جرائم اليهود المعتدين وأفعالهم المخالفة للأعراف والدين

منذ 2022-08-29

في عصر يوم الجمعة، وهي الماضية، أقاموا حربًا فظيعة على غزة، استمرَّتْ ثلاثة أيام، قُتِل فيها أكثرُ من ستةَ عشرَ طفلًا، وأربعُ نسوة، وأكثرُ من عشرين بريئًا، والإصابات على عددِ أيام السنة، ثلاثِمائة وستين مظلومًا أُصِيبُوا...

إذا تكلَّمنا عن اليهودِ وجرائمِهم، وأفعالهم المخالفة للدين، والمناقضة للأعراف والعادات والقوانين، لا نتكلم عن جميع اليهود؛ بل كلامُنا منصبٌّ على الغاصبين والمعتدين، وهم الغالبية والأكثرية منهم، لا المسالمين غيرِ المحاربين، فقد قال الله جل جلاله مخاطبًا أهل الكتاب: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 59]، فليسوا كلهم فاسقين، وقال سبحانه: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 62]، إذن ليس كلُّهم يسارعون في الإثم والعدوان.

 

فمن اليهود من وصفَ اللهَ جلَّ جلالُه بصفات دنيئة، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64]، و{قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181]؛ لكن مدَحَ اللهُ بعضَهم، وذمَّ آخرين منهم، فقال سبحانه: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75]، لماذا هذا التفاوت بينهم؟ قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران: 75]؛ أي: ليس عليهم في العرب والمسلمين مهما فعلوا معهم حتى لو ارتكبوا مع العرب الحرام لا يؤاخذون به، ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 75]، فهم كما قال الله: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [آل عمران: 113، 114]؛ يعني: يؤمنون بالله وبالإسلام أيضًا، ويؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم، {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 114، 115]؛ لكنَّ أكثرَهم فاسقون ظالمون معتدون؛ فمنهم من اعتدى على أنبياءِ الله عليهم السلام فقتلهم، كما جاء في أكثر من آية، قال عَبْدُاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْتُلُ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَمِائَةِ ‌نَبِيٍّ، ثُمَّ يَقُومُ سُوقُ بَقْلِهِمْ مِنْ آخِرِ النهار)؛ تفسير ابن أبي حاتم (3/ 736)، رقم: (3998)، فسَفْكُ الدماء عندهم شيءٌ بسيطٌ وسهلٌ وميسور، حتى دماء الأنبياء والأبرياء.

 

فلم تقف ‌جرائم ‌اليهود عند حدِّ التطاول على الأنبياء عليهم السلام، والاعتداء على أموال الناس وأراضيهم وممتلكاتهم، وأكلِها سُحْتًا وعدوانًا؛ بل لقد تطاولوا على الله سبحانه وتعالى، وتعاملوا معه كما يتعاملون مع الناس والبشر، فقالوا فيه سبحانه تلك المقولة المنكرة: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}؛ أي: ممسكة بخيلة، حتى لكأنَّ غُلًّا يمسِكُها، وقَيْدًا يقيدها عن البذل والعطاء! يصفون الله بهذه الصفة الذميمة.

 

إنهم لا يرضون بما في أيديهم من هذا المال الكثير الذي سَلَبُوه من الناس، وجمعوه من كل وجه حرام؛ بل هم يريدون أن تتحوَّل الجبالُ ذَهَبًا، يكون لهم وحدهم، لا ينال أحد غيرهم ذرَّةً منه؛ بتصرف من (التفسير القرآني للقرآن): (3/ 1131).

 

فغالبُ اليهود من أخبثِ الناس، وأبعدِهم من الرحمة، وأقربِهم من النقمة، امتلأتْ صدورهم بالحسد، واكتظَّت قلوبهم بالحِقْد، يرتكبون المجازر تِلْوَ المجازر، ضدَّ المسلمين في فلسطين، قال سبحانه: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].

 

وهذه الأحداث والجرائم والفظائع من طبيعة أنفسهم الساعيةِ للإفساد، والقائمة بالإجرام، وما يجري في غزةَ والضِّفَّةِ ليست بأُولى جرائمهم ولا بآخرها؛ وقد أخبرنا سبحانه وتعالى بجملة من كبائرهم فقال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء: 155 - 157].

 

وأيضًا من طغيانهم قال سبحانه: {وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 160، 161].

 

هذه بعض ‌جرائم ‌اليهود التي ذُكِرَت في القرآن، ولم أذكرها كلَّها لضيق الوقت، وبالأمس واليوم وغدًا ما زالت أيديهم تتلطَّخ بدماء الأبرياء من المسلمين المظلومين المحصورين.

 

فاليهود لا يراعون في أحدٍ إلًّا ولا ذمَّةً ولا عهدًا، ولا يخافونَ الله في خلقِه، كما أخبرنا سبحانه وتعالى بقوله: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10]، وقال: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].

 

وقد رأينا ذلك واضحًا في الوحشية اليهودية تجاه أناس عُزَّل في غزة والضفة، لا يملكون من أمرهم شيئًا، وهكذا اليهود يوقدون الحروب {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64]، وهكذا نجدهم في حروبهم ليست وجهًا لوجه جميعًا؛ بل كما قال الله سبحانه: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الحشر: 14]، وهذا واضح فيما بَنَوْهُ ويبْنُونَه من جُدُرٍ عنصريَّة في الضفة، وفي استخدام الطائرات والدبابات، والمدافع والسفن الحربية؛ لمقاتلة أشخاص عُزَّل.

 

أيها الإخوة، مِن حقِّنا أن ندعوَ على مَن ظَلَمَنا، واغتصبَ أرضنا، وقتَّلَ أهلَنا، وشرَّدَ أحبابَنا، وهجَّرَ شبابَنا، وطردنا من وطَنِنا، من حقِّنا؛ لكن لا بدَّ أن يكون هناك إنصافٌ في دعائنا عليهم، كما علَّمَنا دينُنا الحنيف، وإسلامنا المنيف؛ فلا ندعو على جميع اليهود؛ بل ندعو على الظالمين المعتدين، الغاصبين المحتلين، يعني يكون دعاؤنا مقيَّدًا لا مُطْلقًا، وانظر إلى دعاءِ الفاروقِ عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، فكان من دعائه: (اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأسَكَ الَّذِي لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)؛ (عب) (4969)، (هق) (2962).

 

منذ فترة وجيزة وفي عصر يوم الجمعة، وهي الماضية، أقاموا حربًا فظيعة على غزة، استمرَّتْ ثلاثة أيام، قُتِل فيها أكثرُ من ستةَ عشرَ طفلًا، وأربعُ نسوة، وأكثرُ من عشرين بريئًا، والإصابات على عددِ أيام السنة، ثلاثِمائة وستين مظلومًا أُصِيبُوا، وعدد هؤلاء المصابين يتناقص بالشفاء، نسأل الله ذلك للجميع، ومنهم من يتناقص بالموت فيزيد عدد القتلى، وبأعمار مختلفة، ناهيكم عن هدم البيوت، وتخريب الممتلكات، وبقية الأسبوع بعد الثلاثة أيام أكملوا حربهم في الضفة؛ تقتيلًا وترويعًا واعتقالاتٍ، وجرائمَ شتى؛ فهل فعلهم هذا لا يُثير الكراهية! والدعاء على الغاصبين المحتلين يثير الكراهية؟ وقتلهم وتخويفهم للأطفال وقتلهم للنساء ألا يثير الكراهية، نسأل الله السلامة.

 

ولا ننسى استمرارهم في نقض العهود والمعاهدات، {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 100]، فمن عهد الأنبياء حتى اليوم لا يُتِمُّون عهدًا، وقال سبحانه: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155].

 

والتمادي في التوسُّع في قَضْمِ أراضي الضفَّةِ شيئًا فشيئًا بالمستوطنات، وتفريغِها من أهلها وسُكَّانها، وهدم بيوتهم وإزالة مساكنهم التي هي من صفيح ونحوه بحُجَّة عدم التراخيص، فـهل هذه الأفعال والجرائم والاعتداءات هذه ألا تثير الكراهية، والتحريض على الشعب الفلسطيني على أنه إرهابي، أليس فيه تحريض على الكراهية.

 

لكن الإرهابيِّ الحقيقي هو مَن كَرِهَهُ البشرُ والحَجَرُ، وغضب عليه الشجرُ، ففي آخر الزمان يتكلَّم الحَجَرُ والشَّجَرُ، مرشدًا لعباد الله المسلمين عن أماكن اليهود الغاصبين المعتدين، فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ؛ إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ»؛ (م) 82- (2922)، والبخاري نحوه (خ) (2926).

 

والغرقد من شجر اليهود، وهو كما قال بعض العلماء: هو شجر العَوْسَج.

 

هذا ما أخبرنا عنه رسولُ الله الذي صلى الله عليه وسلم، الذي صلت عليه الملائكة، فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]

____________________________________________________

الكاتب: الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

  • 0
  • 0
  • 933

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً