هَلْ النَّوْمُ بَعْدَ العَصْرِ مَكْرُوهٌ ؟
ينتشرُ بين المسلمين بعضُ الاعتقاداتِ الخاطئةِ المبنية إما على حديثٍ ضعيفٍ، أو موضوعٍ، أو مكذوبٍ، وإما على أفكارٍ متوراثةٍ من الآباءِ والأجدادِ.
اعْتِقَادَاتٌ خَاطِئَةٌ
الحمد لله وبعد ؛
ينتشرُ بين المسلمين بعضُ الاعتقاداتِ الخاطئةِ المبنية إما على حديثٍ ضعيفٍ، أو موضوعٍ، أو مكذوبٍ، وإما على أفكارٍ متوراثةٍ من الآباءِ والأجدادِ.
والاعتقاداتُ الخاطئةُ قد تكونُ عقائديةً، أو سلوكيةً.
وفي هذا المقال أود أن أطرح بين أيديكم اعتقادات خاطئة نسمعها في مجالسنا، أو نراها في سلوك الناس في المجتمع، والقصد من المقال التحذير من هذه الاعتقادات الخاطئة، وطرحي لهذا المقال لا يعني أنني سأنفرد به، بل من كان لديه من الاعتقادات الخاطئة المنتشرة في مجتمعه فليطرحه هنا ونناقشه بناء على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله.
والاعتقادات الخاطئة لا يشترط أن تكون على ترتيب معين، وإنما ما يقع في اليد أثناء القراءة للكتب، لإغننا نطرحه هنا مباشرة.
فلا تبخلوا علينا بما لديكم لإثراء الموضوع بما فيه نفع للمسلمين من خلال الشبكة العنكبوتية.
وأول الاعتقادات الخاطئة التي نبدأ بها مقالنا: " هَلْ النَّوْمُ بَعْدَ العَصْرِ مَكْرُوهٌ ؟ ".
يعتقد كثير من المسلمين أن النوم بعد العصر مضرٌ، وقد يصل الاعتقاد إلى أن النوم قد يسبب الجنون فما هو مصدر هذا الاعتقاد ؟ وما هو الموقف الصحيح منه ؟
مع الأسف أن هذا الاعتقاد كان بناء على حديث موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم وهو:
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام بعد العصر فاختلس عقله، فلا يلومن إلا نفسه».
والحديث أورد ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: لا يصح، خالد كذاب، والحديث لابن لهيعة فأخذه خالد ونسبه إلى الليث.ا.هـ.
وقد أورد العلامة الألباني - رحمه الله - في " الضعيفة " (39).
السؤال:
هل فهم سلف الأمة أن النوم بعد العصر يُحدث شيئا كما فهم من بعدهم ؟
الجواب: أحد رواة السند وهو الليث بن سعد سأله مروان فقال: قلت لليث بن سعد - ورأيته نام بعد العصر في شهر رمضان - يا أبا الحارث مالك تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة... فذكر الحديث الآنف. فأجاب الليث: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل.
وعلق العلامة الألباني - رحمه الله - في " الضعيفة " فقال:
قلت: الشيخ الألباني:
قال مروان [ بن محمد الأسدي ]: قلت للَّيث بن سعد - ورأيتُه نام بعد العصر في شهر رمضان -: يا أبا الحارث ! مالكَ تنام بعد العصر وقد حدَّثنا ابن لهيعة... - فذكره - ؟ قال الليث: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل !.
قلت: ولقد أعجبني جواب الليث هذا، فإنه يدلُّ على فقهٍ وعلم، ولا عجب، فهو مِن أئمَّة المسلمين والفقهاء المعروفين، وإني لأَعلمُ أنَّ كثيراً مِن المشايخ اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر، ولو كانوا بحاجة إليه، فإذا قيل له: الحديث فيه: ضعيف، أجابك على الفور: " يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " !
فتأمَّل الفرق بين فقه السلف وعِلم الخلف !.ا.هـ.
وصدق الشيخ الألباني - رحمه الله -.
وهذا سؤال ورد إلى الشيخ سليمان العلوان:
ما حكم النوم بعد صلاة العصر وما درجة الحديث الوارد في النهي عن ذلك ؟
الجواب:
لا بأس بالنوم بعد صلاة العصر ولا حرج في ذلك فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة نهي عن ذلك والأصل الإباحة.
ولا حرام إلا ما حرّمه الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن حكم على أمر ما بالتحريم أو الإيجاب بدون دليل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله.
والحديث المشهور ( من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومنّ إلا نفسه ) ليس له سند ثابت.
وقد رواه أبو يعلى وغيره من حديث عائشة وروي من حديث عبد الله بن عمرو وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.
وقد قيل لليث بن سعد. تنام بعد العصر وقد روى ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال. فذكر الخبر.
فقال الليث: لا أدع ما ينفعني لحديث ابن لهيعة.ا.هـ.
فيا من رجعت من العمل بعد العصر، أو يا من احتجت إليه نم قرير العين.
__________________________________
الكاتب: عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل
- التصنيف: