أهمية القدوة
تعتبر القدوة والأُسوة من الركائز التي تقوم عليها الدعوة الإسلامية، وتُدندن عليها، وتجعلهما من أهمِّ الأمور التي تُساعد على الثبات والمضي قُدمًا في طريق الجادة...
- التصنيفات: مجتمع وإصلاح -
الحمد لله عظيم المنَّة، ناصر الدين بأهْل السُّنة، والصلاة والسلام على النعمة المهداة، والرحمة المسْداة، بهجة النوادي وزينة كلِّ وادٍ، مَن آمَن به فقد سَعِد واهتدَى، ومَن ضلَّ عن هَدْيه فقد زاغَ وغَوى، ولا يَضر إلاَّ نفسَه ولا يضر أحدًا.
تعتبر القدوة والأُسوة من الركائز التي تقوم عليها الدعوة الإسلامية، وتُدندن عليها، وتجعلهما من أهمِّ الأمور التي تُساعد على الثبات والمضي قُدمًا في طريق الجادة، دونما تردُّد أو تَلَكُّؤ، والمتتبِّع لآي الكتاب العزيز يجد أن لفظة "قدوة" قد ذُكِرت غير ما مرَّة فيه، كما أن الحقَّ - سبحانه - ونبيَّه - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى التأسي بالصالحين والاقتداء بهم، والاستفادة من سِيَر الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وعلى مقدِّمتهم هو نفسه، والذي دعانا إلى التأسِّي به في كل أعماله وأقواله وأفعاله، ما عدا ما كان مختصًّا به - صلى الله عليه وسلم - كالوصال في الصيام، ونكاح ما فوق الأربع، ووعَد مَن صنَع ذلك بالأجر والثواب الجزيل.
كما أنَّ الخالق - تعالى - جعَل إبراهيم - عليه السلام - قُدوة وأُسوة لكلِّ مَن يريد الدعوة إلى الله في تلطُّفه وتجمُّله مع أبيه الذي عَمِي عن الدلائل الواضحات، والحقائق الناصعات، فجعَله أُمَّة، والأُمَّة من إحدى استخداماتها في الكتاب العزيز القُدوة، بالإضافة للدلالات الأخرى، كالفترة الزمنيَّة، والأُمَّة من الناس.
وفطِنَ علماء التربية إلى هذه النقطة الأساسية، واستفادوا منها، وأقرُّوا بأنَّ الطفل لا بدَّ له من قُدوة حَسَنة، تَشحذ هِمَّته، وتَدفعه إلى معالي الأمور، وتجعله يُشَمِّر عن ساعد الْجِدِّ؛ حتى يصِلَ إلى ما وصلوا إليه، ويَجب أن تكون هذه القُدوة التي توضَع أمام هذا الطفل، أن تكون ناجحة ومتألِّقة، ومشهودًا لها؛ حتى ينشأ الطفل على أساس تتبُّع آثارها، أما إذا كانتْ سلبيَّة، فقد ينقلب السحر على الساحر، ويحل الندم ولاتَ حينَ مَندم، ومن الجدير بالذكر أنَّ أوَّل قُدوة يراها الطفل، وينشأ عليها: هي المتمثِّلة في شخصيَّة الأب خصوصًا، فيصلح به إن صلَح بمشيئة الحقِّ - سبحانه - أو يفسد والعياذ بالله؛ ولذلك قيل:
مَشَى الطَّاوُسُ يَوْمًا باخْتِيَالٍ *** فَقَلَّدَ شَكْلَ مِشْيَتِهِ بَنُوهُ
فَقَالَ عَلاَمَ تَخْتَالُونَ قَالُـــــوا *** بَدَأْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُقَلِّدُوهُ
وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ فِينَـــــا *** عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ
وَمَا دَانَ الْفَتَى بِحِجًى وَلَكِنْ *** يُعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقْرَبُـــوهُ
ومن أجْل ذلك، فالقُدوة الحسنة مطلوبة أشد الطلب، فالمرء على مَن يحبُّه ويلتزم اتِّباعه، رزَقنا الله وإيَّاكم محبَّة خير المرسلين؛ إنه وَلي ذلك والقادر عليه، وجزاكم الله خيرًا.
___________________________________________
الكاتب: عبدالكريم حميد