الحلقة الثانية: وقفة مع قول الله عز وجل: "يضل الله من يشاء" يتبع...
محمد بوقنطار
لا تتسفل قدم العبد لتستوطن نقيصة دركته إلا بعد بعثة الرسل وإنزال الكتب إقامة للحجة وبسطا للهداية المطلقة لا الخاصة أي هداية البيان والتبليغ
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
الضلال تيه وزيغ وحيدة وإقعاد عن سبيل الاستقامة وطريق الهداية، وهو خروج أو إخراج من بياض النور إلى غاسق الظلمات تحت سطوة ولاية الطاغوت كما جاء في منطوق الآية من سورة البقرة.
ولذلك لا تتسفل قدم العبد لتستوطن نقيصة دركته إلا بعد بعثة الرسل وإنزال الكتب إقامة للحجة وبسطا للهداية المطلقة لا الخاصة أي هداية البيان والتبليغ، كما قال جل جلاله: " {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} " وقوله تعالى: " {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى} " وقوله جل جلاله: " {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين} "؛ بل إن الله سبحانه قد رهن مقاربة التأديب والعقاب على حجية بعثة الرسل فقال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" ثم أخبر عن استيعابية هذا الإرسال واطراد حجته وانسحابها على من خلق واستخلف من الأمم حيث قال الله سبحانه: " {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} " وهذا من كمال عدله وعظيم فضله، ولذلك فقد توج الوضع في قوله تعالى في مقام حرية التعبد عند قوله تعالى: {"لا إكراه في الدين"} على قاعدة قد تلتها في سياق المبنى بينما سبقتها في لحاق المعنى مفادها قوله تعالى: " {قد تبين الرشد من الغي} ".
وهاهنا سؤال يحيل على إشكاليته: ما جدوى إرسال الرسل وإنزال الكتب وبث الشعائر والشرائع على أمة مجبور أفرادها على الضلال أو مستكره أهلها على الهداية؟!
أليس في هذا الإرسال وذلك التنزيل في ظل هذا الطرح يعد ضربا من ضروب العبث، تعالى الله عن العبث علوا كبيرا؟!!!
وما معنى إثبات الإضلال وربطه بمشيئة الله حسب المعنى الظاهر للآية ولا علة صارفة إلى معنى خفي هنا؟
وهل صحيح أن الضمير في قوله تعالى من نص الآية يعود فيه على أقرب عائد فيكون المعنى أن الله يضل من رام الضلالة وأرادها كما قرر بعضهم؟؟؟
ذلكم ما سوف نجيب عنه في متلو هذه الحلقة الثانية فانتظروا إني معكم من المنتظرين...