لنتفكر ساعة
تساؤلاتٌ تجوب الفِكْرَ في بعضِ لحظات صفائه وتأمُّله:
تساؤلاتٌ تجوب الفِكْرَ في بعضِ لحظات صفائه وتأمُّله:
هل مِن الطَّبيعيِّ أن ترى إنسانًا مغطًّى تمامًا، ولا يَظْهر منه شيء، ولا حتَّى العينان؟
وهل مِن الطَّبيعي أن نرَى آخرَ عاريًا تمامًا، يَمْشي في الطُّرقات والأحياء؟
هل من الممكن أن نُبصِر حَوايَا الجسَدِ كما نرَى ظاهرَه دون وسائلَ تُساعدنا على ذلك؟
وهل يُمكننا لمسَ مشاعر قلوبنا، وأفكار عقولنا غير الماديَّة؟
وهل يُمكننا أن نصِلَ بأبصارنا المجرَّدة إلى آفاقِ الأكوان الأخرى والمجرَّات البعيدة؟
وهل يُمكننا أن نسترجِعَ الأحداثَ الماضية كما كانتْ إلى حاضِرنا، أو أن نحضرَ ما شِئنا من أحداثٍ مستقبليَّة إلى حاضرنا؟
هل يُمكننا أن نتعرَّض للشَّمسِ عن قُربٍ فلا تحرقنا؟
وهل مِن المعقولِ أن نرى قصرًا مَشِيدًا في صحراءَ متباعِدة الأطراف، ثمَّ نقول: إنَّه وُجِد هناك عبثًا، وليس له صاحِب؟
وهل يُعقل أن يكونَ ما نراه في رؤانا - والتي تحدُث أحيانًا بعدَ أعوامٍ مِن رؤيتها - أضغاثَ أحلام، أو وساوسَ شيطان، أو لا مُرسِلَ لها؟
إذا كنَّا نعلم في قَرارة ذَواتِنا إجاباتِ تلك التَّساؤلات، ونُقرُّ بمنطقها، فلِمَ يصعب علينا أن نؤمِن أنَّ هذا الكون بروعته لم يُوجدْ هكذا عبثًا، وإنَّما هو مِن صُنْع مَن يملك زمامَ الأمور كلِّها، وأنَّ أجسادنا الحالية لا تقْوَى على رؤيته، وكان أوْلَى لها أن تحتمل الاقترابَ مِن الشَّمس، وأنَّه بالرَّغم من أنَّنا لا نراه إلاَّ أنَّ رُوحَه تنبض فينا، ولا نراها كما لا نرى مشاعرنا، ولا أفكارنا،وأنَّه من غيرِ الجميل أن نرَى كلَّ ما يَتعلَّق بقضائِنا وأقدارنا، كما لا نستسيغ أنْ نرَى إنسانًا عاريًا بين أظهُرِنا، ولا يمكن للغيب كذلك أن يكون مُتخفِّيًا تمامًا دون أيِّ بصيصِ نورٍ منه، ولا يُمكن أيضًا أن نُدرِك أسرارَ حدوث كلِّ الأمور التي تُصيبنا، كما نَعجِز عن رؤية أجسادِنا من الدَّاخل كما هي بأعيننا المجرَّدة؟
ولا يُمكننا معايشةُ الماضي والمستقبل متَى شِئنا؛ لأنَّنا لا نَمْلِكها لكي نتصرَّف فيها، ولا يُمكن لأيِّ مشعوذٍ أن يُخبِرنا عن مستقبلِنا؛ لأنَّه واقعٌ في نفْس الحدود التي نحن واقعون فيها، ولم يُقدِّم له العليم الخبير أيَّ تخويلٍ لأداءِ تلك المهمَّة، وما دامتْ رؤانا تَحدُث حتَّى بعدَ أعوام، فهذا يعني أنَّ عِلمَ مرسِلها لا حدودَ له، وما دامتِ الأمور كذلك، فلِمَ لا نرضى بالإيمان بالله وما أمرَنا بالإيمان به دون جِدال؟
____________________________________________________
الكاتب: سعيدة بشار
- التصنيف: