أقبل بعضهم على بعض يتلاومون
إيمان الخولي
المعركة الحقيقة بين الأتباع والمتبوعين هى معركة إيمان الذى كلما قل انكشفت عورات النفس من حرص على الدنيا وتكالب عليها واعتداد المرء برأيه وانتصار للنفس
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
قال تعالى :" {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} [21 سورة ابراهيم]
تأملت فى حوار المستكبرين والضعفاء يوم القيامة وهم يقفون يوم القيامة وقد انكشف كل شىء فليس هناك ساتر يستترون وراءه وبرزوا ليس بينهم حجاب يلقون اللوم والتبعة على المستكبرين ويطلبون منهم المنعة من العذاب فيفيقوا لايجدون إلا السراب وهل كانوا ضعفاء حقا؟ .........
الضعفاء هم من قبلوا أن يكونوا عبيداً لغير الله هم من جعلوا أنفسهم تبعا لغيرهم فسلبوهم حرية الاعتقاد والتفكير فالقوة المادية لا تملك أن تستعبد إنسان يريد العزة والكرامة لنفسه
من يملك أن يحجب أشعة الإيمان عن قلب المؤمن الحق ؟
وهل هناك عائق للإنسان إلا نفسه وإرادته ؟!
وقد يسأل المرء نفسه أن الضعفاء كثرة والمسكبرين قلة فكيف يتبع الكثرة القلة الحقيقة أن ضعف الكثرة ليسوا لأنهم أقل جاها ومالا وسلطان إنما هم ضعفاء النفوس ومرضى القلوب متعلقين بمظاهر فانية أرادوا الحياة الدنيا واطمأنوا بها من الذى اخضع الضعفاء للمستكبرين سوى ضعف همتهم وانهزامهم الداخلى أمام حبهم للدنيا ونسيان اليوم الآخر تخيل صديقاً لك قال تعال نسهر فى المكان الفلانى ونشرب الخمر تذهب معه ثم إذا لام عليك أحد قلت له فلان السبب هو الذى دلنى عليه أهذا يعقل ؟ أم أنت الذى ذهبت معه باختيارك
ويأتى رد المستكبرين على ادعاء المستضعفين أنهم سبب فى بعدهم عن الحق {"لو هدانا الله لهديناكم } "لو أن الله هدانا ما كنا مستكبرين ولأرشدناكم سواء السبيل فقد أعفوا أنفسهم من المسئولية وعلقوا الأمر على أن الله لم يرد لهم الهداية وهو اعتراف ضمنى بقدرة الله على كل شىء وأين كانوا من قبل ؟ وهم يعيثون فى الأرض فسادا يتصرفون تصرف من لا يحسب لله حسابا الآن يرجعون الأمر لله مثلهم مثل كل من أراد أن يخدر ضميره ويهرب من التكاليف بأن يقول لو أن الله هدانى لفعلت كذا وكذا وهل يريد الله الضلال لعباده ؟ وهل يرضى أن يعيشوا مستضعفين ؟! ....
قصة موسى شاهدة على أن الله عزوجل يأبى لعباده أن يعيشوا أذلاء فقد بُعث موسى عليه السلام لإنقاذ بنى إسرائيل من طغيان فرعون إذ يقول تعالى على لسان موسى فى حواره مع فرعون :" { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ} (الشعراء - 17) " تلك هى المنة التى منها الله على بنى إسرائيل أن أنجاهم من العذاب وهل شكروا هذه النعمة ؟! أم أنهم بمجرد أن أصبحوا على الجانب الآخر من النهر أشركوا بالله ؟ لقد جُبلت نفوسهم على المذلة والضعف وأشربت قلوبهم حب الدنيا فاعتقدوا فيما اعتقد فيه ساداتهم وكبراؤهم
ويأتى مشهد أخر نرى فيه تبرأ المتبوعين من التابعين يوم القيامة إذ يقول تعالى : {" إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [ 167" البقرة] إذا تاملنا فى الآيات كيف تصل العلاقة لهذا الحد من التبرؤ بعد كل هذا الخضوع فى الدنيا
لنجد أن العلاقة بين الأتباع والمتبوعين تبدو فى البداية حرصا من المتبعوين على مصلحة التابعين فيلبسوا على الناس كما فعل فرعون إذ يقول تعالى تعالى على لسان فرعون :" { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ 26.} .." ولغياب الوعى من التابعين فيسلموا عقولهم لهم فيكون مصير العلاقة فى النهاية اللعن واللوم والتبرؤ
أنهم لم يستعملوا عقولهم لمعرفة الحقيقة ولكن تركوا أنفسهم لغيرهم يسوقنهم إلى الضلال يزينون لهم الباطل ويزيفون الحقائق فمرة يتكلمون عن الحجاب أنه تقيد لحرية المرأة ومرة يتحدثون عن الإسلام أنه تخلف ورجعية أوأن كثير من احكام الدين لا تصلح لزماننا هذا فصاروا من اتباعهم وانخدعوا بهذا السراب وإذا بهم يوم القيامة تنكشف الحقائق فيتمنوا لو رجعوا إلى الدنيا
قد يقول البعض أنهم مغيبون مسلوبو الإرادة لماذا يعذبون ؟ هذا ليس كلامنا إنما كلام الله عزوجل إذ يقول " {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38)} " [الأعراف]
إذ بالضعفاء يطلبون أن يضاعف للمستكبرين العذاب فيتم رفض طلبهم وتقر الآيات أن لكل ضعف من العذاب كلهم مشتركون فيه لماذا يحدث لهم ذلك ؟ لقد كانوا مغلوبين على أمرهم و كانوا تحت ضغط كلا إنهم ما اتبعوهم وساروا فى طريق الضلال إلا لأن عندهم قابلية للضعف والخنوع
ويأتى مشهد آخر من مشاهد يوم القيامة يُحشر فيه الذين ظلموا واتباعهم من ناصروهم فى الدنيا ليسألوا أمام الحق إذ يقول تعالى :" مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ " أين مؤازرتكم لبعض كما كنتم فى الدنيا فإذا بهم مستسلمون لا ينطقون أين كان هذا الإستسلام لأمر الله فى الدنيا قبل هذا المشهد وإذا بهم يلقون اللوم على بعضهم البعض " {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29)} " هذه حجة الأتباع أن الظالمين كانوا يأتونهم من جهه الخير فيلبسون عليهم الحق فلم يقولوا لهم اسلكوا طريق جهنم مباشرة إنما زينوا لهم الطريق بزعم أنه طريق التحضر والرقى فما كان من رد المتبعوين إلا أن قالوا {" بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } " يواجهون الأتباع بضعف إيمانهم أى أنهم ما أيدوهم وناصروهم إلا لغياب الإيمان عن قلوبهم ها قد أجرى الله الحق على ألسنتهم لأول مرة ولكن بعد فوات الأوان فقد حق العذاب عليهم "فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ " والمتأمل لهذا المشهد يرى أن مثل المستضعفين فى إلقاء اللوم على الظالمين كمثل الطالب الذى رسب فى الامتحان هل تراه يعترف بخطئه ويقول أنه لم يكن مستعداً للامتحان ولم يذاكر إنما تجده يقول المنهج صعب ما تدربت على هذه الأسئلة أو الأستاذ أسلوبه سىء وهكذا لا يرجع الأمر لأنه كان مقصرا فى الحقيقة فتكون الإجابة من المستكبرين إذ يقول تعالى :" { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُوٓاْ أَنَحۡنُ صَدَدۡنَٰكُمۡ عَنِ ٱلۡهُدَىٰ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَكُمۖ بَلۡ كُنتُم مُّجۡرِمِينَ} (32 " إنكم لستم ضعفاء بل أنتم مجرمون أجرمتم فى حق أنفسكم لأنكم آثرتم الراحة على التعب، والسلامة على الإبتلاء نسيتم أنه نعيم زائل وحق أن نقابله بالشكر
وإذا تأملنا فى موقف عالم بنى إسرائيل ما الذى جعله ينسلخ من آيات الله ويحكم بغير ما أنزل الله إلا لحب المكانة بين الناس إذ يقول تعالى :" {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } " [الاعراف]
إنسان يعطيه الله من فضله ويتفضل عليه بالعلم ويرتفع به عن أدناس الأرض فإذا به يأبى إلا أن يتبع هواه ويلتصق بمادة الطين وما هذا إلا لوهن القلب وضعف النفس أمام مغريات الحياة الدنيا
ويأتى الرد من المستضعفين " {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ}
أنتم من مكرتم بالليل والنهار واستخدمتم كل ما تملكون من سلطان للتشكيك فى الحق ولبستم على الناس حتى تبعدوهم عن دينهم وزينتم لهم الكفر تحت مسمى الحرية العقدية والفكرية وأن التدين تشدد ورجعية وعملتم على تشوية صورة المتدين فى الإعلام وإظهاره بصورة المخادع المنافق
ولو أن هؤلاء الضعفاء قدروا الله حق قدره وتعرفوا إليه لأكسبهم قوة إيمان تزول منها الجبال ولو تأملوا آيات الله المقروءة فى تدبير أمور العباد وأرزاقهم إذ يقول تعالى :" {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6)} " ولو تيقنوا فى اسم الله الجبار لأدركوا أنه قادر على أن يقسم المستكبرين ويرغم أنفهم ولكنه يؤخرهم لأجل مسمى عنده وأن له فى خلقه شئونا يغفر ذنباً يفرج هما يهدى ضالا يعافى مبتلى يقبل تائبا ينصر مظلوماً يقسم ظالماً وكل هذا يدعو إلى اليقين فى أن النفع والضرر بيد الله وحده وهو الذى بيده الموت والحياة وحده وليست بيد أحد ولا ينبغى لأحد أن يدعى ذلك
ويتدبر فى قوله : {" أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)} " ترى هل يسوى الله عزوجل بين من وثق فى موعود ه ومن باع الآخرة بمتاع قليل؟ لا يستون عند الله كما يتأمل فى عاقبة المفسدين أين فرعون وقارون فقد خسف الله بهما الأرض وجعلهم لناس آيه فلابد من نهاية للفساد وأن الإنسان كلما طال عليه الأمد فى الدنيا يقسو القلب ويصبح كالحجارة أو أشد فتجده لا يعرف إلا مصلحته الشخصية ولا يهتم بقضايا المسلمين وما يحدث لهم ولا يقوم بوا جب النصرة لهم لسان حاله ليس لى شان بهذا أو ذاك وهو لا يدرى أنه سيأتى يوما يحتاج إلى من يمد له يد العون فلا يجد فقد أصبح همه كل همه هو قوت يومه مثله مثل الأنعام ونسى أن كتمان الحق مذمة عند الله وإخراج من رحمته إذ يقول تعالى : :" { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159}
ويتأمل أيضا فى قوله " اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما عملت " تلك الآية التى ظل سعيد بن جبير يرددها طوال الليل سبحان الله ليست آية عذاب أو ذكر للجنة إنما هى آيه تذكير باليوم الآخر والوقوف بين يدى المولى عزوجل ليحاسبنا على أفعالنا وأنه ما ظلم الإنسان وتكبر إلا لأنه نسى يوم الحساب والوقوف بين يدى الرب إذ يقول تعالى :" { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)} "
كما يتدبر فى قوله تعالى :" {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) } " فهى آيه تصور مشهد الظالم وهو يعض على كلتا يديه ندما على أنه سلك طريق الباطل ليكون هذا المشهد عبرة لمن أرادا أن يسير على نفس النهج كما تبين أثر الصحبة السوء فى زعزعة الإيمان وبعد الإنسان عن الحق وكلمة الذكر هنا هو تذكر الله فى كل عمل لان كثرة ذكر الله تطمئن القلب وتجعل الإنسان يعتاد قول الحق ولا يخشى شيئا
وينتهى الموقف بإضمار الندم من الطرفين عندما عاينوا العذاب فى الآخرة واخفوه مخافة الشماتة إذ يقول تعالى :" {وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (33} واسرار الندامة يدل على أنهم مازالوا يخافون الناس ويحسبون لهم حساباً ها قد جمعتهم الأغلال والسلاسل يوم القيامة جزاء بما كانوا يعملون
إن المعركة الحقيقة بين الأتباع والمتبوعين هى معركة إيمان الذى كلما قل انكشفت عورات النفس من حرص على الدنيا وتكالب عليها واعتداد المرء برأيه وانتصار للنفس وكلما ازداد الإيمان استيقظ القلب من غفلته وتحرر من قيد الدنيا وسُترت عورات النفوس وزاد الإيثار وحب التضحية فإيقاظ الإيمان فى القلب هو أول خطوة على الطريق ولا يتم إلا بمعرفة الله والإيمان به بصدق والعمل بطاعته الذى يدفع الإنسان لأن يملك إرادته ويتحرر من الأهواء