العلاقات الأسرية في عصر الإنترنت
زادت معدلات العزلة الاجتماعية بين الناس، لا سيما بين أفراد الأسرة الواحدة أكثر في عصر الإنترنت، وتناولت الدراسات هذه الزيادة والإحصائيات المرتبطة بها
- التصنيفات: وسائل التكنولوجيا الحديثة - مجتمع وإصلاح -
مقدمة:
بدأ تأثير أجهزة التكنولوجيا على الأسر في بلاد الغرب، ومنها في الولايات المتحدة بعد مرور أكثر من عشر سنوات من استخدام الأجهزة المرتبطة بالإنترنت، وبعد ظهور جيل الإنترنت المتأثر بهذه الأجهزة، أجرينا دراسات؛ مثل: " دراسة جيل الإنترنت، صفاته، أخلاقياته، دراسة مكتبية"، و"دراسة صعوبة السيطرة على سلوكيات الأبناء في عصر انتشار أجهزة التكنولوجيا"، و"التكنولوجيا وضعف العلاقات الاجتماعية في الأسرة.. أسباب.. حلول"، وغيرها، وأشارت هذه الدراسات إلى أن جيل الأطفال والمراهقين والشباب الذي ولد أو عاش صغارًا في عصر الإنترنت هو جيل يوجد في كل مكان في بلاد الشرق والغرب، وإذا أردت المزيد من صفات هذا الجيل اطلع على دراستنا: "جيل الإنترنت، صفاته.. أخلاقياته"، وبالتالي تعكس هذه المقالة الحالية المعاناة التي يعاني منها الوالدان في أية أسرة من التأثير السلبي لأجهزة التكنولوجيا على أطفالهم، خاصة ضعف العلاقة بين أفرادها وهشاشتها.
كنا ندعو كثيرًا بدراسة خصائص نمو الأطفال (لا سيما طلبة المدارس)؛ حيث إنهم يتأثرون بالظروف الخارجية أكثر من الظروف بداخل الأسرة، ومن هذه الخصائص الميل إلى الاستقلالية مع بداية مرحلة المراهقة، وتأثرهم بالأجهزة المحمولة يجعلهم بعيدين عن أسرهم مع أنهم في المنزل، ونحاول أن نستعرض بعض النظريات الاجتماعية التي ظهرت في عصر الإنترنت بشأن العلاقات الأسرية وتأثرها بالأجهزة المحمولة.
تكشف لنا هذه المقالة تعامل الآباء وهم من عاصر فترة من عمره عصر الإنترنت مع أطفالهم، وقد يكون أكثر الآباء يعانون أيضًا بالتأثيرات السلبية التي أفرزها عصر الإنترنت على الناس، والدراسات التي اطلعنا عليها بهذا الشأن تشير إلى طبيعة العلاقات بين جيل الآباء وجيل الأطفال (جيل الإنترنت)، وقد يلجأ بعض الآباء إلى مراقبة أنشطة أطفالهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، لعدم القدرة على مراقبتهم مباشرة وجهًا لوجه؛ مما يعني تدهور العلاقة بينهم وبين أطفالهم، وهذا يذكرني بأحد تعليقاتي وأنا أصف مواقع التواصل الاجتماعي بالشيطان الذي يفرق بين الناس عامة وبين الأقرباء (أفراد الأسرة) خاصة.
الدراسات التي اطلعنا عليها:
دراسة (2012، Sarah Huisman، وآخرون)، طلبت من أربع عائلات إجراء مقابلات والاحتفاظ بسجل لتوثيق استخدام التكنولوجيا في المنزل، تشير النتائج إلى أن العائلات في صراع حول التكنولوجيا المناسبة لاستخدامها ومقدار الوقت الذي يقضيه الفرد في استخدامها في المنزل.
استخدمت جميع العائلات مجموعة متنوعة من الأجهزة الإلكترونية لأسباب مختلفة، وناقشت القواعد الموضوعة للاستخدام في المنزل، وتتعارض العائلات أيضًا حول الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في حياتهم، وما إذا كان الوصول الفوري إلى المعلومات يستحق الإلهاء المحتمل، أخيرًا ناقشت العائلات أيضًا استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على أطفالهم، على الرغم من أن هذه الدراسة محدودة في عدد المشاركين، إلا أن النتائج تشير إلى أن العائلات لا تزال في صراع حول استخدام التكنولوجيا في المنزل.
دراسة (2013، Jim Taylor) تشير إلى وجود فجوة رقمية بين الآباء وأطفالهم وأسباب هذه الفجوة التي تجعل الآباء في تخوف، مع الانخراط بأنشطة أطفالهم إلى جانب أن عصر الإنترنت زاد من فجوة تباعد بين الجيلين، مع زيادة رغبة الأطفال استقلالهم عن آبائهم، مع أن بعض الآباء يتخذ من أطفاله أصدقاء له عبر بعض المواقع الاجتماعية، كذلك هذه الفجوة تظهر واضحة بين الجيلين في أن الآباء لا يمثلون قدوة في السلوك الجيد لأطفالهم عبر الإنترنت.
دراسة (Billiterri, 2008) إن استخدام الشبكات الاجتماعية أكثر لدى المراهقين والأطفال في المدارس المتوسطة أو الثانوية، يواجه الآباء صعوبة لتحديد متى يسمح لأطفالهم بالوصول، ومتى يقيدون الوصول إلى الكمبيوتر، كذلك يقلق الآباء أن التنمر عبر الإنترنت مصدر قلق لهم.
يمكن القيام بذلك من خلال كل من الهواتف المحمولة والشبكات الاجتماعية، بما في ذلك المطاردة والمضايقات التي يمكن أن تصبح خطرة كما رأينا في العديد من حالات انتحار المراهقين في السنوات الأخيرة.
دراسة (2015، Brandon T. McDaniel)، تشير إلى وصف استخدام الأفراد في الأسرة على أنه "حضور غائب"، أو فعل التواجد الجسدي، مع وجود فكر الفرد في مكان آخر بناءً على الاتصال أو النظر إلى المحتوى من الهواتف المحمولة، وما يؤدي إلى معاناة الفرد (الطرف الآخر) من أزمات نفسية؛ كالاكتئاب والتوتر والعزلة إلى جانب اعتراف الوالدين إلى انشغالهما بالأجهزة، يجعل الطفل لا يحصل على رسائل إيجابية من الوالدين، ولا يكونان قدوة له في استخدام الأجهزة بشكل سليم.
دراسة كل من (2018، Radesky & McDanie)، تبحث هذه الدراسة فيما إذا كان استخدام الوالدين للتكنولوجيا الإشكالية مرتبطًا بالمقاطعات القائمة على التكنولوجيا في تفاعلات الوالدين مع الطفل التي يطلق عليها "التكنوفيرنس"، وما إذا كان التكنووفر مرتبطًا بمشاكل سلوك الطفل، أظهرت تقارير الآباء من 170 عائلة أمريكية (الطفل ماجي = 3.04 سنة)، ونمذجة الترابط بين الممثل والشريك أن استخدام التكنولوجيا الرقمية الإشكالية للأم والأب قد توقع قدرًا أكبر من التكنولوجيا في التفاعلات بين الأم والطفل والأب والطفل بعد ذلك، تنبأت تقنية الأمهات بتقارير كل من الأمهات والآباء عن سلوكيات الطفل الخارجية والاستيعابية، تشير النتائج إلى أن الانقطاعات التكنولوجية مرتبطة بسلوكيات الأطفال المشكلة.
دراسة (2014، Chris وآخرين)، نقدم ثلاث صور مصغرة لدراسات الحالة مستمدة من دراسة جارية للمنزل الأسترالي المعاصر كعقدة في شبكات اتصال محلية وإقليمية وعالمية كثيفة، باستخدام دراسات الحالة وترسم بعض الإستراتيجيات التي يتبعها الآباء والأطفال أثناء استخدام أجهزتهم الخاصة بهم، وتؤكد الدراسة أهمية التفاوض للعلاقة بينهم.
دراسة (2017، Clark) تناولت نظرية الوساطة الأبوية التي تؤكد كيفية استخدام الآباء للتواصل بين الأشخاص للتخفيف من الآثار السلبية التي يعتقدون أن وسائل الاتصال أثرت على علاقاتهم بأطفالهم، وناقشت الدراسة نظرية التطور الاجتماعي التي وضعها (L. Vygotsky's (1978)) كوسيلة إعادة التفكير في دور مراكز رعاية الأطفال في التفاعلات بين الآباء والأطفال التي توفرها وسائل الإعلام الجديدة، ودور إستراتيجية التعلم التشاركي التي تتضمن تفاعل الآباء والأطفال من خلال الوسائط الرقمية.
دراسة "بوشليبي، 2006" تشير إلى أطروحتين مختلفتين، الأطروحة الأولى ترى في هذه المواقع فرصة للبشرية لتبادل الاتصال والمعرفة، والقضاء على عوائق الزمان والمكان، فتزيد في تقارب الناس، وترفع من درجة تفاعلهم، وتنشئ علاقات اجتماعية جديدة، كما أنها تختزل قدرًا هائلًا من الإجراءات في التعاملات والمبادلات التجارية والاقتصادية، فيما تنظر الأطروحة الثانية لهذه الشبكات نظرة كارثية إذ ترى أنها تشكل مصدر الخطر الحقيقي على العلاقات الاجتماعية، وتؤدي إلى ميلاد مجتمع يحمل عوامل القطيعة مع التقاليد الثقافية، كما تؤدي إلى العزلة وتفكك نسيج الحياة الاجتماعية، ويرى هؤلاء أن وسائل التواصل الاجتماعي قد اقتحمت الحياة العائلية بحيث قللت من فرص التفاعل والتواصل داخل الأسرة.
دراسة (لعياضي، 2020) تسعى الدراسة إلى المساهمة في النقاش العلمي الذي طُرح منذ أزيد من عقدين من الزمن، والذي يتمحور حول السؤال الآتي: هل يمكن دراسة مواقع الشبكات الاجتماعية بالاستعانة بالنظريات التي درست وسائل الإعلام التقليدية؟ وقد اختارت لهذا الغرض نظرية "الاستخدامات والإشباعات"، وحاولت أن تفهم الدوافع التي تحثُّ المستخدمين على استخدام الشبكات الاجتماعية المختلفة، والإشباعات المحققة من هذا الاستخدام.
دراسة (الشهري، حنان، 1433هـ) هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على الأسباب التي تدفع إلى الاشتراك في موقعي الفيسبوك وتويتر، والتعرف على طبيعة العلاقات الاجتماعية عبر هذه المواقع، والكشف عن الآثار الإيجابية والسلبية الناتجة عن استخدام تلك المواقع.
دراسة (العنزي، سلمى سعدي، 2017) سعت الدراسة إلى التعرف على النظريات المفسرة لأثر مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية في الأسر السعودية، وتناولت الدراسة نظرية الاتصال، ومكوناته، وعوامله المؤثرة عليه، وتكنيكاته، كما تطرقت إلى الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق مفهومه، وأنواعه والتي تمثلت في الفيس بوك والتويتر.
دراسة (إدريس، ميادة بنت محمود، 2015)، هدفت الدراسة إلى الكشف عن أنماط علاقة الوالدين بالأبناء ومدى تأثيرها في المراهق، وأثر بعض الأنماط الديمقراطية (كالحرية، والحوار، والنقاش)، والتسلطية (كالحرمان، والنبذ، والاحتقار، والعقاب البدني) في شخصية المراهق، وقدرته على التكيف مع المجتمع، ومن أجل تحقيق هذا الهدف اعتمدت الباحثة على عدة نظريات اجتماعية، من أهمها النظرية التفاعلية الرمزية ونظرية الدور.
دراسة (ذياب، سليمة، 2020)، تهدف الدراسة بدراسة انعكاسات شبكات التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية الأسرية، كونها ظاهرة اجتماعية جديدة غزت جل الأسر فقد تكون معول هدم أو أداة بناء، فقد تمحورت هذه الورقة البحثية حول سؤال أساسي هو: إلى أي مدى ينعكس استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على تحديد طبيعة العلاقات داخل النسق الأسري؟ وقد استعملت الدراسة المنهج الوصفي، واستمارة الاستبيان، أسفرت النتائج العملية لهذه الدراسة إلى أن هناك انعكاس لاستعمالات المفرطة لشبكة التواصل الاجتماعي على واجبات الفرد داخل النسق الأسري، وتنعكس الاستعمالات المفرطة لشبكة التواصل الاجتماعي على لغة التفاعل داخل النسق الأسري، وأنها تؤدي لعزلة الأزواج عن بعضهم بعض رغم تواجدهم الشكلي في بيت واحد؛ مما قد يؤدي بهم للانخراط في عالم افتراضي يسبب لهم اضطرابات نفسية، وربما الدخول في علاقات غير شرعية.
النظريات الاجتماعية في عصر الإنترنت:
إن نظريات علم الاجتماع الكلاسيكية وآراء رواد علم الاجتماع، لم تعد ملائمة أو يمكن الاعتماد عليها في تحليل وتفسير قضايا التفاعلات الحضارية المعاصرة؛ لأنها لم تقدم معالجات فكرية ملائمة لهذه القضايا، بسب سرعة تتطور الواقع الاجتماعي، وانتقاله من حالة القومية إلى العالمية والكونية، وعدم وجود محاولات علمية جادة وبصورة مباشرة لمعالجة هذه القضايا نظريًّا من قبل منظِّري علم الاجتماع، عكس العلوم السياسية والدينية... إلخالتي بها وفرة في الدراسات والأبحاث والمعالجات العلمية لقضايا التفاعلات الحضارية. (2020،Mohamed Bayoumy)
لم يبلور الباحثون الاجتماعيون نظرية خاصة بالتواصـل عـبر الإنترنت، فالغالبيـة العظمـى مـن المحـاولات الـتي تمـت بهـذا الشـأن كانـت قـد عالجـت التـأثيرات ضـمن الفهـم الـذي قدمتـه نظريـات وسـائل الاتصـال الجمـاهيري لهـذه المسـألة، فقـد تعاملـت هـذه المحـاولات مـع الإنترنت باعتبـاره وسـيلة الاتصـال الجمـاهيري ينطبـق عليهـا مـا ينطبـق علـى وسـائل الاتصـال الجمـاهيري الأخـرى، فهناك النظرية التفاعلية الرمزية، ونظرية انتشار المستحدثات، ومدخل الاسـتخدامات والإشـباعات، وتشير النظريـة التفاعليـة الرمزيـة بـأن الحيـاة الاجتماعيـة ومـا يكتنفهـا مـن عمليـات وظـواهر وحـوادث، مـا هي إلا شبكة معقـدة مـن نسـيج التفـاعلات والعلاقـات بـين الأفـراد والجماعـات الـتي يتكـون منهـا المجتمع، فالحياة الاجتماعية يمكن فهمُها واستيعاب مظاهرها الحقيقية عن طريق النظر إلى التفاعلات التي تقـع بـين الأفراد، وأن لهذه التفاعلات دوافعها الموضوعية والذاتية وآثارها على الأفراد والجماعـات، والنظريـة التفاعليـة الرمزية، يُمكن أن تفهم نموذج الإنسان عبر الدور الذي يحتله والسلوك الذي يقوم به نحو الفـرد الآخـر الـذي كـوَّن علاقـة معـه خـلال مـدة زمنيـة محـددة (الشهري، 1433هـ).
بعض هذه النظريات الاجتماعية:
تركز النظريات الاجتماعية على كيفية تأثير البشر والتكنولوجيا في بعضهم البعض، تركز بعض النظريات على كيفية اتخاذ القرارات مع البشر والتكنولوجيا: البشر والتكنولوجيا متساوون في القرار، والبشر يقودون التكنولوجيا، والعكس صحيح، تنظر التفاعلات المستخدمة في النظريات إلى تفاعلات الإنسان الفردية مع التكنولوجيا، ولكن هناك مجموعة فرعية لمجموعة الأشخاص الذين يتفاعلون مع التكنولوجيا، النظريات الموصوفة غامضة عن قصد وغير غامضة؛ حيث تتغير ظروف النظريات مع تغير الثقافة البشرية والابتكارات التكنولوجية والمناهج الوصفية (2012، Mark A).
وُلِدت نظرية الاستخدامات والإشباعات من رحم نظرية التأثير النسبي التي استقاها بول لازارسفيلد (Paul Lazarsfeld) في بحوثه منذ ثلاثينات القرن الماضي، من أجل تلبية طلب اجتماعي شكَّله القلق أو حتى الخوف من مخاطر الأفلام السينمائية على الأطفال، وفرضته رغبة مُلاك المحطات الإذاعية والمعلنين في معرفة سبب الإقبال على بعض البرامج الإذاعية، وتجلَّت بعد انتشار أعمال مدرسة تورونتو (Toronto School) في الاتصال، وعلى رأسها أعمال مارشال ماكلوهان (MarshallMcLuhan) الذي نقل الاهتمام في الدرس الإعلامي من المحتوى إلى الوسيلة كحامل للرسائل (2020، العياضي).
نظرية انتشار المستحدثات لروجر (Rogers) تعتبر نظرية روجرز لانتشار المستحدثات أحد النظريات الأساسية في العصر الحديث لظاهرة تبني المجتمعات للمخترعات الجديدة، ويمكن تعريف المقصود بالانتشار بأنه العملية التي يتم من خلالها المعرفة بابتكار أو اختراع ما، من خلال عدة قنوات اتصالية بين أفراد النسق الاجتماعي، وقد قام (روجرز) بدراسات عديدة في هذا المجال، ووجد أن هناك علاقة بين انتشار المستحدثات وحدوث التغير الاجتماعي (الشهري، 1433هـ).
نظرية التأثير القوي لوسائل الاتصال هي من أقدم نظريات الاتصال، وانتشرت مع مطلع العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وتهدف النظرية تأثير وسائل الاتصال على الأفراد وتغيير اتجاهاتهم، وهذا ينطبق على ثورات الربيع العربي التي حدثت في بعض الدول العربية؛ حيث أثرت مواقع التواصل الاجتماعي على الشباب العربي فقام بثوراته (الشهري، 1433هـ).
استخدم الباحث نظريتي البيئة الإعلامية Media Ecology والنظرية التفاعلية Interactivity، وتُعد النظرية "التكنولوجية لوسائل الإعلام" من النظريات الحديثة التي عبرت عن دور وسائل الإعلام، وطبيعة تأثيرها على مختلف المجتمعات، ومبتكر هذه النظرية (مارشال ماكلوهان)، وكان يعمل أستاذًا للغة الإنجليزية بجامعة تورنتو بكندا، ويعتبر من أشهر المثقفين في النصف الثاني من القرن العشرين(1).
وعرف "نايل بوست مان"Neil Postman" نظرية البيئة الاعلامية على أنها تبحث في مسألة كيفية تأثير وسائل الاعلام على الإدراك البشري، والتفاهم، والشعور، والقيمة، وكيفية تفاعلنا مع الوسائل الاعلامية التي تسهل أو تعوق فرصنا في البقاء على قيد الحياة(2)، (هشام البرجي، 2016).
استعرض (العمر، معن خليل، 1007) في كتابه المعنون: نظريات معاصرة في علم الاجتماع، بعض النظريات المرتبطة بهذا العلم مثل نظرية النسق الاجتماعي، نظرية التبادل الاجتماعي، نظرية الظاهراتية (لفينومينولوجي)، نظرية الحياة الاجتماعية اليومية (أثنوميثودولوجي)، فيتناولها بالعرض والمناقشة والنقد بدءًا من مفهوم ومحتوى النظرية الاجتماعية، ومرورًا بتعريفها وأهدافها ووظائفها، وأشهر منظريها ومنطلقاتها وأنواعها، ومفاصل بنائها، فمثلًا ما حصل مع نظرية النسق الاجتماعي إذ أكمل وأضاف "مارفن أولسن" ما جاء به "بارسونز"، ومن جاء به "والتر بكللي"؛ ليضيف رؤى مستجدة لم يأت به كل من "بارسونر وأولسن".
كتاب النظرية المعاصرة في علم الاجتماع (طلعت لطفي وكمال الزيات، 1999) من بين الكتب الأساسية في النظرية الاجتماعية المعاصرة؛ حيث يتضمن عرض أحدث النظريات أو المنظورات الأساسية في علم الاجتماع مثل المنظور الوظيفي، ومنظور الصراع والمنظور التفاعل، ويعرض هذا الكتاب بالتفصيل لبعض أشكال المنظور التفاعلي مثل المنظور الأثنوميثودولوجي، ومنظور التبادل الاجتماعي، ولم يكتف هذا الكتاب بعض المنظورات الأساسية في علم الاجتماع وتقييمها، بل حاول توضيح كيفية تطبيق هذه المنظورات في بعض الظواهر والنظم والمشكلات الاجتماعية، مثل الأسرة، والتنشئة الاجتماعية، ومشكلة عدم المساواة بين النوعين، والمشكلات الحضرية، والمشكلات البيئية، ومشكلة الجريمة.
ويحتوي هذا الكتاب على مقدمة وسبعة فصول رئيسية، يوضح الفصل الأول مفهوم وطبيعة النظرية السوسيولوجية، وتعرض الفصول التالية للمنظورات الأساسية في علم الاجتماع، حيث يعرض الفصل الثاني للمنظور الوظيفي، ويشرح الفصل الثالث لمنظور الصراع، ويتناول الفصل الرابع المنظور التفاعلي، ويدور الفصل الخامس حول المنظور الأثنوميثودولوجي، وأخيرًا يعرض الفصل السادس لمنظور التبادل الاجتماعي.
تصف هذه المقالة نظرية الوساطة الأبوية ل (2011،Lynn Schofield Clark) التي تطورت للنظر في كيفية استخدام الآباء للتواصل بين الأشخاص للتخفيف من الآثار السلبية التي يعتقدون أن وسائل الاتصال لها على أطفالهم.
أناقش نقاط القوة والضعف في هذه النظرية كما هو مستخدم في أدبيات تأثيرات الوسائط الاجتماعية والنفسية الجذور، وكذلك الأبحاث الإثنوغرافية الاجتماعية والثقافية حول استخدامات وسائل الإعلام العائلية، لحساب العمل العاطفي الذي أدخلته وسائل الإعلام الرقمية في الحياة الأسرية المعاصرة، قمت بمراجعة أدبيات متعلقة بالعلاقة والتواصل بين الأشخاص على أساس عمل عالم الاجتماع إيه آر هوشيلد (1977، 1989) على العواطف، واقترح نظرية التطور الاجتماعي التي وضعها إلفيجوتسكي (1978) كوسيلة إعادة التفكير في دور مراكز رعاية الأطفال في التفاعلات بين الآباء والأطفال التي توفرها وسائل الإعلام الجديدة، ويختتم المقال باقتراح أنه بالإضافة إلى إستراتيجيات المشاهدة النشطة والمقيدة والمشتركة كإستراتيجيات وساطة الوالدين، يحتاج البحث المستقبلي إلى النظر في الإستراتيجية الناشئة للتعلم التشاركي التي تتضمن تفاعل الآباء والأطفال من خلال الوسائط الرقمية.
كتب أحد أكاديميين العرب في كتاب "النظرية الاجتماعية في عصر العولمة"، ونشر الكتاب مركز سمت للدراسات في 17 /10 /2019:
إن إعادة بحث التنظير في مسألة التفاعل بين الحضارات يتسق إلى حد كبير مع فكرة العولمة والتنظير الذي بدأ يروج لها، والتي تعني بالأساس محاولة فرض نمط الحياة الغربية على مجتمعات العالم بهدف خلق تجانس ثقافي واجتماعي وحضاري عالمي قاعدته نمط الحياة الرأسمالية الغربية، وهو الأمر الذي يعني ضمنيًّا استبعاد المبادئ الأساسية للحضارات الأخرى، أو على الأقل إضعافها، وفي مقابل ذلك العمل على نشر مبادئ الحضارة الغربية الرأسمالية، لتصبح قاعدة لحضارة عالمية جديدة هي حضارة العولمة، فقد انعكست هذه التغيرات على بنية النظرية السوسيولوجية المستندة في إطارها المرجعي إلى النسق الاجتماعي القومي، بيد أنه مع هذه التغيرات السابق ذكرها في خرائط التنظير الاجتماعي، نجد أن هذا النسق القومي في حالة تراجع، أو بالأخرى حالة تآكل وتلاشي نتيجة لبروز النسق المحلس والنسق العالمي الكوني، أو بالأحرى سيطرة النسق العالمي، إذ أصبح من الصعب في هذه الآونة الراهنة تحديد إطار مرجعي للنظرية السوسيولوجية.
سلبيات استخدام الأجهزة المحمولة داخل الأسرة:
ظهور الفجوة الرقمية وتداعياتها:
نمت هذه الفجوة بسبب الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا بين الأطفال بعدة طرق، أولًا: إن استيعاب الأطفال للتكنولوجيا، من إرسال الرسائل النصية إلى ممارسة ألعاب الفيديو، يحد بطبيعتهم من توافرهم للتواصل مع والديهم، وجدت إحدى الدراسات أنه عندما وصل الوالد العامل إلى المنزل بعد العمل، كان أطفاله منغمسين في التكنولوجيا لدرجة أن الوالد لم يستقبل سوى 30 بالمائة من الوقت وتم تجاهله تمامًا بنسبة 50 بالمائة من الوقت.
ثانيًا: كمهاجرين رقميًّا يمكن للوالدين أن يكافحوا لاكتساب الكفاءة والراحة مع التكنولوجيا الجديدة التي أتقنها أطفالهم الأصليون رقميًّا، هذا الاختلاف في الكفاءة في مثل هذا المجال المهم من حياة الأطفال يجعل من الصعب على الآباء القيام بدور المعلم وتوجيه استخدام أطفالهم للتكنولوجيا، بسبب نقص الفطنة التكنولوجية من جانب العديد من الآباء، فإنهم يفتقرون على الأقل في نظر أطفالهم إلى السلطة لتنظيم استخدامها منها.
ثالثًا: وفرت تكنولوجيا الكمبيوتر والهاتف المحمول للأطفال الاستقلال في اتصالاتهم مع الأصدقاء والآخرين، ضع في اعتبارك هذا في الأجيال السابقة، إذا أراد الأطفال التواصل مع صديق، كان عليهم الاتصال بهم على هاتف المنزل الذي قد يرد عليه أحد الوالدين، وبالتالي أتيحت للوالدين الفرصة لرصد الحياة الاجتماعية لأطفالهم والعمل حرَّاسًا.
لقد تغيَّر الزمن توفر التكنولوجيا الجديدة للأطفال الاستقلال عن مشاركة والديهم في حياتهم الاجتماعية، باستخدام الهواتف المحمولة والمراسلة الفورية، ومواقع الشبكات الاجتماعية بطبيعة الحال، يرى الأطفال أن هذا الانقسام التكنولوجي بينهم وبين والديهم هو تحرر من الانخراط المفرط، والتطفل من جانب آبائهم في حياتهم.
الآباء بدورهم يرون في ذلك فِقدانًا للتواصل مع أطفالهم، وعدم القدرة على الحفاظ على رقابة معقولة، من أجل السلامة والصحة العامة لحياة أطفالهم.
الآباء يتحملون هذه الفجوة أيضًا:
ليس الأطفال وحدهم هم المسؤولين عن الانقسام المتزايد بين الوالدين وذريتهم، يمكن أن يكون الوالدان مذنبين بنفس القدر بالمساهمة في المسافة التي يبدو أنها تتزايد في العائلات، غالبًا ما ينشغلون بالتكنولوجيا الخاصة بهم، على سبيل المثال: التحدث على هواتفهم المحمولة، أو التحقق من البريد الإلكتروني، أو مشاهدة التلفزيون، عندما يمكنهم التحدث إلى أطفالهم أو اللعب معهم أو التواصل معهم بشكل عام.
حجم المنزل وسعته ساهم في العزلة والفجوة بين الآباء وأطفالهم:
الحقيقة هي أن الحياة الأسرية قد تغيرت في الجيل الأخير بعيدًا عن ظهور التكنولوجيا، نما حجم المنازل بنسبة 50 في المائة؛ مما يعني أنه يمكن لأفراد الأسرة التراجع إلى زوايا المنزل الخاصة بهم، وبالتالي تقل فرصة رؤية الآباء والأطفال لبعضهم البعض، نظرًا لأن الجميع مشغولون جدًّا بالعمل والمدرسة والأنشطة اللامنهجية، فهناك وقت أقل تقضيه العائلات معًا، أضف التكنولوجيا إلى المزيج، وسيزداد الأمر سوءًا، لقد وصل الأمر إلى النقطة التي يبدو فيها أن الآباء والأطفال يتراسلون عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية لبعضهم البعض، أكثر مما يتحدثون حتى عندما يكونون في المنزل معًا.
لا يُمثل الآباء القدوة للأطفال/ هناك قدوات رقمية في عالم الإنترنت:
هناك أيضًا مشاركة أقل مما يعني أن الآباء يعرفون القليل عما يحدث في حياة أطفالهم، وبالتالي لديهم قدرة أقل على ممارسة التأثير عليهم، كما أن الآباء ليسوا أقل قدرة على تقديم الإشراف والتوجيه المناسبين فحسب، ولكنهم على مستوى أساسي أكثر، أقل قدرة على نمذجة السلوك الصحي، ومشاركة القيم الإيجابية، وإرسال رسائل جيدة لأطفالهم (2013، Jim Taylor).
ذكرت في دراسة لي (الفجوة الرقمية بين الآباء وجيل الإنترنت، 2020) عن الفجوة الرقمية بين الآباء وأطفالهم: تأثر الأطفال بقيم وثقافة الإنترنت، جعل الكثير من الأسر تستجيب لمطالب وإرادة أطفالهم، ويجدون صعوبة في تعديل سلوكياتهم، فالسهر عند الأطفال قد ارتبط بالأجهزة التكنولوجية أكثر وتغير نمط حياة الناس، لا سيما في أيام العطل، وكذلك فإن الأطفال تعلموا السرقة والكذب وإيذاء الآخرين أكثر في عصر الإنترنت، وتناول الطعام على الأريكة لانشغال الأطفال بممارسة الألعاب ومشاهدة الرسوم المتحركة، وإضاعة الوقت بالدردشة عبر الفيديو مع الأصدقاء، يكون على حساب وقت كتابة الواجبات أو الاستذكار والاستعداد للامتحان، وتناول الطعام مع الأسرة.
قطع الحديث مع بقية أفراد الأسرة:
يؤثر تعامل الزوجين بالأجهزة على العلاقة بينهما، وأشارت دراسات كثيرة إلى توتر هذه العلاقة، وسوء فهم بينهما إلى درجة الانفصال أو الطلاق، وهذا بحد ذاته يؤثر أيضًا على أطفالهما أثناء التربية، وأيضًا علاقة الأبوين بأطفالهما، كان ما يسمى بـ"التداخل التكنولوجي": "التدخلات اليومية أو الانقطاعات في التفاعلات الزوجية أو الوقت الذي يقضيه أفراد الأسرة معًا، وندرة هذا الوقت والذي يحدث بسبب التكنولوجيا"، وظهرت مشكلة أو أكثر في عصر الأجهزة المحمولة، وكيف يمكن أن يكون لذلك آثارٌ سلبية على العلاقات بين الناس؟
أجري مسح على عينة من 143 امرأة متزوجة / متعاشرة، أبلغت كل امرأة عن عدد المرات التي قطعت فيها أجهزة معينة مثل الهواتف المحمولة أو الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التلفزيون، التفاعلات التي أجرتها مع زوجها أو شريكها، قيمت النساء أيضًا عدد المرات التي حدثت فيها حالات انقطاع تكنولوجي معينة، مثل الوجبات والنوم، من المحتمل أن تكون العديد من هذه الانقطاعات غير مقصودة أو بدون وعي، ولكن لا يزال بإمكانها إرسال رسالة مفادها أن الجهاز التكنولوجي أكثر أهمية في تلك اللحظة من الشريك الرومانسي أو مع الأطفال، وإذا حدث هذا بشكل متكرر، فقد تتأثر العلاقة بين الشركاء أو أفراد الأسرة، وتشير النتائج التي توصلت إليها إحدى الدراسات إلى أن هذا هو الحال غالبًا، وُجد أن النساء اللواتي أبلغن عن مزيد من الاحتراف التكنولوجي في علاقتهن الزوجية، وأبلغن أيضًا عن مزيد من الصراع حول استخدام التكنولوجيا، وانخفاض الرضا عن العلاقة الزوجية، والمزيد من أعراض الاكتئاب، وانخفاض الرضا عن الحياة (2015، Brandon McDaniel).
العزلة الاجتماعية بين أفراد الأسرة:
زادت معدلات العزلة الاجتماعية بين الناس، لا سيما بين أفراد الأسرة الواحدة أكثر في عصر الإنترنت، وتناولت الدراسات هذه الزيادة والإحصائيات المرتبطة بها، تناولت دراسة (سفران، عبير 2015) الدراسة السوسيولوجية والعلاقة بين استخدام الإنترنت والعزلة الاجتماعية للطالبة الجامعية عن أفراد أسرتها وأقاربها والمحيطين بها، وقد طبقت الدراسة على عينة من الطالبات الجامعيات السعوديات قوامها 375 طالبة في التخصصات الإنسانية في جامعة الملك سعود. استخدمت الدراسة منهج المسح الاجتماعي بالعينة، وجمعت البيانات باستبيان مغلق صمم لهذا الغرض، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج منها: أن لاستخدام الإنترنت تأثير متوسط على العزلة الاجتماعية عن الأسرة والأقارب بعد أن أصبحت شبكة الإنترنت جزءًا رئيسًا من نمط حياتهنَّ، وأن زيادة استخدام الإنترنت تزيد في معدل العزلة الاجتماعية.
ولخطورة مشكلة العزلة الاجتماعية على تفكُّك الأسرة، سارعت الحكومة البريطانية بتعيين وزيرة لمواجهة تحدٍّ مجتمعي يتزايد خطره يومًا بعد الآخر، ألا وهو تزايُد نِسَب الشعور بالوحدة والعزلة بين أفراد المجتمع، وذلك على خلفية وجود 8 ملايين بريطاني، غالبيتهم رجال في عمر 35 عامًا يعانون الوحدة، ما دعا "لجنة جو كوكس" إلى وصف الأمر بالوباء الصامت في تقريرها الصادر بمناسبة شهر الرجل في مايو الماضي؛ إذ أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته اللجنة في المجتمع البريطاني بمشاركة 1200 رجل - أن 11% منهم يشعرون بالوحدة بشكل يومي (فؤاد، عبير، 2018).
أصبحت التقنيات المحمولة والرقمية الناشئة؛ مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء، وغيرها من الأجهزة المحمولة جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للأطفال الصغار وعائلاتهم، مع وجود أدلة بحثية حول استخدامها وتأثيراتها متخلفة عن معدل تبنِّيه ((Radesky, Schumacher, & Zuckerman, 2015، أحدثت هذه الأجهزة متعددة الوسائط، من خلال وصولها إلى محتوى إنترنت غير محدود وجهات الاتصال الاجتماعية وواجبات العمل والمعلومات والبيانات الشخصية، ثورة في الطرق التي يتفاعل بها الأشخاص مع التكنولوجيا الرقمية، ومع بعضهم البعض (2002، Campbell، Ling، & Bayer، 2014؛ Katz،) على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يجنيها الأفراد من استخدامهم للتكنولوجيا، مثل زيادة الدعم الاجتماعي (2013، Chesley، Slibak).
والقدرة على العمل في المنازل، البحوث الاجتماعية والنفسية تسلِّط الضوء على إمكانية تعطيل الديناميكيات الاجتماعية الشخصية عند استخدام التقنيات المحمولة والرقمية، تَمَّ وصف هذا في البداية على أنه "حضور غائب"، أو فعل التواجد الجسدي، مع وجود فكر الفرد في مكان آخر بناءً على الاتصال أو النظر إلى المحتوى من الهواتف المحمولة (Gergen & Gergen, 2002)، متبوعًا بوصف الأعراف الاجتماعية الجديدة التي تسمح بغزو الأجهزة المحمولة في المساحات الشخصية (Campbell & Park, 2008). في الآونة الأخيرة، تم تقديم مفهوم "التكنلوجيا" الذي يُعرَّف بأنه الانقطاعات اليومية في التفاعلات الشخصية أو الوقت الذي يتم قضاؤه معًا بسبب الأجهزة الرقمية وأجهزة التكنولوجيا المحمولة ((McDaniel, 2015; McDaniel & Coyne, 2016b قد تحدث مثل هذه الانقطاعات أثناء المحادثات وجهًا لوجه، أو الروتين مثل أوقات الوجبات أو اللعب، أو إدراك التدخل الذي يشعر به الفرد عندما يتفاعل شخص آخر مع التكنولوجيا الرقمية أثناء الوقت معًا.
في العلاقات الرومانسية للبالغين ارتبط التكنوفيرنس بمزيد من الصراع مع شريك واحد حول استخدام التكنولوجيا، ورضا أقل عن العلاقة، الإضافة إلى تصورات أكثر سلبية عن جودة المشاركة (McDaniel & Coyne, 2016a).
الحديث في الآونة الأخيرة عن الدور الخطير الذي يلعبه الكمبيوتر في عزل الأفراد اجتماعيًّا، وتفكيك العلاقات بين الأفراد في المجتمع، فغالبية الأشخاص يقضون وقتًا طويلًا في التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت؛ مما يؤدي إلى العزلة عن الآخرين خلال فترة الاستخدام، وهذا بدوره يفضي إلى إيجاد نوع من التفكك الاجتماعي، كما يؤدي انتشار الإنترنت إلى نشر أنماط جديدة من القيم والسلوكيات في المجتمع كله؛ مثل انطوائية مستخدم الكمبيوتر، وقد ظهرت الشخصيات الانطوائية الكثيرة في عصر الإنترنت.
طبقية العلاقة بين أفراد الأسرة وضعفها:
العلاقة بين أفراد الأسرة عبارة عن العلاقة بين الزوجين (الأب والأم)، والعلاقة بين الوالدين وأطفالهما، والعلاقة بين الأطفال بعضهم ببعض، والعلاقة بين أفراد الأسرة خارج البيت مع بقية الناس، وأهمية العلاقة الأسرية تخلق أفرادًا أسوياءَ، أو مرضى، وكلما كانت العلاقة بين الأفراد داخل الأسرة متينة، فإنها تساعد على تماسك الأسرة وسيادة المشاعر المتبادلة بين أفراد (الأمان الأسري)، وطبيعة العلاقة الأسرية تؤثر على توافق الطفل من الناحية الاجتماعية والعاطفية، فينظر إلى ذاته ويتقبلها (تقدير الذات) بنفس الدرجة التي يتقبل بها أفراد أسرته لهذه الذات، وتوجد عوامل تؤثر على العلاقات الأسرية؛ مثل مفهوم كل من الأبوين لطبيعة هذه العلاقات، ومدى تفاهم بين أفراد الأسرة، ونوع الظروف التي يمر بها أفراد الأسرة، وطبيعة شخصية الفرد في الأسرة والتفاعل بين أفرادها والثقة بينهم (العويضي، 2004).
لمعرفة طبيعة العلاقة بين الوالدين والأطفال عند استخدامهم أجهزة التكنولوجيا، فقد أشارت بعض الدراسات إلى نوعية وكمية التفاعل / العلاقة بين أفراد الأسرة على أن هذا التفاعل قليل جدًّا، واستطلع باحثون رأي الأطفال عندما يرون انشغال الوالدين بالأجهزة المحمولة، فقد رأى الباحثون انزعاج الأطفال، وتمنوا أن يهتم بهم والديهم، علمًا أن هؤلاء الأطفال في حالات خاصة يتمنون هذا الاهتمام، خاصة أنهم بعيدون عن أجهزتهم، مع وجود مشكلات لهم في المدرسة، أو مشكلات وصراعات بين الأشقاء، أو يحتاج الطفل أثناء الحجر والتعليم عن بعد إلى مساعدة من أحد الوالدين، فيكونان منشغلين بشؤون المنزل أو بأجهزتهما.
في المقابل تخوف الوالدين من الاستخدام غير الآمن للأجهزة وقلقهم من زيادة هذا الاستخدام المفرط، وناهيك عن المخاطر التي يواجه أطفالهم من سهولة الوصول إلى المحتوى غير المناسب لهم، ومشاهدة المواد الجنسية، وترويج العنف والكراهية والتنمر، والتواصل مع الغرباء وبرامج التجسس للابتزاز والاحتيال.
ذكرنا في دراستنا "التكنولوجيا وضعف العَلاقات الاجتماعية في الأسرة: أسباب وحلول 2012 من أهم أسباب هذا الضعف الأقمار الصناعية ومواقع التواصل الاجتماعي، والهواتف المحمولة، وأشارت هذه الدراسة إلى أشكال هذا الضعف: ضعف علاقة الطفل / المراهق مع والديه، وضعف العلاقة بين الزوجين وضعف العلاقة بين أفراد الأسرة.
المصادر العربية:
♦ أدريس، ميادة بنت محمود (2015) نمط علاقة الوالدين بالأبناء ومدى تأثيرها على المراهقين: دراسة تطبيقية على الأسرة السعودية في محافظة جدة.
♦ البرجي، هشام (2016) تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية للأسرة المصرية، موقع المركز العربي للبحوث والدراسات.
♦ بو شليبي، ماجد (٢٠٠٦م) ثقافة الإنترنت وأثرها على الشباب، الشارقة: دائرة الثقافة والمعلومات- جامعة الشارقة.
♦ ذياب، سليمة (2020) شبكات التواصل الاجتماعي وانعكاساتها على العلاقات الاجتماعية الأسرية من وجهة عينة من المتزوجات: دراسة استكشافية ببلدة الزقم بولاية الوادي – الجزائر.
♦ سبتي، عباس (2012) التكنولوجيا وضعف العَلاقات الاجتماعية في الأسرة: أسباب وحلول.
♦ سفران، عبير (2015) استخدام الإنترنت وعلاقته بالعزلة الاجتماعية لدى طالبات جامعة الملك سعود.
♦ الشهري، حنان (1433هـ) أثر استخدام شبكات التواصل الإلكترونية على العلاقات الاجتماعية، جامعة الملك عبدالعزيز، المملكة العربية السعودية.
♦ عزيز، قودة، تأثر التنشئة الأسرية للمراهق بمضامين الإنترنت إسقاطًا لنظريتي التنشئة والنظرية الاجتماعية لوسائل الإعلام والاتصال، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية Volume 8, Numéro 27, Pages 1-14.
♦ العنزي، سلمى سعدي (2017) النظريات المفسرة لأثر مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية في الأسر السعودية.
♦ العياضي، نصر الدين (2020) مراجعة نقدية لنظرية الاستخدامات والإشباعات في البيئة الرقمية، جامعة الجزائر.
المراجع الأجنبية:
♦ Baker, S. (2004) ‘It's Not about Candy': Music, sexiness and girls’ serious play in after school care, International Journal of Cultural Studies, 7(2), 197.
♦ Brandon McDaniel , Technoference:How Tachnology Can Hurt Relationship ?
♦ Jenny S. Radesky, Technoference: Parent Distraction With Technology and Associations With Child Behavior Problems 2018
♦ Lynn Schofield Clark Parental Mediation Theory for the Digital AgeCommunication, Theory, Volume 21, Issue 4, November 2011, Pages 323–343
♦ Sarah Huisman , THE IMPACT OF TECHNOLOGY ON FAMILIES,2012
________________________________________________________________________
الكاتب: عباس سبتي