نصائح للوالدين لوقاية أبنائهم من الوقوع في الإلحاد
نصائح للوالدين لوقاية أبنائهم من الوقوع في الإلحاد ( الدور الوقائي للوالدين)
- التصنيفات: قضايا الشباب - الإلحاد -
إجراءات وقائية
1-حماية فطرة الأبناء من الانحراف.
يقع دور كبير على الوالدين في تربية الأبناء والدور الأهم الذى يجب على الوالدين القيام به هو الدور الوقائي وهو صيانة فطرة أبنائهم وحمايتها من الانحراف، ومتابعة النفس الإنسانية بالتوجيهات الإسلامية الربانية، عـن طريق أخذ الاحتياطات والتدابير الشرعية التي تمنع من التردي فـي خبائـث العقائـد والأخلاق وسائر الأعمال، ليظل الفرد على الصراط المستقيم، مهتدياً للتي هي أقوم في. وجاء في معناه أيضا: الإجراءات والوسائل التربويـة كل جانب من جوانب حياته التي وضعها الإسلام من أجل صيانة وحفظ المجتمع الإسلامي من كل الأمراض الحسية والمعنوية ليكون المجتمع طاهراً بعيداً عن كل مواطن الفـساد والانحـلال الخلقـي، وخلاصة القول إن المراد بالدور الوقائي للأسرة المسلمة: مجموعة المهام والمسؤوليات المستنبطة من خلال توجيهات القرآن والسنة التي أوجبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الأسرة المسلمة لحماية معتقد الطفل من الانحـراف العقـدي، ومـدى ممارستها في تربيته لحماية معتقده من فكر الإلحاد بكافة صوره وتطبيقاته.
لقد سلك الأسلوب القرآني طرق عدة في تفنيد الإلحاد والوقاية منـه، سـنلقي عليها الضوء، حيث يعتبر التنوع في القرآن الكريم للوقاية من الفكـر الإلحادي مدرسة في التربية الوقائية، تحمي عقول الناشئة من الوقوع فـي المـرض الإلحادي، إذ تعالج أصل الفكرة بسلامة الفطرة، وتفند الشبهة الإلحادية بالرد المقنـع، وتحث العقل على التفكر والتأمل، وتستخدم الدلالات العقلية والحسية على توحيد الخالق، وجاءت السنة منسجمة مع هذا السياق ومفسرة لمجملة، وموضحة وشارحة لمحكمـه، ويمكن تلخيص هذا المنهج الوقائي في نقاط، وذلك على النحو التالي:-
الوقاية بالمحافظة على سلامة فطرة الطفل من الإلحاد:
الفِطْرةُ هى ما فَطَر الله عليه الخلقَ من المعرفة به والإيمان بوجوده سبحانه، وقد جاء في لسان العرب عن معنى الفطرة: أَن الله فَطَر الخلق على الإِيمان به والفَطْر في اللغة: الابتداء والاختراع، والمعنى أَن الإنسان يولَد بداية على نوع من الجِبِلَّةِ والطَّبعِ المتَهيِّء لقبول الدِّين، فلو تُرك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد،. وقيل معناه كلُّ مولودٍ يولد على معرفة الله تعالى والإِقرار به فلا تَجِد أَحداً إلا وهو يقِر بأَن له صانعاً وإن سـمّاه بغيـر اسمه ولو عبد معه غيره. [1]قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [(30)[2].
قال ابن كثير رحمه الله: فإنـه واتَّقُوه وأَقِيموا الصّلاةَ ولا تَكُونُوا مِنا لْم شْرِكِين، قال ابن تيمية: فالحنيفية تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره[3] من موجبات الفطرة ومقتضياتها، والحب لله، والخضوع له، والإخلاص له هـو أصـل أعمال الحنيفية [4].
وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قـال: «كـل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما ينتج البهيمة جمعـاء هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها» ثم قرأ أبو هريرة رضـي الله فـالفطرة الـسوية عنه: {فِطْرتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَر النَّاس علَيه إلا تَبدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [5] تهتدي إلى وجود الخالق بما أودع الله في الإنسان من قوانين كلية، تظهر آثارها فـي الطفل الناشئ الذي لم يتعلم أو يتكلم، فهو يدرك أن الحادث لابد له مـن محـدث، وأن الجزء دون الكل، وأنه يستحيل الجمع بين المتناقضين، وهذا من أوائل العقل وبواكيره، بل اعتبره شيخ الإسلام ابن تيمية أشد رسوخا في النفوس من مبدأ العلـم الرياضـي، كقولنا: إن الواحد نصف الاثنين، ومبدأ العلم الطبيعي كقولنا: إن الجسم لا يكـون فـي مكانين؛ لأن هذه المعارف أسماء قد تعرض عنها أكثر الفطر، وأما العلم الإلهـي فمـا يتصور أن تعرض عنه فطرة.[6]
ومن هنا يظهر دور الفطرة في الوقاية من الإلحاد يقول الهوشان: إن للفطرة الإلهية التي فطر الناس عليها دور كبير في الوقاية من فكر الإلحاد، بل والعلاج منهـا أيضا، فمع كثرة المفكرين والمنظرين والباحثين في كيفية معالجة الإلحاد المنتشر بـين شباب المسلمين وبناتهم، ومع كثرة الخوض في المناقشات الفكرية مع من تلوثوا بهذه اللوثة الفكرية الخطيرة من المسلمين، ومحاولة إقناعهم عقليا ومنطقيا ببط لان الإلحاد، وعدم توافقته مع العقل والتفكير السليم، ومع التقدير الكبيـر لـدور هـذه المناقـشات والحوارات الفكرية في إزالة شبه المشتبهين، ونفض غبار الإلحاد الذي حجـب عـنهم رؤية الحق، فإن ذلك قد لا يكون كافيا لمعالجة تزايد أعـداد الملحـدين فـي صـفوف المسلمين، نظرا لعدم تطبيق مبدأ الوقاية، وعدم قطع دابر السبب الذي يرد منه الإلحاد، ألا وهو انحراف الفطرة الإلهية التي فطروا عليها، والتي هي السبب الرئيسي في انتشار الإلحاد الذي نراه...
ويمكن معالجة هذا الأمر من خلال: ترك الإنسان على ما خلقـه الله تعالى عليه وفطره، من ميل نحو الإيمان بوجود خالق للكون وصانع، مع ما يترتب على ذلك من الخضوع له والانصياع، والعبادة والطاعة والانقياد، والمحافظـة علـى هـذه الفطرة السليمة، خير وسيلة لإبعاد شبح الإلحاد عنه، وأمر كاف للوقاية منه، فالإلحـاد أمر خارج عن نطاق المألوف والعادة، بل خارج عن نطاق الجبلة والطبيعة التي خلـق الإنسان عليها، وهي نقطة في غاية الأهمية لا بد من التأكيد والتركيز عليـه للوقايـة والعلاج من الإلحاد، فالأصل أن يكون الإنسان مؤمنا بوجود الخـالق والإلـه، كمـا أن، وقد ثبت فـي الأصل فيه أن يولد بعقل وقلب وحواس، وعكس ذلك هو الاستثناء[7] صحيح مسلم عن عياض بن حماد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربـه تبارك وتعالى أنه قال: «خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا».[8]
قال ابن القيم رحمه الله: فالخلق مفطورون على معرفة الله تعالى وتوحيده، فلو خلوا وهذه الفطرة لنشأوا على معرفته وعبادته وحده، وهذه الفطرة أمر خلقي خلقـوا عليه ولا تبديل لخلقه، فقد مضى الناس على هذه الفطرة قرونا عديدة، ثم عرض لهـا موجب فسادها وخروجها عن الصحة والاستقامة، بمنزلة ما يعرض للبـدن الـصحيح والطبيعة الصحيحة، مما يوجب خروجهما عن الصحة إلى الانحراف. وإذا كـان تـرك الناس وفطرتهم السليمة دون تأثير عليها وتغيير لملامحها أمر شبه مستحيل في هـذه الأيام التي نعيشها، نظرا لكثرة الأفكار الهدامة الوافدة من الـشرق والغـرب، والتـي أصبحت في متناول كل أحد، عبر وسائل الاتصال التي غزت العـالم، ورافقـت فتيـان المسلمين وشبابهم حتى في غرفة نومهم، فإنه لا بد إذن من بعض الإجـراءات التـي تحمي فطرة المسلمين السليمة، وعقيدتهم القويمة من خـلال: ربـط فتيـان وشـباب المسلمين منذ نعومة أظفارهم بالله تعالى، من خلال تنمية فطرتهم السليمة، وتـدعيمها في كل مناسبة، من خلال تشجيعهم على التأمل والتفكر في عظمة الله وقدرته، وبـديع خلقه وحكمته، في النفس والكون والحياة، فقد كان رسول الله صلى الله عليـه وسـلم شديد الحرص على تدعيم فطرة الصحابة الإيمانية، خاصة عند الفتيان والشباب، فنراه يربط ابن عباس رضي الله عنه بتلك الفطرة و يدعمها، من خلال الوصية المشهورة له: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» [9]،هـذه بعـض الرؤى العملية في تقوية وتدعيم الفطرة الإلهية للوقاية من الإلحاد، تلك الفطـرة التـي تعتبر السد المنيع في وجه كل الشبهات والأفكار الهدامة الوافدة في هذا العصر، وفـي مقدمتها الفكر المادي الإلحادي، الذي جعل من التقدم المادي الذي وصل إليه الإنـسان إلها من دون الله، فعبد ما صنعه بالأمس، وهو بذلك يشبه إلى حد كبير ما كـان عليـه الناس في زمن الجاهلية، حيث يصنع الرجل صنما من تمر يعب ده في النهار، فإذا جـاع أكله، فهل يعقل هذا في القرن الحادي والعشرين؟!. [10].
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى واصفا الفطرة وأنها ناتج لما يغرس فيهـا: أرض الفطرة رحبة قابلة ل ما يغرس فيها، فان غرست شجرة الإيمان والتقوى أورثـت، ويقول أيضا رحمه حلاوة الأبد، وان غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مر [11]ّ الله تعالى: فالخلق مفطورون على معرفة الله تعالى وتوحيده، فلو خلوا وهذه الفطـرة لنشأوا على معرفته وعبادته وحده، وهذه الفطرة أمر خلقي خلقـوا عليـه ولا تبـديل لخلقه، فقد مضى الناس على هذه الفطرة قرونا عديدة، ثم عرض لها موجـب فـسادها وخروجها عن الصحة والاستقامة، بمنزلة ما يعرض للبدن الصحيح والطبيعة الصحيحة، مما يوجب خروجهما عن الصحة إلى الانحراف[12]
ولكن المفاجأة أنه في أحدث بحث علمي تبيَّن أن الأطفال يولدون وفي داخلهم معلومات ولا علاقة للوراثة بها وهي محددة بثلاث صفات أساسية كما يلي:
- الإيمان بالله الواحد: حيث وجد العلماء أن الطفل يولد ودماغه مجهز بأفكار محددة تقول له: إن الله هو خالق الكون، وأن كل شيء له سبب، وأن الله واحد وليس متعدد
- الصدق: حيث وجد العلماء بعدد دراسة الدماغ أن خلايا الدماغ مهيَّأة للصدق، وأن دماغ الطفل مبرمج لكي يكون صادقاً وليس كاذباً. وكذلك تمييز الخير عن الشر.
- التعلم: حيث يولد الطفل وهو مهيَّأ لتعلم اللغة، على عكس بقية الكائنات التي لا تستطيع النطق أو البيان. فدماغ الإنسان مجهز بمعلومات دقيقة ليتعلم ويتكلم ويبدع!
وهذا بالضبط ما تعبر عنه الآية الكريمة: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، فسبحان الله!
وفى بحث علمي جديد يؤكد أن الإنسان يؤمن بالله فطرياً أو طبيعياً (حسب صحيفة التلغراف 2011) فالإيمان بالله تعالى هو جزء من الطبيعة البشرية وجزء من تصميم الإنسان. وهنا نتذكر قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]..
فالله عز وجل منذ أن كان الإنسان في عالم الذرّ وقبل أن يخلق البشر وضع في داخله فطرة الإيمان بالله، وهو ما يكتشفه العلماء اليوم، فسبحان الله!! وفي بحث جديد أيضاً لجامعة أكسفورد تبين أن الإنسان بفطرته يؤمن بالله تعالى ويؤمن بالآخرة أيضاً.. لقد أكدت أربعون دراسة منفصلة وفي بلدان متفرقة وتشمل ثقافات متنوعة، أثبتت الدراسات التحليلية أن البشر لديهم ميول طبيعي للاعتقاد بوجود خالق للكون وكذلك يقين بالآخرة.
ويقول الباحثون من جامعة أكسفورد إن الاعتقادات الدينية للبوذيين أو الهندوس أواليهود والنصارى... تأتي حسب التعاليم التي يلقنها الآباء للأبناء، وتختلف من ثقافة لأخرى، ولكن الشيء الذي يوجد في أعماق الإنسان ويولد معه هو الإيمان بالله واليوم الآخر!!
ومن هنا نتذكر أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد سبق هؤلاء العلماء لتأكيد هذه الحقيقة عندما قال: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» (رواه مسلم). هذا الحديث يشهد على صدق النبي الكريم... تطابق كامل بين الدراسة العلمية التي أنفق العلماء فيها ثلاثة ملايين دولار (بتاريخ 2013 May 11) وشارك فيه الكثير من الباحثين برعاية جامعة أكسفورد.. والآن سؤالنا لكل ملحد: هل تصدق ما تقوله جامعة أكسفورد؟ نحن نصدق ما قاله النبي الأعظم قبل 14 قرناً ولذلك فإننا نؤمن بالله تعالى... فالحمد لله على نعمة الإسلام..[13]
عمل جلسات أسبوعية قرآنية لتدبر القرآن الكريم:
تقع مسؤولية تربيتهم على عاتقنا - وخاصة المراهقين منهم والشباب - للتأكـد مـن سلامة فطرتهم، والإجابة عن كل تساؤلاتهم التي ت دور في نفوسهم وعقولهم، ولا شـك أن ذلك يتطلب معرفة وعلما محصلا عند الأب أو المربي والمعلم، يعتبر عقد لقاءات إيمانية لتلاوة القرآن وتدبره وذكر الله تعالى من أكبر المساعدات على تقوية الفطرة الإلهية، ومن أشد موانع انحرافها وزيغها، فقد تجدي بضع جلسات إيمانية في عـودة الـنفس إلـى خالقها ومولاها، ما لا تفعله عشرات جلسات المجادلة والمناقشة الفكرية.
التدبر في مخلوقـات الله لتأكيـد العقيدة الصحيحة:
لقد دعا القرآن الكريم الإنسان إلى النظر في آفاق الكون من حوله، والتفكُّر في آلاء الله، وقراءة صفْحة الكون المفتوحة أمامه، ففي القرآن الكريم ما يزيد على ألْـف آية تتحدث عن معالم هذا الكون، وتَذْكر مفرداته من: الـسماوات والأرض، والـشمس والقمر، والكواكب والنجوم، والجبال والبحار والأنهار، والمطر والرعد والبرق... إلـى آخره، وإذا كانت هذه الآيات قد ذَكَرت تلك المفردات في سياقِ لفْتِ الأنظار إلى مظـاهر قدرة الله عز وجلَّ في الخلق، دلالةً على وحدانية الخالق - جل وعلا - وتُثْبِت قـضية البعث الذي أنكره الكفَّار، فإنَّها مع ذلك قد جاءت في أسلوب وعبارة تفتح أمـام العقـل البشري آفاقًا واسعة للتفكير في دلالاتها عبر عصوره المتعاقِبة من بعد نزول القـرآن، فيقوم لديه من هذه الدلالات في كلِّ عصر ما يشْهد بالحقِّ الذي جاءت به الله تعالى الإنسان على التفكير والنظر في الكون والتأمل في الظواهر الكونية المختلفة، كما حث الإنسان علـى قال تعالى: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق} تحصيل العلم ومعرفة سنن الله وقوانينه في جميع ميادين العلوم المختلفة، قال تعـالى: {أفَلَا ينْظُرون إِلَى الْإِبِلِ كَيفَ خُلِقَتْ * وإِلَى السماءِ كَيفَ رفِعتْ * وإِلَـى الْجِبـالِ كَيـفَ نُصِبتْ* وإِلَى الْأَرضِ كَيفَ سطِحتْ} (ولم يحث القرآن الإنسان على التفكير و البحث العلمي في الظواهر الطبيعية فقط)
وإنما حثه أيضاً على التفكير في نفسه وفي أسـرار تكوينه البيولوجي والنفسي، وهو بذلك يدعوه إلى ارتياد ميادين العلـوم البيولوجيـة والفسيولوجية والطبية والنفسية، قال تعالى: {فَلْينظُرِ الْإِنسان مِم خُلِقَ. خُلِقَ مِن مـاء دافِقٍ. يخْرج مِن بينِ الصلْبِ والتَّرائِبِ} . لقد استنهض الله سبحانه وتعالى العقل على التفكر بأنه وسيلة لرفـع قيمـة وقـد حـط الإنسان، قال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} ( القرآن من شأن من لا يستخدم عقله وتفكيره بأن جعله أدنى درجة من الحيوان إن حـرص القـرآن ٤٣، قـال تعالى) {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلـون} ( الكريم على دعوة الناس إلى التعقل والتفكير و اضح في عدد من الآيات التـي تتـضمن عبارات: أفلا يعقلون ، أفلا يتفكرون، لعلكم تتفكرون ، لعلكم تعقلون ، حيـث وردت ٤٤ مشتقات العقل في القرآن الكريم مرة، كما وردت مشتقات الفكر فيه ١٨ مرة
وجاءت السنة النبوية مؤكدة على دعوة القرآن الكريم من حيث:
- التفكير في آيات الله وفي بديع خلقه
فالتأمل والتفكير في خلق الله من أفضل أنـواع العبـادة ونهى عن التفكير في ذات الله، فعن ابن عباس: أن قوماً تفكروا في الله عز وجل فقـال النبي عليه الصلاة والسلام: عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال. إن قوماً تفكـروا في الله عز وجل فقال صلى الله عليه وسلم: تَفَكَّروا فِي خَلْقِ اللهِ، ولاَ تَفَكَّروا فِـي اللهِ،، وذلك النهي يرجع لعدة أسباب منها: قصور العقل الإنساني فَإِنَّكُم لَن تَقْدِروا قَدره عن إدراك ما هو خارج نطاق قدرته فالله عز وجل لـيس كمثلـه شـيء. وأن العقـل الإنساني يفكر على أساس ما لديه من صور حسية مدركة من العالم المحسوس الـذي يعيش فيه فإذا حاول أن يفكر فيما هو في عالم الغيب فإنه سيضل ويهلك. كما أن العقل الإنساني لا يستطيع أن ي درك فيما وراء العالم المحسوس إلا بفضل الله تعالى عن طريق الوحي والإلهام الإلهي.
1- يوجه الرسول أصحابه ويشجعهم على التفكير والاستدلال العقلي:
فيما يستجد من مشكلات الحياة مما لم يرد فيه حكم في القرآن والسنة ويوصي بالاجتهاد، ويرغبهم في ذلك بالثواب في الآخرة، فعن عمرو بن العاص أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثـم أخطأ فله أجر. يقول الأهدل في مقال له بعنوان: نَظْرةُ تَأَملٍ فِي ملَكُوتِ الـسمواتِ والأَرضِ»، وقفت مع نفسي وقفة تأمل، وتدبر، وتفكر، والتفكر في خلق الله من أجل العبادات التي غفل عنها الكثيرون، ولأن التفكير يولد التأمل في خلق الله، واستشعار عظمته سبحانه وتعالى.. أملت في ملكوت السموات والأرض وما فيها من إبـداعات حيـرت العقـول، وترامى تحت عجائبها المفكرون الفحول، بل عجزت كل الوسائل الدقيقة والتقنية الحديثة أن تصل إلى شأو هذا الكون الفسيح، المترامي الأطراف فرجع البـصر خاسـئا وهـو حسير. وازدادت حيرتي حينما علمت علما يقينا أن في السماء مخلوقات بأحجام عظيمة تفوق الخيال، وتتجاوز المحيط الفكري، وحدود الخواطر، وتيقنت أن هـذه المخلوقـات تسير وفق خط ة محكمة، لا تتعدى حدودها المرسومة لها، ولا تميل عن مـسارها.. و زادني دهشة ارتباط هذه المخلوقات العلوية، ارتباطا وثيقا بحياة المخلوقـات الـسفلية الكائنة في هذه الأرض المليئة بالعجائب هي الأخـرى...فغضـضت طرفـي، وطويـت تفكيري، أمام كون لا يسعه تفكير مخلوق، ولا يحيط به عقل إنسان وتلـوت قـول الله تعالى: {ما قَدروا اللَّه حقَّ قَدرِهِ إِن اللَّه لَقَوِي عزِيز} .(
ثم عاد التأمل والتفكر من جديد في كوكبنا الذي نعيش عليه، وهو هذه الأرض فجلت بطرفي، وتفكيري، في بحارها، وأنهارها، وجبالها، وترابها، وكائناتهـا الحيـة المتنوعة، وكل ما مر بخاطري، وتفكيري، وإذا بي أقف أمام خلق يعجز العقل البشري عن إدراك كنهه، وتقف الأفكار حائرة في عظمة صنعه، ودقة تنظيمه...وبعد كل هـذه التأملات خرجت بنتيجة حتمية، وهي أن هناك قدرة إلهية خلـف بـدء الخلـق وكافـة الأحداث، وأدركت أن الله واجب الوجود،
وأدركت القدرة الإلهية للخالق، وعظمته وعلمه اللانهائي، المحيط بالكون، في السماء وفي الأرض. وأن خلْق السموات والأرض، ومـا أوجد فيهما من مخلوقات تسعى، لا نعرف إلا بعضاً منها، ولا ندري عما تفرق منها في ملكوت الله الواسع إلا النزر القليل. فإبداع هذا الكون، وضخامته الهائلـة، وتناسـقه، وجريانه وفق نظام دقيق، ينبئ عن عظمة مبدِعه، و هذا يهدي المتأمل فيها إلى قـدرة الله عز وجل، فتنجذب النفوس إلى الإيمان، وتتفجر ينابيع التسبيح والإقرار بتلك العظمة والقدرة من قلبه على لسانه. ويدرك المتأمل أن هذا الكون بما فيه لم يخلق عبثـاً، ولا باطلاً، فلا يملك الإنسان بعد كلِّ هذه الدلائل إلا أن يتوجه إلى خالقه، ومالكـه، خاشـعا، قائلاً: ربنَا ما خَلَقْتَ هذا متضرعاً، معلناً قناعته بحكمته تعالى في خلق المخلوقات باطِلاً سبحانَ كفَقِنَا عذَاب النَّارِ
بعد هذا الاستعراض لمنهج القرآن والسنة الوقائي في حماية العقل من الفكـر المنحرف بكافة أشكاله، ومنه فكر الإلحاد، يجد المنصف نفسه أمام مدرسة في حمايـة عقل الطفل من التيه والضلال، نحن في أَمس الحاجة إلى الغوص في بحارها واصطياد مدلولاتها وكنوزها، وتقديمها للجيل وتربيتهم عليها لوقايتهم من الانحرافات الفكرية.
- تعديل سلوك الوالدين الدينى:
يرسم الوالدين لأبنائهم الأطر التي يتحركون ضمنها لذا فإن معظم الأسر في مجتمعاتنا تؤدي وظائفها الاجتماعية التقليدية مع أبنائها من خلال إكسابهم أنماط تعامل غير مكتوبة، ويمكن ملاحظتها على الواقع اليومي المعاش بوسائل تعلم غير مقصودة أو متعمدة وسميت (التعلم بالملاحظة) أو التقليد imitation. وببساطة يتعلم الأطفال (الإناث والذكور) دروساً كثيرة من ملاحظة الآخرين، والتقليد لم يقتصر على ذلك فقط بل يمتد إلى ان يشمل مستوى التدين عند الوالدين، فتقليد البنت لأمها فنرى الطفلة في سن الثالثة من عمرها ترتدى الحجاب تلعب به مثل والدتها، وعلى النقيض اذا كانت الأم غير محجبة وتضع مستحضرات تجميل على وجهها تجد الطفلة تلعب بمستحضرات التجميل وتضعها على وجهها
وكذلك الأولاد من الذكور حينما يقومون بتقليد آبائهم بأخذ أدوار الرجولة وتحديد مسؤولياتهم وهم صغار، ويتحملون أعباءها دون الأخذ بنظر الاعتبار فارق السن لديهم، وأيضا ترى الطفل يريد أن يذهب الجامع ليصلى مثل والده والأطفال يقفون يمثلون حركات الصلاة مثل الأبناء، وعلى النقيض تجد الأطفال الذين ينشأون في أسرة لم يصلى فيها الوالدين لا يعرفون الصلاة لانهم لم يروا أمامهم أحد من الوالدين يصلى، وتكرار الأفعال الجيدة التي تحظى بدعم أو تعزيز إيجابي، مثل الصدق مقابل الكذب، واحترام الكبير والعطف على الصغير وما إلى ذلك من قيم تُغرس في نفوس يساعد على اكتسابها بسهولة وبناء فرد متدين بسهولة، وعلى النقيض تكرار الأفعال السيئة من الوالدين مثل الكذب وغيرها من المحرمات يخرج طفل غير متيدين.
ولعل أقرب مثال على هذا مثال يقول من شابه أباه فما ظلم وهو مثل أثبت صحته دراسة فرنسية، وجدت أن أكثر من 71% من الأبناء الذكور يتشابهون في السلوكيات والعادات المكتسبة مع آبائهم. وبحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، أفادت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة السوربون، أن أكثر من 71% من الأبناء الذكور يتشابهون في السلوكيات والعادات المكتسبة مع آبائهم، في حين تتراجع تلك النسبة إلى 40% بالنسبة للإناث.
فالأب، وكذلك الأم، يجب أن يكونا نموذجاً وقدوة لطفلهما، حتى يكون من السهل على الطفل أن يقلد السلوك الجيد في حياته، بدلاً من تنفيذ نصائح وأوامر لسلوكيات لا يراها، فالأب في نظر أبنائه هو ذلك البطل الذي يقلدونه في كل شيء، في حركاته وتصرفاته، في التواضع والأمانة وفي كل سلوكياته، لأن الطفل يميل إلى اعتبار أن كل تصرفات والده مثالية، من دون أن يشعر الأب بذلك.[14]
- ضرورة وجود الأمن والاستقرار في الأسرة:
لاحظ عالم النفس بنيامين هلاهمى أن الكثير من الحالات الملحدة يجتمع فيها التقصير الأبوي مع اختلال رمز الأم، وجمع ملاحظاته حول هذا الخلل الأسرى المزدوج في عدد من النقاط وهى كلما تضاءل اهتمام الوالدين بالدين كلما ازداد تمرد أبنائهما عليه، إذا كان الوالدان مختلفين في الدين، وترتب على ذلك خلافات في الأسرة، زاد احتمال ارتداد الأبناء عن الدين، وان ارتدوا عن الدين بالرغم من نشأتهم في أسر متدينة، عادة ما تكون علاقتهم بالأسرة غير طيبة.(3)
- استخدام الوالدين اللين في تعزيز العلاقة بينهم وبين الله:
بعض الأسر تستخدم الشدة مع الأبناء لأنه مقصر في الصلاة أو لأنه مقصر في حفظ القرآن فيبدأ الآباء في استخدام الضرب والعقاب و يقوم البعض الأخر أيضا بأن يبدأ في اصدرا تعاليم على الأبناء بدون ضرب لكنها وينفذها الابن بالفعل لكنه ياتى في مرحلة المراهقة ويبدأ التخفف لأنه يحس انه لم يعيش حياته، ورأيتها بنفسى أمر أب ابنته أن ترتدى الخمار في سن الخامسة وبعد أن كبرت البنت خلعت الحجاب نهائيا، ولكن القسوة تأتى بنتيجة عكسية تماما وأيضا البدء في سن صغير يجعل الطفل يحس بالضغط فلابد أن يتم بالتدرج وهذا ما امرنا الله به عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ‘ فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها».
انظر في قوله: مروا لمدة ثلاث سنوات يعني من سبع إلى عشر، ثلاث سنوات في كل سنة 360 يوما تقريبا في 3 سنوات = 1080 يوما تقريبا في خمس أوامر عند كل صلاة تقول له: صل = 1080 × 5 = 5400 أمر بالصلاة بدون ضرب أو نهر أو تعذيب.
وتبدأ في سن العاشرة من عمر الطفل، فإذا قصر في صلاته أو تهاون وتكاسل في إدائها، فعند ذلك يجوز للوالدين استخدام الضرب تأديباً له على ما فرط في حق نفسه، وعلى ظلمه لها بإتباع سبل الشيطان
ويكون الضرب ضرب المعلم المربي المشفق لا ضرب المنتقم،وذلك لكي يضعوا الطفل في موقع الجدية وليعلم أن هذا الأمر جدّ لا هزل فيه، فعل لا قول ويشترط في الضرب أن يؤلم بعض الشيء لا أن يشوه أو يجرح
أن نفهم الطفل سبب الضرب كأن نقول لهم حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ‘ فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» [15].
------------------------------------------------------
[1] ابن منظور، محمد بن مكرم. لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط ٣،١٤١٤هــ، مادة فطر.
[2] سورة الروم، آية ٣٠.
[3].إسماعيل بن عمر بن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: محمد حـسين شـمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١،١٤١٩ هـ، ص ٤٣٣/٣
[4] أحمد عبد الحليم بن تيمية، درء تعارض العقل والنقل، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط٢،١٤١١هـ، ٤٥١/ ٨.
[5] محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخـاري، تحقيق: قاسم الشماعي الرفاعي، دار القلم، بيروت، ١٤٠٧هـ، رقم ١٣٨٥
[6] عامر الهوشان، الفطرة الإلهية وقاية وعلاج من الإلحاد (١،(المجلـس العلمـي، موقع شبكة الألوكة على الانترنت.
[7] عامر الهوشان، الفطرة الإلهية وقاية وعلاج من الإلحاد (١،(المجلـس العلمـي، موقع شبكة الألوكة على الانترنت.
[8] مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، دار أحي اء الكتب العربيـة، (د. ت)، برقم ٢٨٦٥.
[9] محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، سنن الترمذي برقم ٢٥١٦،وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٧٩٥٧
[10].عامر الهوشان، الفطرة الإلهية وقاية وعلاج من الإلحاد (١،(المجلـس العلمـي، موقع شبكة الألوكة على الأنترنت.
[11] محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، الفوائد، دار الكتـب العلميـة، بيـروت، ط ٢،.٣٧/١،هـ١٣٩٣
[12] محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر وال حكمة والتعليل، دار التراث، القاهرة، ٢٣٩
[13] عبد الدايم الكحيل:موسوعة الإعجاز العلمى
http://www.kaheel7.com/ar/index.php/2012-12-04-18-20-16/134-2010-03-24-23-02-58
[14] جريدة البيان، سلطان حميد الجسمي،أهمية دور الأب في الأسرة، https://www.albayan.ae/opinions/articles/2015-09-05-1.2451932
(2) عمرو شريف. المرجع السابق، ص131
[15] https://sites.google.com/site/toknowitstherightthingcom/8
__________________________________________________________
الكاتب: دكتورة: سوسن محمد الشاملي