من أقوال السلف في صفات العقلاء -2
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: وأفضل ذوي العقول منزلة أدومهم لنفسه محاسبة، وأقلهم عنها فترة.
- يصبرُ ويتصبّر على ما يصيبه:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال بعض السلف: العاقلُ يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم.
& الذي ينبغي للإنسان العاقل ألا يستخفنَّه أولئك القوم الذين لا يؤمنون بما وعد الله به الصابرين، ولا يهمه كلام الناس حتى يحقِّق الله له ما وعده.
& لا ينبغي للإنسان أن يكثر الشكاية, بل يصبر ويحتسب, ولا يكون كالمرأة, كلما جاءه شيء جاء يشكو هذا غلط فالإنسان العاقل الحازم يتصبَّر.
- يحاسب نفسه:
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: وأفضل ذوي العقول منزلة أدومهم لنفسه محاسبة، وأقلهم عنها فترة.
والعاقل لا يخفى عليه عيب نفسه؛ لأن من خفي عليه عيب نفسه، خفيت عليه محاسن غيره، وإن من أشدِّ العقوبة للمرء أن يخفى عليه عيبه؛ لأنه ليس بمُقلع عن عيبه من لم يعرفه، وليس بنائلٍ محاسن الناس من لم يعرفها.
** قال العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله: العاقل من حاسب نفسه,...فكان لنفسه صديقاً, لا يسعى إلا في نفعها, ولا يهمه غير رفعها, يطرح هواه إلى ما أمر به الله, فمن كان ذلك فاز بالنعيم المقيم, وأمِنَ شرَّ الجحيم.
- فطن يتغافل:
** قال الإمام الشافعي رحمه الله: الكيس العاقل, هو الفطن المتغافل.
** قال الخطيب البغدادي رحمه الله: قيل لأعرابي: من الأريب العاقل ؟ قال: الفطن المتغافل.
ــــــــــــ
- يوازن بين الأمور, ويؤثر الآخرة على الدنيا, والباقي على الفاني:
** قال العلامة السعدي رحمه الله
& العاقل يوازن بين الأشياء, ويؤثر أولاها بالإيثار, وأحقها بالتقديم.
& قال الله عز وجل: ﴿ { قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ) [طه:72] في هذا الكلام من السحرة, دليل على أنه ينبغي للعاقل أن يوازن بين لذات الدنيا ولذات الآخرة, وبين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
& قال الله: ﴿ {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ﴾ أي: أفلا تكون لكم عقول, بها تزنون أي الأمرين أولى بالإيثار, وأي الدارين أحق للعمل لها, فدل ذلك أنه بحسب عقل العبد, يؤثر الأخرى على الدنيا, وأنه ما آثر أحد الدنيا إلا لنقص في عقله.
& أهل العقول الزكية الذكية,...يؤثرون الأعلى على الأدنى, فيؤثرون العلم على الجهل, وطاعة الله على مخالفته, وأن لهم عقولاً ترشدهم للنظر في العواقب, بخلاف من لا لب له ولا عقل, فإنه يتخذ إلهه هواه.
** قال العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله: ليس العاقل من سعى في تكثير ماله وتهنيء عيشه وتحسين ثيابه وترغيد أكله وشرابه وتحلية شبابه كلا, والله, وإنما العاقل من آثر الباقي على الفاني, والدائم على المنقطع, والفاضل على المفضول, والخير على الشر ودار المقرِّ على دار الممرِّ ومكان الإقامة على طرق السفر. وأي ُّعاقل يسعى في عمارة ما لا يقيم فيه ويترك ما يقيم فيه وأيُّ مميز يُزخرفُ طريقاً هو مار فيها وراحل عنها, ويترك إقامته خراباً ؟ وإنما ذلك من الجنون, وأعقل الناس الزاهدون.
ــــــــــــــــــ
- يغبط من أنفق ماله في سبيل الخيرات ونيل علو الدرجات:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: العاقل يغبط من أنفق ماله في سبيل الخيرات ونيل علو الدرجات, والجاهل يغبط من أنفق ماله في الشهوات وتوصل به إلى اللذات المحرمات قال الله تعالي حاكياً عن قارون: ﴿ {فخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} ﴾ [القصص:79-80]إلى قوله: ﴿ {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ﴾ [القصص:83]
- يجالس العلماء والصالحين والعقلاء:
** قال الشافعي رحمه الله: أربعة تزيد في العقل: مجالسة الصالحين, ومجالسة العلماء
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: والذي يزداد به العاقل من نماء عقله هو التقرُّب من أشكاله، والتباعد من أضَّداده؛ فعن محمد بن أبي مالك الغزي، قال: سمِعت أبي يقول: جالسوا الألبَّاء أصدقاء كانوا أو أعداء، فإن العقول تلقح العقول.
** قال شعبة رحمه الله: عقولنا قليلة، فإذا جلسنا مع من هو أقل عقلًا منا ذهب ذلك القليل، وإني لأرى الرجل يجلس مع مَنْ هو أقل عقلًا منه فأمقته.
** قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: قال عبدالعزيز بن زرارة لمعاوية: يا أمير المؤمنين ! جالس الألباء, أعداء كانوا أو أصدقاء, فإن العقل يقع مع العقل.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: كان الحر بن قيس من أصحاب عمر رضي الله عنه؛ لأنه كان عاقلًا حليمًا وذكيًّا، وهذا مما يدلُّك على أن عمر رضي الله عنه لا يختار لمجالسه إلا العقلاء.
ـــــــــــ
- يعذر الناس:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أعقلُ الناس أعذرهم لهم.
- يداري الناس:
** قال الحسن: كانوا يقولون: المدارة نصف العقل, وأنا أقول: هي العقل كله.
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الواجب على العاقل أن يُداري الناس مدارة الرجل السابح في الماء الجاري، ومن ذهب إلى عشرة الناس من حيث هو كدَّر على نفسه عيشه، ولم تصف له مودته؛ لأن وداد الناس لا يستجلب إلا بمساعدتهم على ما هم عليه، إلا يكون مأثمًا، فإذا كانت حالة معصية فلا سمْعَ ولا طاعة.
ومن التمس رضا جميع الناس التمس ما لا يُدرَك؛ ولكن يقصد العاقل رضا مَنْ لا يجد من معاشرته بدًّا، وإن دفعه الوقت إلى استحسان أشياء من العادات كان يستقبحها، واستقباح أشياء كان يستحسنها - ما لم يكن مأثمًا - فإن ذلك من المداراة، وما أكثر من دارى فلم يسلم! فكيف توجد السلامة لمن لا يُداري؟!
- يتصرف بحكمة:
قال العلامة العثيمين رحمه الله:
& ينبغي للإنسان أن يكون عاقلًا، ما يخطو خطوة إلا وقد عرف أين يضع قدمه، ولا يتكلم إلا وينظر ما النتيجة من الكلام، ولا يفعل إلا وينظر ما النتيجة من الفعل،
& العاقل لا يتصرف إلا بما يراه مفيدًا وحكمةً.
- يتأنى ولا يستعجل:
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: كون الإنسان يتأنى ولا يرُدُّ الشيء إلا بعد أن يتبيَّن فيه الخطأ، لا شكَّ أن هذا من العقل ومن الشرع.
ــــــــــــــــ
- يقبل النصيحة ويستفيد منها:
** قال عبدالغني: لما رددت على أبي عبدالله الحاكم الأوهام التي في مدخل الصحيح, بعت إلي يشكرني, ويدعو لي, فعلمتُ أنه رجل عاقل.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: النصيحة لقاح العقل, فكلما قويت النصيحةُ قوي العقل واستنار.
- يحفظ لسانه, ويزن كلامه:
** قال الإمام الشافعي رحمه الله: أربعة تزيد في العقل: ترك الفضول من الكلام.
** قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: ينبغي للعاقل أن يكون....حافظاً للسانه.
** قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله: كلام الإنسان عنوان عقله, يدله عليه.
- يعرف خير الخيرين, وشر الشرين:
** قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس العاقلُ الذي يعرفُ الخيرَ من الشر, ولكنه الذي يعرف خيرَ الشرَّين.
** قال الشافعي: ليس العاقل الذي يدفع بين الخير والشر فيختار الخير, ولكن العاقل الذي يدفع بين الشرين فيختار أيسرهما.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر, وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين, وشر الشرين.
- يستخدم القياس:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: العاقل يقيس الغائب على الشاهد، والمستقبل على الحاضر، ويتبيَّن له الأمر.
ــــــــــــ
- لا يختار محبة ما يضره ويشقيه:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الحي العاقل لا يختار محبة ما يضره ويُشقيه, وإنما يصدر ذلك عن جهلٍ وظلمٍ, فإن النفس قد تهوى ما يضرها ولا ينفعها – وذلك من ظلم الإنسان لنفسه – إما أن تكون جاهلة بحال محبوبها بأن تهوى الشيء وتحبه غير عالمة بما في محبته من المضرة, وهذا حال من اتبع هواه بغير علم, وإما عالمة بما في محبته من المضرة, لكن تؤثر هواها على علمها, وقد تتركب محبتها من أمرين: اعتقاد فاسد, وهوى مذموم, وهذا حال من اتبع الظن وما تهوى الأنفس.
- لا يستمع إلى النمام ويحذَر منه:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: العاقل إذا نقل إليه أحد شيئًا عن شخص، فإنه يستحضر آية من القرآن وتكفيه، وهي قوله عز وجل: ﴿ {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } ﴾ [القلم: 10، 11].
- يتوقى الوقوع في الزلل والخطأ:
** قال الإمام ابن قتيبة: قال زياد: ليس العاقل الذي يحتال للأمر إذا وقع, ولكنه الذي يحتال للأمر ألا يقع فيه.
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: والعاقل يحسم الداء قبل أن يبتلى به، ويدفع الأمر قبل أن يقع فيه.
- يُكثرُ من ذكر الله عز وجل:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: الإنسان العاقل الحازم المؤمن لا يزال يذكُر الله سبحانه وتعالى؛ لأن في كل شيء من مخلوقاته آية تدل على وحدانيته سبحانه وتعالى، وعلى حكمته.
ـ
- التصنيف: