حدد بوصلتك ولا تستمرئ غفلتك
انْ تغيَّرت وحاسبت وقضيت على غرورك، وحافظت واعتذرت وجبرت وجازيت ومسحت، فلن تكون يومًا قشَّةً؛ بل ستكون أغلى من الأحجار الكريمة...
هل رأيت يومًا قشَّةً تغوص في أعماق البحار؟
هل رأيت حجرًا كريمًا يطفو على سطح الماء؟
أبدًا..
القشَّة أبدًا لن تغوص في الأعماق؛ لأنها هشَّة وزنها خفيف، وقد لا يكون لها وزنٌ يُذكَر، أما الحجر الكريم فأبدًا لن يطفو على السطح؛ لأنه ثقيل بتركيبته الطبيعية، مما يمكنه بسهولة وباقتدار الغوص في الأعماق والاستقرار فيها.
بيدك أنت:
بسلوكك وتصرُّفك، بيدك أن تكون حجرًا كريمًا غالي الثمن تمتلك القلوب، وتغوص فيها، فلا تخرج منها أبد الدهر: (كبار/ صغار/ أزواج/ زوجات/ زملاء/ أبناء/ أمهات/آباء/ معلمين/ موظفين/ تلامذة/ محبين/ قريبين/ بعيدين... غيره)، بسلوكك وتصرُّفك، بيدك أيضًا أن تكون قشة هشة رخيصة الثمن فلا يكون مكانك إلا أسطح القلوب وخارجها: (كبار/ صغار/ أزواج/ زوجات/ زملاء/ أبناء/ أمهات/ آباء/ معلمين/ موظفين/ تلامذة/ محبين/ قريبين/ بعيدين... غيره).
أنت البوصلة:
أفضل لك أن تُحدِّد بوصلتك بعناية وبنفسك، حدِّد بوصلتك دون أن تطلب في تحديدها معونة من أحد، فأنت أفضل من يعرف عن نفسك كل شيء، أنت من بيدك أن تكون قشَّةً وأنت أيضًا من بيدك أن تكون حجرًا كريمًا.
لا تستمرئ الغفلة:
-1- انتبه من غفلتك، وقف مع نفسك؛ ففي ذلك نجاتك قبل موتك.
-2- حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن تُوزَن عليكم.
-3- اعلم أن المحاسبة الذاتية (شرط الشفافية والمصداقية) أكبر وأهم خطوة إيجابية نحو اتجاه إصلاح الذات، كما هي خطوة إيجابية نحو إصلاح أخلاقك وقلبك وما يثمره ذلك من سلوكيات، سواء ارتبط ذلك بأمور الدنيا، أو الدين.
-4- اعلم أن كل الناجحين في الحياة والمنصفين والعقلاء والحكماء وذوي العقول الكبيرة هم من الذين يمارسون هذه المحاسبة لأنفسهم.
-5- اقضِ على غرورك وحِدَّة طباعك، وراجع تصرُّفاتك جيدًا وبحياد تامٍّ، وأنصف من نفسك لنفسك ومن نفسك للناس.
-6- إذا وجدت من سلوكيَّاتك وتصرُّفاتك ما قد يجعلك قشَّة، فأسرع بالتحسين والتطوير، ولا تخجل من ذلك مهما فاتك من الزمن، ومهما مررت بظروف قاسية.
-7- حافظ على من تجده بجانبك، يُساندك بحبٍّ، يسأل عنك بشغف، يمنحك الكثير، يُعطيك دون أن تطلب وقبل أن تفكِّر، يدعو لك دون أن تعلم.
-8- اعتذر لمن أخطأت في حقه، ولا تستكبر في اعتذارك له؛ فالجنة لا يدخلها من كان في قلبه ولو مثقال ذرة من كِبْر.
-9- أجبر خاطر من أهنته يومًا أو أحزنته وكسرته، أو تبرَّأت أمام الناس من معرفتك به، ومن قربك منه، وعلاقتك به، وقربه منك.
-10- جازِ بالخير من فرحت يومًا بمعرفته وبتعرُّفك عليه، ومن كنت تعتبر ارتباطك به ما هو إلا سعادة لا تريد من الدنيا بعدها سعادة، وتذكَّر منظومة القيم المترجمة في {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 6]، «وكما تُدين تُدان».
-11- لا تكون جاحدًا، فتنسى إحسانهم إليك، ولا تتذكر لهم، إلا ما ترى من وجهة نظرك أنه إساءة في حقك في وقت أنك تكون مَنْ أسأت إلى نفسك، وليس هم المسيئين لك.
-12- امسح دموع أعين نزلت من أحدهم بسبب تصرُّف سيئ منك نحوهم كان سببًا في أن أتعس حالهم، أو زاد من همومهم.
نتيجة مؤكدة:
انْ تغيَّرت وحاسبت وقضيت على غرورك، وحافظت واعتذرت وجبرت وجازيت ومسحت، فلن تكون يومًا قشَّةً؛ بل ستكون أغلى من الأحجار الكريمة [1].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
_______________________________________________________
الكاتب: نبيل جلهوم
- التصنيف:
- المصدر: