شرح حديث: امسح رأس اليتيم

منذ 2022-12-01

« أن رجلًا شكا إلى النبيِّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – قَسوةَ قلبِه ؛ فقال : امسحْ رأسَ اليتيمِ، وأَطْعِمِ المسكينَ »

الحديث:
« أن رجلًا شكا إلى النبيِّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – قَسوةَ قلبِه ؛ فقال : امسحْ رأسَ اليتيمِ، وأَطْعِمِ المسكينَ » الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : هداية الرواة
الصفحة أو الرقم : 4930 | خلاصة حكم المحدث : روي بإسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح، والآخر فيه رجل لم يسم | شرح الحديث:

القُلوبُ بيْنَ يدَيِ اللهِ يُقلِّبُها كيف يشاءُ، ولكنَّه سُبحانَه جعَل سَبُلًا ومَفاتيحَ لترقيقِ القُلوبِ وإزالةِ قَسوتِها، فجَعَل الأعْمالَ الصَّالحةَ سببًا ذلك، ونَجاةً للعَبدِ مِن ظُلمةِ قَلبِه.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو هُرَيْرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا شَكا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَسْوةَ قَلبِه، وقِلَّةَ رِقَّتِه، وعدَمَ أُلفتِه ورَحمتِه، وكأنَّ هذا الأمرَ أزعَجَ ذلك الرَّجُلَ فسَأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليَدُلَّه على العِلاجِ النَّافِعِ، فأخبَرَه ببَعضِ طُرقِ عِلاجِ قَسوةِ القَلبِ بالأعمالِ الصَّالحةِ، ومنها: أنْ يَمسَحَ على رأسِ اليَتيمِ، وأنْ يُطعِمَ المِسكينَ؛ وذلك لأنَّ مُلاطَفةَ اليَتيمِ الَّذي مات أبوه تُذكِّرُ بالموتِ، وتُشعِرُ بالفَقدِ، كما أنَّ الرَّأفةَ والرِّفقَ به ومُؤانَسَتَه، وإذْهابَ البؤسِ عنه؛ تَجعَلُ الإنسانَ يَصْحو مِن غَفْلتِه، فيَرِقُّ القَلبُ القاسي بهذه المَواعِظِ.
وإطعامُ المِسكينِ يدُلُّ قاسيَ القَلبِ على آثارِ نِعمةِ اللهِ عليه، حيثُ أغْناه، وأحوَجَ إليه سِواه، فيَرِقُّ قَلبُه، وتَزولُ قَسوتُه.
وقد قيلَ: إنَّ الرَّحمةَ على الصَّغيرِ والكَبيرِ مُوجِبةٌ لرَحمةِ اللهِ تعالَى على عَبدِه المُتخَلِّقِ ببَعضِ صِفاتِه، فيُنزِلُ عليه الرَّحمةَ، ويَرفَعُ عنه القَسوةَ، وقد قال تعالَى: { {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} } [البلد: 14 - 16]، فهذا تَلميحٌ لمَا في هذه الأفْعالِ مِن مُعاناةِ المَشقَّةِ، ومُجاهَدةِ النَّفْسِ، فمَنِ اقتحَمَ تلك العَقَبةَ يَرِقُّ قَلبُه، وتَسمَحُ نفْسُه في تَعاطي كلِّ خَيرٍ.
وحاصِلُ ذلك أنَّه لا بُدَّ منِ فِعلِ أسبابِ تَحصيلِ الأخلاقِ بالمُعالَجةِ العِلميَّةِ والعَمَليَّةِ، وأنَّ مَنِ ابتُليَ بِداءٍ مِن الأخْلاقِ الذَّميمةِ يكونُ تَدارُكُه بما يُضادُّه مِن الدَّواءِ، فالتَّكبُّرُ يُداوى بالتَّواضُعِ، والبُخلُ بالسَّماحةِ، وقاسي القلْبِ بالتَّعطُّفِ والرِّقةِ.

الدرر السنية 

  • 2
  • 0
  • 7,566

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً