صيفيات - الحلقة الرابعة

منذ 2022-10-11

الحلقة الرابعة: وقفة مع تفسير بعض الغيورين المحتاطين لقوله تعالى: " {كذلك يضل الله من يشاء} ..."

الحلقة الرابعة: وقفة مع تفسير بعض الغيورين المحتاطين لقوله تعالى: " {كذلك يضل الله من يشاء} ..."

في غمرة خشية بعض الغيورين من الوقوع فيما يناقض وينافي واجب إجلال العبد لربه، وتنزيها منهم له سبحانه، جعلوا الضمير في قوله تعالى: " {كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} " عائدا على أقرب عائد أي على الشخص نفسه، فربطوا المشيئة وأثبتوها للعبد لا للمعبود سبحانه، متوهمين أن في رجوع الضمير وعودته على الله إقرارا ونسبة  الظلم إلى الله وكأنها مشيئة تحكمها المزاجية تعالى الله عن هذا وذلك علوا كبيرا.
ولعل إعمال النصوص في غير إهمال لكلها في الباب، هو إعمال يجعل ما ذهبوا إليه بعيدا مجانبا لمنهج الإسلام في تجلية الحق والصدع بتفاصيله، سيما وأن هذا المنهج لا يعارض ولا ينافي ولا يقلق بال حراسه الربانيين  طرح مثل هذه الأسئلة، فتراثه مليء حد الإشباع والإقناع والإمتاع بالأجوبة في هذا المقام، كما ليس له ما يخفيه أو يتحاشاه كثغرات مخوف، فوراء كل باطل زهوق حق دامغ، وعند لقيا الباطل بالحق يتقرر الحكم الحاسم ولابد: "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
إن خشية هؤلاء استبراء لدينهم وحفظا وتوثيقا لعروة علاقتهم بخالقهم لا يمكن أن يلاموا على ما ذهبوا إليه، كما لا يمكن أن يسوغ بها تأويلهم الذي راموا من خلاله التنزيه، ذلك أن ثمة نصوص دلت وأفادت بالمنطوق نصا على أن المشيئة الواردة في الآية موضوع الطرح هي فعلا مشيئة الله لا مشيئة العبد، وهي نصوص كثيرة يمكن أن نستدل من كثيرها بما له وجه الدلالة هاهنا حيث قال الباري جل في علاه ناسبا  لنفسه مشيئة الهداية والإضلال: "من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم" وقوله تعالى: "من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" واستفهامه سبحانه في إنكار على من اختلفوا في شأن المنافقين من معشر المؤمنين: " {أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا} "
والآيات في باب دفع فهم من ذهب في تأويله يروم التنزيل فوقع في التعطيل معذورا كثيرة نكتفي بهذا منها فاتحين باب التقصي والاستقراء ومن طلب وجد، ومن طرق الباب انفتح له...
يتبع بإذن الله

محمد بوقنطار

محمد بوقنطار من مواليد مدينة سلا سنة 1971 خريج كلية الحقوق للموسم الدراسي 96 ـ97 الآن مشرف على قسم اللغة العربية بمجموعة مدارس خصوصية تسمى الأقصى.

  • 0
  • 0
  • 879
المقال السابق
الحلقة الثالثة: بين يدي كشف الشبهة...
المقال التالي
الحلقة الخامسة: "كذلك يضل الله من يشاء..."

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً