا:
إِنِّي مَنَحْتُكَ يَا كِدَامُ نَصِيحَتِي * فَاسْمَعْ لِقَوْلِ أَبٍ عَلَيْكَ شَفِيقِ
أَمْا الْمُزَاحَةُ وَالْمِرَاءُ فَدَعْهُمَا * خُلُقَانِ لَا أَرْضَاهُمَا لِصَدِيقِ
إِنِّي بَلَوْتُهَمَا فَلَمْ أَحْمَدْهُمَا * لِمُجَاوِرٍ جَارًا وَلَا لِرَفِيقِ
وَالْجَهْلُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ * وَعُرُوقُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ عُرُوقِ
(2/952).
لَقَدْ أَحْسَنَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ حَيْثُ يَقُولُ:
يَا أَيُّهَا الدَّارِسُ عِلْمًا أَلَا * تَلْتَمِسُ الْعَوْنَ عَلَى دَرْسِهِ
لَنْ تَبْلُغَ الْفَرْعَ الَّذِي رُمْتَهُ * إِلَّا بِبَحْثٍ مِنْكَ عَنْ أُسِّهِ
(2/1140).
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
لَنَا جُلَسَاءُ مَا نَمَلُّ حَدِيثَهُمْ * أَلِبَّاءُ مَأْمُونُونُ غَيْبًا وَمَشْهَدَا
يُفِيدُونَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ عِلْمَ مَا مَضَى * وَعَقْلًا وَتَأْدِيبًا وَرَأْيًا مُسَدَّدَا
بِلَا فِتْنَةٍ تُخْشَى وَلَا سُوءِ عِشْرَةٍ * وَلَا يُتَّقَى مِنْهُمْ لِسَانًا وَلَا يَدَا
فَإِنْ قُلْتَ أَمْوَاتٌ فَلَا أَنْتَ كَاذِبٌ * وَإِنْ قُلْتَ أَحْيَاءٌ فَلَسْتَ مُفَنَّدَا
(2/1228).
مِمَّا يُحْفَظُ قَدِيمًا:
نِعْمَ الْمُحَدِّثُ وَالْجلِيسُ كِتَابُ * تَخْلُو بِهِ إِنْ مَلَّكَ الْأَصْحَابُ
لَا مُفْشِيًا سِرًّا وَلَا مُتَكَبِّرًا * وَتُفَادُ مِنْهُ حِكْمَةٌ وَصَوَابُ
أنشد أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَأَلَذُّ مَا طَلَبَ الْفَتَى بَعْدَ التُّقَى * عِلْمٌ هُنَاكَ يَزِينُهُ طَلَبُهُ
وَلِكُلِّ طَالِبِ لَذَّةٍ مُتَنَزِّهٍ * وَأَلَذُّ نُزْهَةِ عَالِمٍ كُتُبُهِ
(2/1230).
أُنْشِدَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِدْرِيسَ الْوَزِيرِ الْجُرَيْرِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ مُطَوَّلَةٍ:
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْعِلْمَ أَرْفَعُ رُتْبَةً * وَأَجَلُّ مُكْتَسَبٍ وَأَسْنَى مَفْخَرِ
فَاسْلُكْ سَبِيلَ الْمُقْتَنِينَ لَهُ تَسُدْ * إِنَّ السِّيَادَةِ تُقْتَنَى بِالدَّفْتَرِ
وَالْعَالِمُ الْمَدْعُوُّ حَبْرًا إِنَّمَا * سَمَّاهُ بِاسْمِ الْحَبْرِ حَمْلُ الْمِحْبَرِ
وَبِضَمْرِ الْأَقْلَامِ يَبْلُغُ أَهْلُهَا * مَا لَيْسَ يُبْلَغُ بِالْجِيَادِ الضُّمَّرِ
(2/1231).
تم بحمد الله وفضله وتأييده،،،
5/6/1439هـ
21/2/2018م
أيمن الشعبان
داعية إسلامي، ومدير جمعية بيت المقدس، وخطيب واعظ في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين.
- التصنيف: