من أقوال السلف فيمن أراد الله بهم خيراً
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
للسلف أقوال فيمن أراد الله بهم خيراً جمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها.
- التصنيفات: التقوى وحب الله -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالله جل جلاله له الأسماء الحسنى, والصفات العليا, ومن صفاته سبحانه وتعالى: صفة الإرادة, قال عز وجل: ﴿ {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } ﴾ [الأنعام: 125]، قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه, وأنها شاملة للهداية والإضلال _ أي يريد الهداية ويريد الإضلال كوناً وقدراً لحكمة بالغة.
وللإيمان بصفة الإرادة فوائد مسلكية, منها: أن يحرص المسلم أن يكون ممن أراد الله بهم الهداية فينشرح صدره لجميع أحكام الإسلام ويقبلها, قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إثبات إرادة الله عز وجل...فيها من السلوك والعبادة أنه يجب على الإنسان أن يتقبل الإسلام كله, أصله وفرعه, وما يتعلق بحق الله وما يتعلق بحق العباد, وأنه يجب عليه أن يشرح صدره لذلك, فإن لم يكن كذلك, فإنه من القسم الثاني الذين أراد الله إضلالهم.
للسلف أقوال فيمن أراد الله بهم خيراً جمعت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها.
قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: من أراد الله به خيراً...ا بتلاه بمرض في جسمه, أو بموت ولد يحزنه, أو بذهاب مال يشق عليه, فيأجره على ذلك كله, ويكتب له إذا صبر واحتسب بكل شيء منه, حسنات يجدها في ميزانه لم يعملها, أو يجدها كفارة لذنوب قد عملها...والله أعلم.
- أن يكون بصيراً بعيوبه:
قال محمد بن كعب, رحمه الله: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً....بصره بعيوبه.
- أن يشهد منة الله وتوفيقه وإعانته له في كل ما يقوم به:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إذا أراد الله بعبده خيراً أشهده منته وتوفيقه وإعانته له في كل ما يقوله ويفعله, فلا يُعجب به, ثم أشهده تقصيره فيه, وأنه لا يرضى لربه به, فيتوب إليه منه ويستغفره ويستحيي أن يطلب عليه أجراً, وإذا لم يُشهده ذلك, وغيّبهُ عنه, فرأى نفسه في العمل, ورآه بعين الكمال والرضى, لم يقع ذلك العمل منه موقع القبول والرضى والمحبة.
** قال محمد بن كعب, رحمه الله: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً زهده في الدنيا.
** قال الإمام ابن القيم رحمه الله: القرآن مملوءٌ مِن التزهيد في الدنيا، والإخبار بخستها وقلَّتها، وانقطاعها وسرعة فنائها، والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها، فإذا أراد الله بعبده خيرًا أقام في قلبِه شاهدًا يُعاين به حقيقةَ الدنيا والآخرة، ويُؤثِر منهما ما هو أَولى بالإيثار.
- أن يوفق لكثرة الإنابة والتوبة والاستغفار:
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله : إذا أراد الله بعبده خيراً فتح له باباً من أبواب التوبة والندم.
** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: إذا أراد الله عز وجل بعبده الخير, وفقه لكثرة الإنابة والاستغفار وللتوبة من الذنوب, ولعمل الحسنات التي تذهب السيئات: {﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ ﴾} [هود:114]
- أن ينشرح صدره لفعل شعائر الإسلام بفرح وسرور:
قال الله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } [الأنعام: 125]،
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: قوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125]، المراد بالإرادةِ هنا الإرادة الكونية، والمراد بالهداية هدايةُ التوفيق، فتجده منشرحَ الصدر في شرائع الإسلام وشعائره، يفعلها بفرح وسرور وانطلاق، فإذا عرَفْتَ مِن نفسك هذا فاعلم أن الله أراد بك خيرًا، وأراد لك هدايةً، أما مَن ضاق به ذرعًا - والعياذ بالله - فإن هذا علامةٌ على أن الله لم يُرِدْ له هداية، وإلا لانشَرَح صدرُه".
- أن يكون معترفاً بذنبه:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إذا أراد الله بعبده خيراً جعله معترفاً بذنبه ممسكاً عن ذنب غيره, جواداً بما عنده زاهداً فيما عند غيره, محتملاً لأذى غيره, وإن أراد به شراً عكس ذلك عليه.
- أن يفقه في الدين:
** قال محمد بن كعب, رحمه الله: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً...فقهه في الدين.
عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهْهُ في الدين» [متفق عليه].
** قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "مفهوم الحديث أن مَن لم يتفقَّه في الدين - أي يتعلَّم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع - فقد حُرِم الخير".
- الصمت, وأن يترك الخوض والكلام فيما لا يعنيه:
قال الإمام العبكري رحمه الله: علامة من أراد الله به خيراً...أن يهب له الصمت إلا بما فيه رضى, ولدينه فيه صلاح, وأن يكون حافظاً للسانه, عارفاً بأهل زمانه, مقبلاً على شأنه, قد ترك الخوض والكلام فيما لا يعنيه.
- أن يفتح له باب الدعاء باللجاء, والافتقار إلى الله عز وجل:
قال الإمام العبكري رحمه الله: علامة من أراد الله به خيراً, وكان ممن سبقت له من مولاه الكريم عناية, أن يفتح له باب الدعاء باللجاء, والافتقار إلى الله عز وجل بالسلامة والنجاء
- أن يعلمه ما ينفعه:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الإنسان خلق في الأصل ظلوماً وجهولاً, ولا ينفك عن الجهل والظلم إلا بأن يعلمه الله ما ينفعه ويُلهمه رُشده فمتى أراد به الخير علّمه ما ينفعه فخرج به من الجهل ونفعه بما علمه, فخرج من الظلم. ومتى لم يُرد به خيراً أبقاه على أصل الخلقة.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ