من فنون التربية
تربية الأبناء من المهمات الصعبة التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والحكمة، فالوالدان يقومان ببذل مجهود كبير في تربيتهم تربية سليمة، وحتى يتحقق ذلك يوجد ثلاث استراتيجيات يقوم بها الوالدان وهي: بناء الثقة، اصطياد الإيجابيات وإعادة تحويل السلبيات.
تربية الأبناء من المهمات الصعبة التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والحكمة، فالوالدان يقومان ببذل مجهود كبير في تربيتهم تربية سليمة، وحتى يتحقق ذلك يوجد ثلاث استراتيجيات يقوم بها الوالدان وهي: بناء الثقة، اصطياد الإيجابيات وإعادة تحويل السلبيات.
كيف تبني الثقة ؟
ثمة أمور يجب الالتفات لها حتى تتمكن من بناء الثقة لدى أبنائك:
أولا: إزالة الخوف، عليك أن تبتعد عن كل الأساليب التربوية التقليدية والتي تُستخدم فيها العقاب والتهديد والعنف وحتى تعابير الوجه من تقطيب الجبين ونبرة الصوت الحادة.
ثانيا: عليك أن لا تحاول أن تتحكم أو تسيطر على أبنائك بغية تحقيق نتيجة معينة بل يجب عليك منحهم المساحة الكافية حتى يتمكنوا من الاستقلال عنك شيئا فشيئاً من خلال تدريبهم على الاستقلالية مبكرا ثم تنسحب تدريجيا من حياتهم ولا مانع من الأخطاء وهو الثمن الذي يقودهم للاستقلالية النفسية والذهنية والمعنوية مع بقائك مرجعا لهم وخبرة للاستعانة بها عند الحاجة، والإنسان يختلف عن باقي الكائنات الحية في أنه يحتاج وقتا طويلا للاستقلالية عن الوالدين لأن الله كلف الوالدين بهذه المسؤولية على خلاف باقي الكائنات الحية التي تكفل الله تعالى بها ( {الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ} ) [طه : 50] .
ثالثا: لتقوية العلاقة بينك وبين أبنائك عليك اللعب معهم والمرح، فذلك يساعد على بناء الثقة لديهم ويقوي الاتصال كما يؤسس الألفة وهذا بدوره يزيد من استجابتهم لما تريده منهم ، فيمكنك من خلال قصة أو لعبة غرس فكرة مهمة لديهم .
رابعا: صادق ابنك ولتعلم أن الحلوى أقرب لقلبه من الكتاب الجديد والنشاط الذي تشاركه معه والرحلات أحب إليه من الآلاف التي تقوم بإنفاقها عليه، والأب الذكي هو الذي يحضر معه هدية عند دخوله البيت أو تحفة أو قصة شيقة.
خامسا: أحِب ابنك بلا شروط - رغم أن جميع الآباء يحبون أبنائهم دون شروط - إلا أن الأبناء لا يعلمون ذلك لذلك تتزعزع الثقة لديهم لأننا لو سألنا الأبناء عن متى يحبكم آباؤكم يجيبون إذا تفوقنا أو أطعناهم في كل شيء، فإن لم يستطع يصاب باليأس و يفقد الثقة بنفسه، تحب ابنك حين تسأله متى أحبك ولماذا؟ فيجيب دائما تحبني ولأنني ابنك، وأفضل الوقت الذي نخبر فيه أبناؤنا أننا نحبهم هو الوقت الذي كنا نعاقبهم فيه ونلومهم فبدلا من أن تلومه قل له أحبك، وبدلا من أن تعنفه افهمه، وبدلا من أن تقطب جبينك ابتسم له.
سادسا: افهم ابنائك وانظر بعيونهم لتحظى بصداقتهم، فاهتماماتهم وميولهم تختلف عنك فالأطفال يحبون اللعب والمرح والحرية على خلاف الكبار يحبون السيطرة والجدية لذا تحدث الكثير من المشاكل، لذلك عليك أن تسمعهم أكثر من أن تكلمهم حتى لا يبقون معتمدين عليك.
سابعا: عامل طفلك باحترام وعلى أنه انسان وليس طفل، له أفكاره ومشاعره وشخصيته لأنه هو المستقبل ويجب علينا أن نتخلى عن الرهبة التي غرسناها فيهم.
ثامنا: امسح على رؤوس ابنائك وضمهم إلى صدرك بحنان ومحبة ودفء، فالرسائل غير الملفوظة أهم من الكلمات ذاتها.
تاسعا: حتى تستطيع بناء الثقة يجب أن تكون أهلا للثقة من خلال كونك قدوة جيدة لأبنائك في سلوكك وكلامك وعاداتك وحسن أخلاقك.
عاشرا: حافظ على العلاقة الطيبة بينك وبين أبنائك واهتم بتوازنهم النفسي حتى تكون نتيجة تربيتك كما تريد، فحين يكون هناك خلل في علاقتك بهم ونفسيتهم تجد مستواهم الدراسي وأخلاقهم في تدني.
اصطياد الإيجابيات:
دائما حين نركز على شيء لا نرى غيره على الرغم من أنه أمام أعيننا إلا أننا لا نلاحظه، ولأن أغلب الآباء والأمهات اعتادوا التفكير السلبي فإنهم يركزون دائما على السلبيات ويرون فقط أخطاء أبنائهم وصوتهم العالي على الرغم من أن هذا السلوك يشكل جزءاً بسيطاً من أسلوب حياتهم، وأن الغالب على سلوك أبنائهم الطيبة والإيجابية، لذا على الوالدين أن يركزوا على الإيجابيات ليكافئوهم عليها وينسوا فكرة العقاب، والمكافآت يجب أن تكون معنوية أكثر من أن تكون مادية حتى لا يشعر الطفل أن لسلوكه الحسن مقابل، فحين نقوم بمدحه على تصرفه وخصوصا أمام الآخرين فإن هذا له الأثر الأكبر في قلبه ولا ننسى الكلمة الطيبة (( الله يرضى عليك، ممتاز، أحسنت، أنا فخور بك....)).
إعادة توجيه السلبيات:
حين يتصرف الأبناء بشكل خاطئ يجب أن نتعامل مع السلوك نفسه لأن المرء ليس سلوكاً، مثلا حين ينسى الابن كتابة الواجب المدرسي ليس معناه أنه كسول ولكنه نسي كتابته، لذا حتى تستطيع تحويل السلبيات يجب عليك أن تتبع الخطوات التالية:
1- ركز على الخطأ نفسه وليس على ابنك.
2. إذا كان الخطأ بسيطا يجب عليك أن تتجاهله ولا تركز عليه حتى لا يزداد ضرراً.
3. إذا كان ابنك غير متعمد للخطأ فيفضل أن تسامحه وتتجاوز عن الخطأ.
4. أن تفهم القصد الكامن وراء السلوك الخاطئ لأنه غالباً يكون إيجابيا، فأغلب الشجار الذي يدور بين الأبناء هو بسبب الطاقة الهائلة التي تحتاج إلى التفريغ ويمكن ذلك من خلال الرياضة، فإن لم تستغل هذه الطاقة فإنها سوف تتجه لسلوك سلبي تفرغ نفسها من خلاله.
5. ضع السلوك الخاطئ ضمن السلوكيات الجيدة التي يقوم بها أبنائك وقومها.
6. احتفل بالخطأ وافرح به، لأن الممارسة تورث الخبرة، فالطفل حين يتعلم المشي سقط كثيرا حتى تعلم فلولا تلك العثرات لما استطاع المشي، لذا كلما أخطأ شجعه وادعمه حتى يصل.
7. حين يخطئ ابنك راجع نفسك أولاً لأنك فشلت في تعليمه فهو مستعد لكل أنواع السلوك الجيد ومفطور على الرغبة في التعلم، ومثالا على ذلك ذكر كاتب (كتاب أبناؤنا جواهر) أنه حين كان صغيرا ارتكب خطئاً كبيرا حين تأخر عن موعد مهم مع والده بسبب انشغاله باللعب مع أصدقائه وحين سأله عن سبب تأخيره كذب عليه خشية منه، وكان والده يعلم السبب الحقيقي لكنه بدلا من أن يعاقبه نظر إليه بحب وقال: أعتذر منك يا بني لأنني اضطررتك للكذب علي ولابد أني تصرفت معك يوما بطريقة جعلتك تخاف وتخشى مصارحتي، لا بأس عليك يا بني سأعاقب نفسي اليوم بالعودة إلى البيت سيراً على الأقدام لأراجع نفسي ولأكتشف خطئي، لا بأس عليك يا بني أنا المسؤول ولست أنت، ومن يومها تعلم الكاتب عمليا معنى المسؤولية.
8. العقوبة المقننة وهي اتفاقية بينك وبين أبنائك معلومة الحدود والشروط ولا تخل بالثقة ولا تخدش المحبة، والهدف منها مساعدة الطفل على تجاوز الخطأ وليس الانتقام من المخطئ، ومن المهم اختيار الوقت المناسب لك ولابنك وتكونان في مزاج حسن، وتشركه في الاتفاق على الأهداف المرجوة والارشادات العامة والمصادر المتاحة والمحاسبة والمساءلة، والمكافآت في حال إنجاز الاتفاقية والعقوبات في حال التقصير، ثم يوقع كلاكما على النقاط المتفق عليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب" أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون ".