فضل قيام الليل في السنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غرفةً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام وصلى والناس نيام»
- التصنيفات: الحث على الطاعات - فقه النوافل -
1- روى أحمد عن أبي مالك الأشعري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غرفةً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام وصلى والناس نيام»؛ [حديث حسن، صحيح الجامع، للألباني، حديث 2123].
• قوله: «إن في الجنة غرفًا»؛ أي: عالية في غاية من اللطافة، ونهاية من الصفاء والظرافة.
• قوله: «أعدها الله»؛ أي: هيأها.
• قوله: «لمن ألان الكلام»، أي: أطاب الكلام، والمعنى: لمن له خلق حسن مع الأنام؛ قال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، فيكون من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا؛ الموصوفين بقوله: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75].
• قوله: «وأطعم الطعام»: بالكرم التام للخاص والعام.
• قوله: «وتابع الصيام»؛ أي: أكثر منه بعد الفريضة بحيث تابع بعضها بعضًا، ولا يقطعها رأسًا، وقيل: أقله أنْ يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وفيه وفيما قبله إشارة إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: 67].
• قوله: «وصلى بالليل»؛ أي: لمن لا ينام.
• قوله: «والناس»؛ أي: غالبهم.
• قوله: «نيام»: جمع نائم أو غافلون عنه، ولأنه عبادة لا رياء يشوب عمله ولا شهود غير الله؛ إشارةً إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]؛ [مرقاة المفاتيح، على الهروي، ج: 3، ص: 929].
2- روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ((سُئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاةُ في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيامُ شهر الله المحرم»؛ (مسلم، حديث 1163).
• قوله: «في جوف الليل»: أي: في وسط الليل لبعده من الرياء والسمعة، ولما فيه من الكلفة والمشقة؛ (الكوكب الوهاج: ج: 13، ص: 191).
3- روى الشيخان عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»؛ (البخاري، حديث 2009، مسلم، حديث 759).
• قوله: إيمانًا؛ أي: مؤمنًا بالله، ومصدقًا بأن قيام رمضان تقرب إلى الله سبحانه.
• قوله: احتسابًا؛ أي: يريد مرضاة الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك، مما يخالف الإخلاص.
والمراد بقيام رمضان: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها؛ (صحيح مسلم بشرح النووي، ج: 6، ص: 39).
4- روى أبو داود عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آية كُتب من المقنطرين»؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث: 1246).
• قوله: «من قام بعشر آيات»: يعني: من قرأ عشر آيات في صلاته على التدبر والتأني.
• قوله: «لم يكتب من الغافلين»؛ أي: لم يثبت اسمه في صحيفة الغافلين.
• قوله: «كتب من القانتين»؛ أي: كُتب من المواظبين على الطاعة، أو المطولين القيام في العبادة، والقنوت: الطاعة والقيام، وقال الطيبي رحمه الله: "أي: من الذين قاموا بأمر الله، ولزموا طاعته، وخضعوا له، ثم قال: ولا شك أن قراءة القرآن في كل وقت لها مزايا وفضائل، وأعلاها أن تكون في الصلاة، لا سيما في الليل؛ قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6].
• قوله: «ومن قام بألف آية»: قال ابن المنذر رحمه الله: من الملك إلى آخر القرآن ألف آية.
• قوله: «كُتب من المقنطرين»؛ أي: من المكثرين من الأجر، مأخوذ من القناطير، وهو المال الكثير؛ يعني: من الذين بلغوا في حيازة المثوبات مبلغ المقنطرين في حيازة الأموال؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 3، ص: 910].
5- روى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة للإثم»؛ (حديث حسن، صحيح الترمذي، للألباني، حديث: 2814).
• قوله: «عليكم بقيام الليل»؛ أي: الزموا القيام بالعبادة في الليل.
• قوله: «فإنه دأب الصالحين»: أي: عادتهم.
والمعنى: هو ما يواظبون عليه ويأتون به في أكثر أحوالهم، والمراد بهم الأنبياء والأولياء.
• قوله: «قبلكم»؛ أي: وهي عادة قديمة.
• قوله: «وهو»؛ أي: مع كونه اقتداءً بسيرة الصالحين.
• قوله: «قربة لكم إلى ربكم»؛ أي: محبة مولاكم مما تتقرب به إلى الله تعالى، وفيه إشارة إلى الحديث القدسي: «لا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه».
• قوله: «ومكفرة للسيئات»: أي: ساترة للذنوب وماحية للعيوب؛ قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].
• قوله: «ومنهاة»: وناهية.
• قوله: «عن الإثم»؛ أي: ارتكاب ما يوجبه؛ قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج: 3، ص: 927].
________________________________________________________
الكاتب: الشيخ صلاح نجيب الدق