من أقوال السلف في المزاح
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
قال ربيعة بن أبي عبدالرحمن: المروءة في السفر: بذل الزاد, وقلة الخلاف على الأصحاب, وكثرة المزاح في غير مساخط الله.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فقد أفرد الإمام الترمذي رحمه الله, في كتابه النافع المفيد " شمائل النبي صلى الله عليه وسلم " باباً سماه: باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم, أورد فيه عدداً من الأحاديث التي كان عليه الصلاة والسلام يمازح فيها أصحابه, لكنه لا يقول إلا حقاً, فعن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قالوا: يا رسول الله ! إنك تُداعبنا ؟ ! قال: «إني لا أقول إلا حقاً»
فالمزاح الذي يكون بقدر الحاجة, ولا يقول الإنسان فيه إلا حقاً, ولا يؤذي فيه أحداً, لا حرج على المسلم فيه.
للسلف أقوال في المزاح, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
- المزاح لإدخال السرور على النفس:
مزح الإمام الشعبي رحمه الله يوماً, فقيل له: يا أبا عمرو أتمزح.؟
قال: إن لم يكن هذا مُتنا من الغمِّ.
- المزاح في السفر:
قال ربيعة بن أبي عبدالرحمن: المروءة في السفر: بذل الزاد, وقلة الخلاف على الأصحاب, وكثرة المزاح في غير مساخط الله.
- من أضرار كثرة المزاح:
** قال جعفر بن محمد رحمه الله: إياكم والمزاح, فإنه يذهب بماء الوجه.
** قال عبد لله بن المعتز رحمه الله: المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب.
** قال الخطيب البغدادي رحمه الله: كثر المزاح والضحك يضع من القدر, ويزيل المروءة.
** قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: من أسباب قسوة القلب أيضًا: كثرةُ المِزاح واللعب.
- المزاح المنهي عنه:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن المنهي عنه الإفراط فيه, أو المداومة عليه. أما المداومة فلأنه اشتغال باللعب والهزل فيه, واللعب مباح, ولكن المواظبة عليه مذمومة, وأما الإفراط فيه فإنه يورث كثرة الضحك, وكثرة الضحك تميت القلب, وتورث الضغينة في بعض الأحوال, وتسقط المهابة والوقار. فما يخلو من هذه الأمور فلا يذم.
** قال الإمام النووي رحمه الله: قال العلماء: المزاح المنهي عنه, هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه, فإنه يورث الضحك وقسوة القلب, ويشغلُ عن ذكر الله تعالى, والفكر في مهمات الدين, ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء, ويورث الأحقاد, ويسقط المهابة والوقار. وأما ما سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
** قال ابن عبدالبر: وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح لما فيه من ذميم الأخلاق, ومن التوصل إلى الأعراض, واستجلاب الضغائن, وإفساد الإخاء.
- من سمات المعلم وأخلاقه: قلة المزاح:
قال العلامة ابن باز رحمه الله: ينبغي أن يكون محافظًا على المأمورات الشرعية بعيدًا عن المنهيات حافظًا لوقته قليل المِزاح.
أولياء الله يتنزهون عن كثرة المزاح:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: أولياء الله يتنزهون عن فضول المباحات وليس كل مباح يأتونه, بل هناك مباحات لا تناسبهم وإن كانت مباحة من الشرع, ولكن تناسب غيرهم من المسلمين, فالأولياء يتنزهون عن كثير من المباحات إما من جهة الورع, وإما من جهة ترك خوارم المروءة, وإما من جهة أشياء قد يراها الولي لا تناسبه. مثاله: كثرة المزاح
- طالب العلم يتجنب كثرة المزاح:
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: يجب على طالب الحديث أن يتجنب...إدمان المزاح والإكثار منه, فإنما يستجاز من المزاح يسيره ونادره وطريفه, الذي لا يخرج عن حد الأدب, وطريقة العلم. فأما مُتصله وفاحشه وسخيفه, وما أوغر منه الصدور, وجلب الشر, فإنه مذموم.
- من لا يُمازحون:
** قال محمد بن المنكدر رحمه الله: قالت لي أمي: يا بُني, لا تمازح الصبيان فتهون عليهم.
** قال سعيد بن العاص لابنه رحمهما الله: يا بني, لا تمازح الشريف, فيحقد عليك, ولا تمازح الدنيء فيجترئ عليك.
** قال ابن عبدالبر: من أراد أن يدوم له ود أخيه فلا يمازحه.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ