تدبر - الأمانة الكبرى
عرض تعالى أمانة التكليف والامتثال (تكليف بالطاعات وتحديد المحرمات , فمن أطاع أثيب ومن عصى عوقب) على السماوات والأرض والجبال فأشفقن من تحمل تبعات المعصية والتعرض لغضب الله وعقابه
الأمانة الكبرى :
عرض تعالى أمانة التكليف والامتثال (تكليف بالطاعات وتحديد المحرمات , فمن أطاع أثيب ومن عصى عوقب) على السماوات والأرض والجبال فأشفقن من تحمل تبعات المعصية والتعرض لغضب الله وعقابه, ورضي الإنسان بتحملها, بسبب جهله وظلمه, ثم كانت النتيجة أن الأكثرية لم تتحمل ولم تمتثل وتستحق العقاب {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} [ الأنعام 116] , ولن يفلت من التبعات سوى من آمن وامتثل وتحمل الأمانة بحقها ولن ينجيه إلا فضل الله ورحمته, ففي الحديث القدسي : ي «قولُ اللهُ تعالَى : يا آدمُ ! فيَقولُ : لبَّيْكَ وسعديْكَ والخيرُ في يديْكَ ، فيقولُ : أخْرِجْ بعْثَ النارِ ، قال : وما بَعْثُ النارِ ؟ قال : من كلِّ ألْفٍ تِسعُمائةٍ وتِسعةٌ وتِسعينَ ، فعِندَها يَشيبُ الصغيرُ وتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وتَرَى الْنَّاسَ سُكَارَى ، ومَا هُمْ بِسُكَارَى ، ولَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ قالُوا : يا رسولَ اللهِ ! وأيُّنا ذلِكَ الواحدُ ؟ قال : أبْشِرُوا ، فإنَّ مِنكمْ رجُلًا ، ومِنْ يأجُوجَ ومأجُوجَ ألْفٌ ، والَّذِي نفسِي بيدِهِ ، أرْجُو أنْ تكونُوا رُبُعَ أهلِ الجنةِ ، أرجُو أنْ تَكونُوا ثُلُثَ أهلِ الجنةِ ، أرْجُو أنْ تكونُوا نِصفَ أهلِ الجنةِ ، ما أنتمْ في الناسِ إلَّا كالشَّعرَةِ السَّوداءِ في جِلْدِ ثوْرٍ أبْيضَ ، أو كشَعْرَةٍ بيضاءَ في جِلدِ ثوْرٍ أسْوَدَ ، أوْ كالرَّقْمَةِ في ذِراعِ الحِمارِ»
[الراوي : أبو سعيد الخدري وعمران بن الحصين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 8142 | خلاصة حكم المحدث : صحيح. ]
قال تعالى :
{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)}
قال الإمام السعدي في تفسيره:
يعظم تعالى شأن الأمانة، التي ائتمن اللّه عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم، وأنك إن قمت بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلك الثواب، وإن لم تقومي بها، [ولم تؤديها] فعليك العقاب.
{ {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } } أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا لربهن، ولا زهدًا في ثوابه، وعرضها اللّه على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور، فقبلها، وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل. فانقسم الناس -بحسب قيامهم بها وعدمه- إلى ثلاثة أقسام:
منافقون، أظهروا أنهم قاموا بها ظاهرًا لا باطنًا، ومشركون، تركوها ظاهرًا وباطنًا، ومؤمنون، قائمون بها ظاهرًا وباطنًا.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: