مع شعار الإسلام... الله أكبر
هو اسم لله المعبودِ بحقٍّ، الجامعِ لصفات الإلهيَّة، المنعوت بِنُعوت الرُّبوبية، المتفرد بالوجود الحقيقيِّ، وكل ما سواه فانٍ وهالكٌ وباطل إلاَّ به.
قال تعالى في سورة المدثر: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3]، والأمر يفيد الفرضيَّة؛ لذلك قام رسولُ الله، فقال: «الله أكبر»، فكبَّرَت السيِّدة خديجة، وعلمَتْ أنه الوحيُ من الله.
فانظر كيف فعَل النبيُّ؛ أمرَه القرآن، فلبَّى الأمر، وقام وكبَّر، وكيف تجاوبَتْ معه زوجه السيِّدة خديجة أُولى المُسلِمات، فهذا التفعيل الفوريُّ والتجاوب الفعليُّ هو ما نحتاج إليه الآن.
وقال تعالى في آخر سورة الإسراء: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111].
ولهذا الأمرِ بإخلاص التَّوحيد لله وتكبيرِه سبحانه إيحاءاتُه الهامَّة في مواجهتنا لأعداء الإسلام، ومشاكل الحياة.
معنى لفظ الجلالة "الله":
هو اسم لله المعبودِ بحقٍّ، الجامعِ لصفات الإلهيَّة، المنعوت بِنُعوت الرُّبوبية، المتفرد بالوجود الحقيقيِّ، وكل ما سواه فانٍ وهالكٌ وباطل إلاَّ به.
معنى لفظ "أكبر":
المعنى كما وضَّحه الإمام عليٌّ - رضي الله عنه -: "كَبُر شأنًا، وعَظُم سلطانًا"، و"الله أكبر"؛ أي: الذي يتَصاغر أمامَه كلُّ شيء.
ويكاد يكون معنى الله أكبر هو معنى قول الله تعالى في سورة التَّوبة: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].
معنى "الله أكبر" في تكبيرة الإحرام:
معناها أن الله أكبَرُ من كلِّ ما يشغل أو يُلهي أو يؤخِّر أو يمنع المسلمَ عن الصلاة.
• ولذلك اهتمَّ المسلمون بحضور تكبيرة الإحرام خلف الإمام؛ لدرجة أنَّ أحد الصالحين قال: "إذا رأيتَ الرَّجلَ يتهاون في تكبيرة الإحرام، فاغسِلْ يديك منه"، ولقد قيل: "لا باركَ الله في عملٍ يلهي عن الصَّلاة".
إنَّ تفعيلنا لكلمة "الله أكبر" يجعل المصلِّي يُقبل على الصلاة بقلبٍ خاشع لله، مستحضِرٍ اليقظة والانتباه، منفصِلٍ عن دنياه، مستغرِقٍ في مُناجاة مولاه.
فالأمر كما قال الإمامُ أحمد: هُما مَوقِفان: موقفك بين يدَيِ الله في الصَّلاة في الدنيا، والثاني هو موقفك بين يدي الله في الآخرة، فإن أحسنتَ موقفك بين يدي الله في الصلاة، أحسنَ الله إليك يوم تقفُ بين يديه في الآخرة.
• ولقد أُذِّن للصلاة، فبحث عمرُ عن رجلٍ بعينه فلم يَجِده، فذهبَ وناداه، فأجاب الرَّجل على الفور: "لبَّيك عمر"، فقال عمر: "ويحك! يُناديك الله إلى الصلاة فلا تلبِّي، ويناديك عمرُ فتجيب؟! ليكوننَّ لي معك شأنٌ آخَر".
• وقد عهد عبدُالعزيز بن مروان بابنه عمر إلى مؤدِّبه صالح بن كيسان، فتأخَّر الغلام يومًا عن الصلاة، فسأله أستاذُه: ما الذي أخَّرك عن الصلاة؟ فقال: كانت مُرجِّلتي ترجِّل لي شعري، فقال أستاذه: "أبلَغَ بك حبُّك لشعرك أن تُقدِّمه على الصلاة؟"، ولم يرض عنه أستاذُه حتَّى حلق شعره عقابًا له.
ولقد ورد في كتاب "الكبائر" للإمام الذهبيِّ أنَّ الذي لا يذهب لصلاة الجماعة إلاَّ بعد سماعه إقامة الصلاة يكون مرتكِبًا لصغيرة، فإنْ أصرَّ على ذلك كان مرتكبًا لكبيرة؛ لأنَّ الإصرار على الصغائر يجعلها كبائر.
قارِنْ هذا بحال أغلبنا ممن يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، ولا يحرصون على الجماعة؛ تُدْرِكْ مدى ضعف تفعيلنا لنداء "الله أكبر" في الأَذان، أو تكبيرة الإحرام؛ اللهمَّ أصلح أحوالنا.
غاية التكبير: غاية تكبير الربِّ ألاَّ يترك لأحدٍ كبرياء في الأرض إلاَّ وتكسر شوكته، حتَّى لا يبقى في الكون إلاَّ كبرياء الله تعالى؛ أيْ: عظَمتُه وسلطانه.
مقتضيات التكبير ولوازمه: إنَّ "الله أكبر" تقتضي من قائلها: التوحيدَ الخالص، وتفويضَ الأمور كلِّها لله تعالى، ترك مرضاة النَّفس الأمَّارة بالسُّوء ومَرْضاةِ الناس إلى مرضاة الله تعالى، مَلِكِ الناس، إله الناس.
من مجالات التكبير:
يفتتح به الأذان للصَّلاة والفلاحِ.
تُفتتح الصلاة بتكبيرة الإحرام.
وفي كلِّ ركعتين يكبِّر المصلِّي إحدى عشرة تكبيرة.
• قال النبيُّ: «إن الشيطان إذا نودي بالصلاة أدبر».
• قال النبيُّ: «إذا رأيتم الحريق فكبِّروا؛ فإنَّ التكبير يُطْفِئه».
• قال النبيُّ: «أحبُّ الكلام إلى الله أربع، لا يَضرُّك بأيِّهن بدأتَ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر».
• وقد ورد أنَّ الملَك يحملهنَّ تحت جناحه ويصعد بهنَّ إلى السموات، فكُلَّما مرَّ على جمعٍ من الملائكة، استغفَروا لقائلهنَّ حتَّى يُحيِّي بهن وجهَ الرَّحمن.
• قال النبي: «زَيِّنوا أعيادكم بالتَّكبير».
التكبير عند الشدَّة والحرب، وعند فَتْح الحصون، فحينئذٍ يقول المسلم: الله أكبر، فتهون الشدَّة، وتَقْوى العزيمة، ويتحقَّق النصر.
• لما توجَّه النبيُّ لفتح خيبر صباحًا، كان اليهود خارجين من الحصن، معهم المساحي والحيوانات، متوجِّهين للعمل في حقولِهم، فلمَّا رأَوُا النبيَّ قالوا: "محمَّد والخميس" - أي: الجيش - ورجعوا إلى الحصن، فكبَّر النبيُّ قائلاً: «الله أكبَر، خربت خيبر» وتَمَّ فتح خيبر فعلاً.
لَمَّا طال حصار عمرِو بن العاص لحصن بابليون بمصر، طلب من عمر بنِ الخطاب مددًا أربعة آلاف جندي، فأرسل عمرُ بن الخطاب إليه أربعة رجال، قائلاً: "كلُّ رجل منهم بألف، ومنهم الزبير بن العوَّام بألف"، فقال الزبير بن العوام: "إنِّي أهب نفسي لله، وأرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين، ثم تسلَّق سلَّمًا إلى الحصن، شاهرًا سيفه ونادى أعلى الحصن: "الله أكبر" فتجاوبَ المسلمون مع تكبيره، وانخلعَتْ قلوبُ مَن في الحصن، وانتهى الأمر بتسليم الحِصْن.
ولقد كان نشيدُ مصر الوطنيُّ في حرب 1956: "الله أكبر"، فأشعل الحماس للتَّضحية والفداء، حتَّى تحقَّق النصر، وأُجلي العدوُّ عن بورسعيد.
وفي حرب رمضان الموافق 1973 ميلادية، صاح المقاتلون: الله أكبر، فتحقَّق النصر.
الله أكبر:
رَدِّدُوهَا دَعْوَةً مُبْصِــــــــــرَةً ** تَرْفَعُ التَّقْوَى لِمَنْ ضَلَّ مَنَــــارَا
وَاجْعَلُوا التَّكْبِيرَ فِيكُمْ قَبَسًا ** يَنْشُرُ النُّورَ عَلَى دَرْبِ الْحَيَـارَى
لاَ يَصُونُ الْحَقَّ أَوْ يَحْفَظُـــهُ ** غَيْرُ مَنْ يَرْجُونَ للهِ وَقَـــــــارَا
- التصنيف: