هَمَسات .. في كلمات ... (18)

منذ 2022-12-23

فقد وصلنا إلى المحطة الثامنة عشر من سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) ونسأل الله أن يجعل كاتبها وناشرها وقارئها (مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ) .. اللهم آمين:

الحمد لله الكريم المنان، والصلاة والسلام على النبي العدنان، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:

فقد وصلنا إلى المحطة الثامنة عشر من سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) ونسأل الله أن يجعل كاتبها وناشرها وقارئها (مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ) .. اللهم آمين:

من أعجب الاتجاهات في هذا الزمن تيار النسوية، فهو كتلة من التخبط والتناقض وقبل ذلك الجهل، إحداهن ممن في قبلها مرض، تستنكر على الشريعة السماح للرجال بالتعدد، ومنع ذلك للنساء، معللةً ذلك بأن قدرات المرأة الجنسية أكبر من الرجل، وأنه أي الرجل- يضعف جنسيا بتقدمه في العمر، وذكرت تفاصيل أخرى، المصيبة أن هذه الجاهلة أو المتجاهلة تحسب أن تشريع التعدد أو منعه يرجع إلى القدرة على استعراض العضلات الجنسية، والتفوق على فراش الشهوة الحيوانية، والحقيقية أن كل تحركات وسكنات المسلم يجب أن يستمدها من كتاب ربه وسنة نبيه، فما أحل الله فهو حلال طيب، وما حرمه ربنا فهو حرام وخبيث وارتكابه ظلم ومفسدة، وهذا هو الفرق الجوهري بين المرجعية الربانية الحق، والمرجعيات الوضعية الوضيعة الضلالية الظلامية التي تفتقر إلى مرجعية موضوعية صحيحة للأخلاقي واللاأخلاقي، والصواب والخطأ، والظلم والعدل، فببساطه مستحيل إثبات أن اغتصاب طفل وقتله جريمة وظلم من منطلق علماني أو ليبرالي ومن باب أولى نسوي، فالنسوية شر مستطير، وتكبُّر على رب العالمين سبحانه، وفي النهاية يقيسون المسموح والممنوع حسب القوة الجنسية، فالحمد لله على نعمة الإسلام والعقل.

---------------

للناس فيما يقرأون مذاهب، فمنهم من يقرا طلبا للمعرفة، وكثير منهم للتسلية، ومنهم استعداد لدخول امتحان، أو الحصول على وظيفة، وغير ذلك كثيرا، أي أن الدافع للقراءة مؤثر في نتيجتها وثمرتها،  أما عن أفضل المنازل فهو من جعل القراءة عبادة، حيث أنها من أهم وسائل الحصول على العلم {(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)} وطلب العلم طريق إلى الجنة فـ «(مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ)» وطلب العلم من أنواع الجهاد إذا كانت نية صاحبة الدفاع عن دين الله، إذا فهو طريق إلى الجنة، وحفظ بإذن الله من عواصف الشهوات، ومزالق الشبهات، ومن الطرق السهلة في تحصيله قراءة الكتب النافعة، ولكن كيف نعرف الكتب النافعة؟ الجواب: بسؤال أهل العلم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وفي الجملة احرص على قراءة تفسير للقرآن كـ (المختصر في تفسير القرآن الكريم) وكتب السنة كرياض الصالحين مع شرح مناسب له ومن أسهلها أسلوبا وأكثرها فائدة شرع العثيمين رحمه الله، وكذلك يمكن أن يقرأ كتاب الفقه الميسر مع شرح له، ولا يغفل السيرة وقبل ذلك العقيدة ومن الكتب الجامعة والمختصرة والنافعة كتاب (الوجيز في عقيدة السلف الصالح ) وغير ذلك كثير وميسور بفضل الله ومنته.

---------------

الدنيا فانية، والآخرة باقية، فلا تخسر النعيم في دار البقاء بلذات محدودة في دار الفنا، فاكبح جماح شهواتك هنا ليكون لك {(مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)} فمن ذا الذي عاش في الدنيا بلا كدر، ولم تلسعه بمصائبها، وإنما النصر صبر ساعة، وقد سبق قوم ففازوا، ومن صُبَّت عليه المصائب في الدنيا فإن غَمْسة واحدة في الجنة تجعله يقول:(لا، والله ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدةً قط) ونحن بشر معرضون للوقوع في الخطأ والزلل، لكن من كرم الله تعالى أن مَن تاب  فـ (إنَّ اللهَ يَقبَلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغَرْغِرْ) بلو يبدل الله سيئاته حسنات، ولكن علينا الحذر من الشبهات والشهوات المحرمة والبعد عن أسبابها وأصحابها، ومما يعين ذلك قراءة القرآن بتدبر، وكثرة ذكر الموت، والدعوة إلى الله تعالى وجماع ذلك كله طلب العلم النافع، لأنه كما يقال (الهجوم خير وسيلة للدفاع) وقبل ذلك كله التضرع إلى الله فـ (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) وجاء في الحديث القدسي: «(يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)» .

---------------

(قال رجل لعبيد الله بن أبى بكرة: ما تقول في موت الوالد، قال مُلْك حادث، قال: فموت الأخ، قال: قص الجناح، قال فموت الزوج: قال عُرْس جديد، قال: فموت الولد، قال: صدعٌ في الفؤاد لا يجبر)، هذه الحوار يبين ما للولد من عظيم المنزلة في قلب أبويه، ولذلك فإن فراقه بالموت وقْعه ثقيل على أنفسهما، ومصير من (مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ؛ لأنه ليس مكلفا)  وعليه أجمع العلماء، فهنيئا لهؤلاء الأطفال الجنة، ولكن الوالدان يتجرعان ألم الفراق، ومن صبر منهما فله بشرى في هذا الحديث فإنه(إذا مات ولدٌ لعبدٍ قال اللهُ عزَّ وجلَّ لملائكتِه قبضتم ولدَ عبدي، فيقولون نعم، فيقولُ قبضتم ثمرةَ فؤادِه، فيقولون نعم، فيقولُ ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمَدك واسترجع، فيقولُ ابنُوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوه بيتَ الحمدِ)، من جهة أخرى علينا أن نعتبر حيث أننا لم نظمن الجنة كما هو حال أطفالنا الذين ماتوا، وقد عملنا سيئات كثيرة، لكن لنا رب كريم رحيم حليم فـ «(اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا)» ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: «(سَدِّدُوا وقارِبُوا، وأَبْشِرُوا، فإنَّه لَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ أحَدًا عَمَلُهُ قالوا: ولا أنْتَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ منه برَحْمَةٍ، واعْلَمُوا أنَّ أحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ أدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ)» فالدنيا محطة للتزود بالحسنات، وتكفير السيئات ورفعة الدرجات للوصول إلى الجنات.

---------------

النقل الجوي يعتبر من أكثر وسائل النقل أمانا، وهذه نعمة عظيمة من ربنا جل وعلا، فأنت ترى أطنانا عديدة المعادن في جوفها مئات من البشر يجوسون فوق وخلال السحاب، بين السماء والأرض، في أمن وأمان، إلا أن الموت لا يعرف مكان ولا زمان ولا أعمار، فقد يأتيك الموت وأنت معلق سابحا بين السماء والأرض وفوق السحاب، وحوادث الطائرات مميتة في معظمها وقلَّ أن ينجو أحد من تحطم طائرة، ومع كل هذه النعم ووجود هذه المخاطر، إلا أن الإنسان كفور وجحود، فتجد شركات الطريران تختار النساء أجمل النساء المتبرجات ليخدمن الركاب، كما يوجد من الراكبات من هي أشد تبرجا وفجورا من المضيفات، ولم تنس شركات الطيران أن تقدم أم الخبائث كضيافة لزبائنها، فعندهم السياحة والضيافة لا معنى لها إذا شابوها بالرذيلة، وخلطوها بالفجور،  وبعض نساء المسلمين إذا صعدت إلى الطائرة نزعت حجابها وقبل ذلك حياءها، وكأن رب الطائرة غير رب الأرض والمطار، وهكذا أكثر الناس في غفلة، تزداد عليهم النعم ويزيدون في كفرها، والمجاهرة بمعصيته المنعم بها جلا وعلا، فمن ركب الطائرة فليتذكر أنه قد لا ينزل منها إلا فحما أو رمادا وماذا سيغني عنه معاصيه ومجاهرته، وماذا سينفع المتبرجة التي عصت ربها وجاهرت بمعصيته وفتنت غيرها فتحمل وزرها ووزر من فُتِنَ بها وعصى الله بسببها.

وإلى اللقاء في همسات أخريات، بإذن العزيز الوهاب.

[email protected]

  • 2
  • 1
  • 817

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً