كيف نعالج حمى كأس العالم
وجب على أهل النصح والإرشاد أن يقوموا بدورهم تجاه بني قومهم لإيقاظهم من هذا الحلم المسمى بكأس العالم، وذلك عن طريق الدعوة إلى الله واستخدام كافة الطرق والوسائل لإيضاح الحقائق لهم، لعل الله أن يفتح بها عليهم لتعيدهم إلى دروب الجادة... !
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم البعث والنشور.
إخواني المؤمنين،،
إننا نرى ونسمع ما يدمي القلب، ويبكي العين، ويندى له جبين المسلم حين يرى هذا اللهاث العجيب من بني قومنا خلف سراب وجنون كأس العالم..
وللأسف أن الكثير لم يدرك أنها ليست سوى كرة يتقاذفها جمعٌ من أسافـل القوم، لا همّ لأحدهم إلا انتظار صافرة البداية ليبدأ السباب واللعان وحرق الأعصاب، ويستمر الوضع كذلك حتى تنطلق صافرة النهاية معلنة عن انتهاء اللعبـة...
ولذلك وجب على أهل النصح والإرشاد من العلماء المخلصين والدعاة الصادقين والمؤمنين الموحدين أن يقوموا بدورهم تجاه بني قومهم لإيقاظهم من هذا الحلم المسمى بكأس العالم، وذلك عن طريق الدعوة إلى الله واستخدام كافة الطرق والوسائل النقلية والعقلية لإيضاح الحقائق لهم، لعل الله أن يفتح بها عليهم لتعيدهم إلى دروب الجادة... !
وهذه بعض المقترحات السريعة التي أضعها بين أياديكم، لعلها تسهم في رد البعض إلى طريق الحق والصواب، فأقول -مستمداّ العون والتوفيق من الله- :
أولاً: يجب أن نعترف بأن هؤلاء الذين يتسابقون خلف الشاشات لمتابعة هذه المباريات هو إخواننا الذين استزلهم الشيطان إلى هذا المنكر، ولذلك ينبغي أن نعين إخواننا ليتغلبوا على الشيطان، لا أن نعين الشيطان عليهم وذلك باستغلال جوانب الخير التي لديهم والثناء عليهم في ذلك، وأن نكون معهم كالطبيب الذي يحاول إنقاذهم فإن لم يدرك ذلك كله فليقلل من هذا الانحراف بقدر الاستطاعة، ولنا في قصة النملة التي نصحت قومهما وحذرتهم من جنود سليمان - عليه السلام - العظة والعبرة.
ثانياً: تذكيرهم بما أوجب الله عليهم من العبادة والطاعة والأعمال الصالحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتوضيح لهم أن ما يقومون به من متابعة لهذه المباريات ليس من ذلك في شيء، قال - تعالى -: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وقال - تعالى –: {فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون}.
ثالثاً: بيان حقيقة معنى الولاء والبراء وأنه أصل من أصول هذا الدين، وتوضيح الكيفية التي بها استطاع الكفار أن يخلخلوا هذا المعنى في نفوس أبناء المسلمين، من خلال هذه الأمور التي تخفى على الكثير منهم كالمباريات والسياحة والقنوات ومنظمة التجارة العالمية... الخ، وتناسيهم أن الكفر ملة واحدة، وأن هذه الدولة لا تبعد سوى كيلومترات بسيطة عن أولئك الذين استهزأوا بنبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -، وليت الأمر توقف عند ذلك بل قامت بالاشتراك مع هذه الدولة في الجريمة وذلك بإعادة نشر تلك الصور المشينة، وصدق الله إذ قال في كتابه العزيز {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}، مع ضرورة الإشارة أن بعض أبناء المسلمين انزلق في هذا الطريق دون أن يشعر، وذلك عن طريق متابعة فرقهم المفضلة والاهتمام بأخبارهم وكتابة أسمائهم وتقليد حركاتهم ولباسهم وقصات شعورهم... الخ، ثم نذكر لهم ما قاله ربنا - جل وعلا - على لسان خليله إبراهيم - عليه السلام -: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده...} [الحشر4].
رابعاً: الإشارة إلى بعض المنكرات التي يقع فيها من يتابع هذه المباريات بدءاً من إضاعة الأوقات التي أمر الله بحفظها، إلى رؤية النساء العاريات، ومروراً بسماع الغناء المحرم من المدرجات، وانتهاءً بإضاعة الصلوات وعدم وصل الأرحام و و و... الخ.
خامساً: سؤالهم عن الفائدة المرجوة أو التي يحصلون عليها من متابعة هذه المباريات؟؟؟ وماذا يستفيدون من فوز هذا الفريق أو ذاك؟؟؟ بل وحتى لو افترضنا أنه المنتخب السعودي هو الذي فاز فماذا يستفيد منه ذلك المتابع خلف الشاشة، هل سيأخذ شيئاً من المكافأة التي يتوزع عليهم؟؟؟ والأدهى والأمر أنهم حتى لا يذكرون لهم اسماً بعد انتهاء المباراة فما هي الفائدة من متابعتهم؟؟؟ وتوضيح أن كل ذلك هو لصرفهم عن ما هو أهم من أمور دينهم ودنياهم!!!!
سادساً: تذكيرهم بأحوال إخواننا وأخواتنا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وعرض بعض الصور عن أحوالهم وكيف أنهم لا يجدون ما يأكلون أو يشربون أو يتعالجون به مما أصابهم من الأمراض والأدواء، بل ووصل الأمر إلى تجاهل أمرهم وعدم النظر إليهم وكأنهم لا يهمونا من قريب أو بعيد لكي لا نغضب العم (بووووش) قاتله الله، وبيان أنه يجب علينا نصرتهم بكل ما نستطيع من الأموال والدعاء وغير ذلك، وأن هذه الأموال التي تنفق على هؤلاء اللاعبين سوف يُسأل عنها أصحابها بين يدي الله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
سابعاً: إيضاح حقيقة الانتصار المزعوم لهذا المنتخب وأنه لن يُقدم شيئاً في الأمة بل يؤخرها إلى الوراء كثيراً، وأنه بهذا الانتصار لن يُحرر الأقصى، أو يُنقذ حصون بغداد، أو يفك قيود كابل من أيدي الأمريكان، وأن النصر الحقيقي هو في التمسك بدين الله والثبات عليه حتى نلقى الله - جل وعلا -، وأن نبين لهم حقيقة تصريحات الفسقة رؤساء الاتحادات الرياضية، وأن المقصد منها هو التأثير على الجمهور من أجل كسب الأصوات لدعمهم في الاستمرار في مناصبهم للحصول على المزيد من الأموال التي يأخذونها من جيوب المتابعين لهم بشتى الوسائل والطرق.
ثامناً: بيان مكر الأعداء وكيفية خداعهم للمسلمين، وذلك بإيضاح الصورة على حقيقتها، فعلى سبيل المثال نجد أن إسرائيل أو أمريكا لا تنفق إلا اليسير جداً من أموالها على كرة القدم، وبقية أموال الميزانية تنفق من أجل قتل المسلمين والقضاء على الإسلام وأهله في كل مكان، بل ويقترضون من أجل ذلك الديون الكبيرة، وما العراق وفلسطين وبلاد الأفغان إلا شاهد يسير على هذا الأمر، والبقية في الطريق... !!!!
تاسعاً: إيضاح المعنى الحقيقي لكلمة لاعب، ومن يتأمل هذه الكلمة جيداً فسوف يعرف حقيقتها، وسيرى أنها تنطبق على هؤلاء (اللعابيين) بكل وضوح.
عاشراً: قد يجادل البعض بالقول أن ديننا الإسلامي أمر بالرياضة والاهتمام ببناء الأجسام، ونقول لهم في ذلك صدقتم، ولكن ديننا لم يأمر بلعب الكرة لأن هذه الكرة ليس من ورائها نفع للأمة الإسلامية أو نفع للفرد الذي يمارسها، وإنما تعمل على استهلاك صحة الإنسان وتدميرها، مثل الإصابات العضلية والعظمية، وبالنظر إلى أجسام هؤلاء اللاعبين تجد مدى الهزال الصارخ الذي أصابهم من جراء اللحاق خلف هذه الكرة، وقد أمر ديننا كما يقول عمر - رضي الله عنه - علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل، فهذه هي الرياضات الحقيقية التي تنفع أبنائنا، وتبعث في أجسادهم الصحة والنشاط، أما غيرها فلاااا..
الحادي عشر: إنشاء المراكز الدعوية والنوادي الصيفية المفيدة، وملؤها بالبرامج العلمية والعملية المفيدة، وعمل المسابقات الجذابة، والتي يستطيع الشاب من خلالها أن يقضي فيها وقته بما يعود عليه بالنفع والفائدة، مع ملاحظة أمر مهم جداً وهو أن نجعل الشاب يشعر وكأنه أحد أعضاء هذا المركز الفاعلين والمؤثرين، من خلال توكيل إليه بعض المهام اليسيرة لكي يقوم بها، وحينها سيشعر أن هذا المركز أو النادي أصبح جزءاً من كيانه ولا يمكن أن يستغني عنه، والتأكيد على الاستفادة من كل شاب في مجال تخصصه.
الثاني عشر: إقامة دورات لتحفيظ القرآن الكريم، ونشر الدروس العلمية والمحاضرات الدعوية، والتي يمكن عن طريقها التأثير في الشاب وإرجاعه إلى الطريق المستقيم بإذن الله - تعالى -...
الثالث عشر: اصطحاب هؤلاء المتعلقين بكأس العالم لزيارة أهل الفضل من العلماء والدعاة والمشايخ، للتأثر والاقتداء بهم، والنظر في كيفية قضاء أوقاتهم في كل ما يفيدهم، وإن تعسر ذلك فليس أقل من محاولة مخالطتهم للشباب المستقيمين حتى تتغير الصورة المرسومة في أذهانهم عن هؤلاء الشباب، ولكي يحصل التأثر بهم إن شاء الله - تعالى -...
الرابع عشر: محاولة إحضار دراسات علمية وهي موجودة لتثبت مدى القلق والضغط النفسي الذي يعيش فيه من يشاهد هذه المباريات، وتأثير ذلك على صحته النفسية والجسدية، وما قد يصحب ذلك من أمراض كالقولون العصبي، وضيق التنفس، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها.
وأخيراً: تذكيرهم بالله وتخويفهم به - سبحانه وتعالى - أولاً وآخراً، وبيان نعمة الله عليهم في أسماعهم وأبصارهم وأنهم محاسبون على كل ما يشاهدونهم ويسمعونهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، قال - تعالى -{ويوم يُحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون، حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون} [فصلت18-19]، وتذكيرهم أن هناك كثيرين حُرموا من نعمة الإبصار ولكن بصائرهم مستنيرة بطاعة الله - جل وعلا -، مع ملاحظة أنه يجب علينا تذكيرهم بأنهم بين الأجر أو الوزر، فمن عمل الخير فله الأجر بإذن الله، ومن عمل الشر فعليه الوزر والعياذ بالله.
هذا بعض ما أحببت أن أشير إليه في هذه العجالة السريعة، فما كان فيها من خير فهو من الله وحده، وما كان فيها من سوء فهو من نفسي والشيطان، والله ورسوله بريئان من ذلك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..