من أقوال السلف عن العلماء وحقوقهم-2
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
النصيحة للعلماء تكون بمحبتهم, وتوقيرهم, ومعرفة مكانتهم, ورفع منزلتهم, والصدور عن آرائهم, والرجوع إليهم فيما يشكل على الإنسان من مسائل شرعية ودينه
- التصنيفات: الدفاع عن علماء أهل السنة والجماعة -
النصيحة للعلماء:
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: النصيحة للعلماء تكون بمحبتهم, وتوقيرهم, ومعرفة مكانتهم, ورفع منزلتهم, والصدور عن آرائهم, والرجوع إليهم فيما يشكل على الإنسان من مسائل شرعية ودينه, والرجوع حال الفتن إليهم, ليصدر الناس عن آرائهم, وبنشر فتاويهم وأقوالهم بجميع وسائل النشر, واحتساب الأجر في طبع كتبهم
- الذب عن العلماء:
قال العلامة بكر أبو زيد: العلماء...لما لهم على العامة والخاصة من فضل في تعليم الناس الخير ونشر السنن وإماتة الأهواء والبدع فهم قد أُوتوا الحكمة يقضون بها ويُعلمونها الناس ولم يتخلفوا في كهوف القعدة الذين صرفوا وجوههم عن آلام أمتهم, وقالوا: هذا مغتسل بارد وشراب. بل نزلوا ميدان الكفاح, وساحة التبصير بالدين. لهذا كله صار من الواجب على إخوانهم الذبُّ عن حرماتهم وأعراضهم بكلمات تجلو صدأ ما ألصقه "المنشقون" بهم من الثرثرة, وتكتم صدى صياحهم في وجه الحق
- التعامل مع زلات العلماء:
** قال الإمام الذهبي رحمه الله: الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحرِّيه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه اتباعه، يغفر له زلَّته ولا نضله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم لا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك. إذا أخطأ إمام في اجتهاده، لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه، ونغطي مغارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه.
** قال إسماعيل القاضي: ما من عالم إلا وله زلة ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه
الحذر من الوقوع في أعراض العلماء:
قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله: اعلم وفقنا الله وإياك لمرضاته, وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في حق هتك أستار منتقصيهم معلومة لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم, والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم, والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم حلق ذميم, والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الاستغفار لمن سبقهم وصف كريم, إذ قال مثنياً عليهم في كتابه وهو بمكارم الأخلاق وضدها عليهم {﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ } [الحشر: 10] والارتكاب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسب الأموات جسيم. {﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ } [النور:63]
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: غيبة العلماء أعظمُ إثمًا وأكبر جُرمًا، وأشدُّ قبحًا من غيبة العوام، لما يترتب على ذلك من الاستخفاف بالشريعة التي يحملها العلماء، والعجبُ أن أولئك الذين يغتابون العلماء هم أسوأُ حالًا من العلماء:
أولًا: لأنهم لا يساوونهم في العلم والإدراك.
وثانيًا: أن عندهم من العنف والكبرياء، والإعجاب بالنفس، وتكفير غيرهم ما هو معروف.
طرق معرفة العامة للعلماء:
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: طرق معرفة العامة للعلماء:
أولها: معرفة سابقة بكون الإنسان مسؤولاً في العلم, ونحوه.
ثانيها: رجوع الناس إلى شخص في تحصيل العلم والفتوى, ومراجعته فيما يتنازعون فيه ليفصل بينهم.
ثالثها: دلالة فقيه عليه, فإذا أحال فقيه بسؤال فلان عن هذه المسألة, فهذا دليل على أن المُحال عليه متأهل في العلم, بحسب رأي الأول.
رابعها: انتصاب الشخص للفتيا بمحضر من العلماء, وعدم انكارهم عليه, لكن إذا كان انتصابه بحيث لا يشعر به أحد من العلماء فهذا لا يعول عليه.
- العالم والمتعالم:
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: المتعالم لا يمكن أن يكون عالماً أبداً, مهما حاول ولو أكثر الحفظ والكلام والكتابات والتعليقات, لن يكون عالماً أبداً, وكذلك الزائغ _ والعياذ بالله _ الضال المنحرف فإنه لن يكون من العلماء الراسخين في العلم, بل يُحرم نور العلم ويُحرم هداية العلم.
الناس يعرفون العالم الصحيح من المتعالم, وذلك إذا وقعت النوازل التي تحتاج إلى رأي العلماء, عند ذلك يتبين العلماء من المتعالمين, فالعالم يوفقُه الله للحل الصحيح في هذه النازلة, ويخرج بنتيجة يستفيد منها المسلمون, لأن عندهم خبرة بالنصوص يُنزلونها _ يعني النصوص_ على هذه الوقائع, ويستخرجون حكمها منها, أما هذا المتعالم فإنه لو حاول فسيبوء بالفشل.
علماء الضلال:
** قال أبو الدرداء: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالماً لا ينتفع بعلمه.
** قال الفضيل بن عياض: إني لأرحم ثلاثة: عزيز قوم ذل, وغني قوم افتقر, وعالماً تلعب به الدنيا.
** قال الحسن عقوبة العلماء موت القلب, وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة.
** كتب الإمام أحمد إلى سعيد بن يعقوب: أما بعد, فإن الدنيا داء, والسلطان داء, والعالم طبيب, فإذا رأيت الطبيب يجر الداء إلى نفسه, فاحذره, والسلام عليك.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: من المهمات العظيمة: معرفة العلامات الفارقة بين علماء الدنيا, وعلماء الآخرة, ونعنى بعلماء الدنيا: علماء السوء, الذين قصدهم من العلم: التنعم بالدنيا, والتوصل إلى الجاه, والمنزلة عند أهلها.
** قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: قال بعض السلف يكون في آخر الزمان علماء يُزهدون في الدنيا ولا يزهدُون, ويُرغبون في الآخرة ولا يرغبون, ينهون عن غشيان الولاة ولا ينتهون, يُقربون الأغنياء ويُباعدون الفقراء, وينقبضون عند الحقراء, وينبسطون عند الكبراء, أولئك الجبارون أعداء الله.
** قال الثوري: العالم طبيب هذه الأمة, والمالُ الداءُ, فإذا كان الطبيب يجر الداء إلى نفسه كيف يعالج غيره ؟
** سألت الحسن: ما عقوبة العالم ؟ قال: موت القلب, قلتُ: وما موت القلب ؟ قال: طلب الدنيا بعمل الآخرة.
تأثير مخالطة العلماء للأمراء:
قال الإمام ابن الجوزي:
& كنتُ في بداية الصبوة, قد ألهمت طريق الزهاد, بإدامة الصوم والصلاة, وحببت إلى الخلوة, فكنتُ أجدُ قلباً طيباً, وكانت عين بصيرتي قوية الحدة, تتأسف على لحظة تمضي في غير طاعة, وتبادر الوقت في اغتنام الطاعات, ولي نوع أنس وحلاوة ومناجاة, فانتهى الأمر بي أن صار بعض ولاة الأمور يستحسن كلامي, فأمالني إليه, فمال الطبع, ففقدت تلك الحلاوة.
ثم استمالني آخر فكنت اتقي مخالطته ومطاعمه, لخوف الشبهات....ثم جاء التأويل فانبسطت فيما يباح, فانعدم ما كنت أجد من استنارة وسكينة, وصارت المخالطة توجب ظلمة في القلب إلى أن عدم النور كله.
وكثر ضجيجي من مرضي, وعجزت عن طب نفسي...فاجتذبني لطف مولاي إلى الخلوة على كراهة مني, وردَّ قلبي عليَّ على بعد نفور عني...فأفقت من مرض غفلتي
& ينبغي للعالم أن يصون علمه, ولا يبذله ولا يحمله إلى الناس, وخصوصاً الأمراء.
- متفرقات:
** قال عبدالرحمن بن مهدي: العلم كثير, والعلماء قليل.
** قال عون بن عبدالله بن عتبه: كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله, وكان يضرب مثل ذلك كالسراج بين أظهر القوم, يستصبح الناس منه, ويقول أهل البيت إنما معنا وفينا, فلم يفجأهم إلا وقد طفئ السراج, فأمسك الناس ما استصبحوا من ذلك.
** قال يحيى بن أبي كثير: العلماء مثل الملح هم صلاح كل شيء, فإذا فسد الملح لا يصلحه شيء.
** قال يحيى بن معاذ: العلماء أرحم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم وأمهاتهم. قيل: كيف ذلك. ؟
قال: لأن آبائهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا وهم يحفظونهم من نار الآخرة.
** قال لقمان لابنه: يا بني, جالس العلماء وزاحمهم بركبتك, فإن الله سبحانه يحيى القلوب بنور الحكمة كما يحيى الأرض بوابل السماء.
** قال وهب بن منبه اليماني رحمه الله : ينبغي للعالم أن يحذر المعايب فإن زلته وناقصته منظورة يقتدي بها الجاهل.
** روى الخلال عن أيوب قال: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعاً لله.
** قال الإمام النووي رحمه الله:
& ينبغي للعالم وكبير القوم أن يتفقد أصحابه, ويسأل عمن غاب منهم.
& يستحب للعالم وإن كان من العلم بمحل عظيم, أن يأخذه ممن هو أعلم منه.
& لا بأس بضحك العالم بحضرة أصحابه, إذا كان بينه وبينهم أنس, ولم يخرج بضحكه إلى حد يعدّ تركاً للمروءة
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن دقيق العيد: العلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة, وأنه يفعل ما يشاء, إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف, لقوة ذلك الاعتقاد.
** قال العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله:
& العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم
& العالم يعرف الجاهل لأنه قد كان جاهلاً, والجاهل لا يعرف العالم لأنه لم يكن عالماً
** قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: المتعين على العالم المتأهل: تفاعل مع الدعوة, وقيام بها, وأن تكون دائرة همه وتفكيره, فلا يهمه إلا همّها, ولا يفكر إلا بسبيلها, طلبناً لبناء الأمة في غربتها الثانية, بناءً وتأسيساً على منهج النبوة, على يد علماء الأمة العاملين, من التربية, والتوجيه, والتعليم, والإرشاد, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, شعورً بهذا الواجب وأداء له وإقامة للحجة على الخلق وحفظاً لرأس المال المسلمين وطلباً للربح. أما أن يتولى أهل العلم عن مهمتهم في موقع الحراسة لدين الله, ويتأخرون عن مواجهات عصرهم, فهذا من التولي يوم الزحف, وهو إذعان وتسليم لأغلى ثرواتهم المادية: نسلهم, وقوام أمتهم ودينهم, إلى من يوجههم بالوجهة العقدية والسلوكية على غير منهاج جماعة المسلمين: أهل السنة والجماعة, والتي لا يرضونها, بل لا يرضاها الله ولا رسوله ولا المؤمنون, وهل بعد هذا من معصية وتفريط ؟ ثم هل بعده من خسارة وإخسار ؟
** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري:
& الشبهات والضلالات التي تلقيها الشياطين, الكاشف لها العلم المستند إلى دليل صحيح, ولكن قد يعجز الإنسان عن استخراج العلم الذي يزيل ما لديه فيحتاج إلى مراجعة عالم يُعينه على تعرّف أسباب الثبات وجواب الشبهات.
& لو علم الولاة أثر وجود العلماء في استقرار أحوال الناس وأمنهم, وحسن تخلقهم بالأخلاق الفاضلة وأثر هؤلاء العلماء في استقرار الملك, والمحافظة على الولاية لعضوا على التمسك بهم نواجذهم, وعرفوا قيمتهم ومنزلتهم.
& أهل العلم يتعاونون فيما بينهم ما يحقق هدفهم من نشر دين الله, ومن مقتضى هذا التعاون أن يكمل بعضهم بعضاً في تعليم العلم, وإقراء القرآن, وبث المواعظ.
** قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: وهذا من أهم ما ينبغي التنبه له, وهو أن الدعاة للباطل يوجدون فجوةً بين العلماء وبين العامة, حتى أنهم إذا نصحوهم, وبينوا لهم الأدلة, وهدوهم إلى الطريق لم يقبلوا منهم, إذن يقبلون أي دعوة مخالفة لدعوة الإسلام, هذا من خطط المستعمرين.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ