حرمة الدعاوى الكيدية ومفاسدها
الكذب والبهتان والافتراء على شخص بريء، وهذا لا يجوز ولو كان المدعي مسلماً والمدعى عليه كافراً فكيف بالمسلم...
الكذب والبهتان والافتراء على شخص بريء، وهذا لا يجوز ولو كان المدعي مسلماً والمدعى عليه كافراً فكيف بالمسلم قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، وقال ﷺ: «إنَّ من أربى الرِّبا الاستطالةَ في عرضِ المُسلم بغيرِ حق» (رواه أبو داود). وقال ﷺ: «لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمُشونَ بها وجُوهَهُم وصدُورَهُم، فقلت: مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلُون لحومَ الناس، ويقعونَ في أعراضِهِم».
ثانياً: أن الدعوى الكيدية من الظلم، والظلم حرام، قال الله في الحديث القدسي «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا». وقال ﷺ: «الظلم ظلمات يوم القيامة».
ثالثاً: أن الدعوى الكيدية كثيراً ما يراد بها أكل المال بالباطل، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.
رابعاً: أن المدعي كيداً مستحق للوعيد الشديد ولو حكم القاضي لصالحه فلا يظننَ أنّ حكم القاضي يحل له ما حرم الله عليه قال ﷺ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» (متفق عليه).
خامساً: أن الدعاوى الكيدية مبنية على الكذب وفي الكذب يقول ﷺ: «إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار».
سادساً: أنها قد تصاحبها شهادة الزور، وهي من أكبر الكبائر حتى قُرنت بالشرك قال تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} وقال ﷺ: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس وقال ألا وشهادة الزور» ).
سابعاً: أن المدعي كيداً قد يحلف بالله كاذبا فينغمس بهذه اليمين في جهنم قال ﷺ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».
ثامناً: أن المدعي كيدا وكذبا فاجر في خصومته والفجور في الخصوم من صفات المنافقين قال ﷺ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
فاجتمع في الدعاوى الكيدية الكذب والظلم والتخلق بصفات المنافقين وغيرها من المساوئ والمفاسد.
- إن الإنسان معرض لأن يبتلى بمن يكيد له ويتهمه ظلماً وعدواناً، لذلك شُرع للمسلم أن يستعيذ بالله من أن يقع عليه ظلم وقهر فقد كان من دعاء النبي ﷺ: قوله «اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن الفَقرِ، والقِلَّة، والذِّلَّة، وأعوذُ بكَ مِن أن أَظْلِمَ أو أُظلَمَ». وكان ﷺ إذا خرج من بيته قال: «بِسْمِ اللَّهِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» وكان ﷺ كثيراً ما يدعو فيقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ، وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» (رواه البخاري).
ومن ظُلم فليتق الله تعالى وليلتزم العدل إذا دافع عن نفسه، وليلزم كذلك الطرق الشرعية والنظامية، حتى تبرأ ساحته، وينتصف ممن ظلمه.
اللهم إنا نعوذ بك أن نقترف شراً أو نجره إلى مسلم، ونعوذ بك أن نظلِم أو نُظلم أو نجهل أو يُجهل علينا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
______________________________________________________________
الكاتب: علي بن يحيى الحدادي
- التصنيف: