الإسلام والإسلاميون والسياسة

منذ 2011-09-03

أكتب هذا المقال وأشعر أن الأحداث فى مصر خاصة تجرى بسرعة غير عادية منذ ثورة 25 يناير 2011 وعلى كل متابع أن يجرى ليلاحقها فمن المتابعين من سرعته ضعيفة جداً ...

أكتب هذا المقال وأشعر أن الأحداث في مصر خاصة تجري بسرعة غير عادية منذ ثورة 25 يناير 2011م، وعلى كل متابع أن يجري ليلاحقها فمن المتابعين من سرعته ضعيفة جدًا فلا يراقب الحدث بجدية واقعية ومنهم من يتفلسف ومنهم من فرح بما يظنه مُنجزات كانت أمنية له وانشغل بها ولم يهتم بما حوله ومنهم من لا يشعر بسرعة الأحداث ومنهم من يلاحق الحدث في سرعته وهم قلة.


ولكن من يفهم الحدث بعمق ودقة ويخطط ليسابق الحدث وهو يعي إلى أين يذهب الحدث بسرعته ولا ينخدع في تحليله بالسرعة فبصيرته أسرع بفضل الله ونعمته؟

وأتوقف بهدوء في نقاط وأقول ماذا كسب الإسلاميون من الثورة؟
الإجابة: كسبوا كما كسب كل الشعب المصري الحرية وسقوط جزء مهم من نظام الطاغية مبارك.

والسؤال التالي ماذا كسب الإسلام في بلد الإسلام؟
الإجابة: البعض يقول رفع القيود عن بعض الدعاة وحريتهم.
هنا أعتقد أن الإجابة غير كاملة في صحتها فالإسلام ليس الدعاة إنما الإسلام دين وشريعة وحكم وعبودية لله الواحد الأحد والدعاة والدعوة من أسباب نشر هذا الدين.

ومن هذه النقطة أقول أن الإسلام مكسبه الحقيقي لم يتحقق والكثير من الإسلاميين ينتظر البرلمان ووضع الدستور ليحقق مكاسب للإسلام والبعض اكتفى بحريته وظن أنها مكسب.
لكن الذين كسبوا الآن على الأرض حقيقة هم أصحاب الفكر الليبرالي والعلماني وكل أعداء الإسلام كمنهج وشريعة للحكم بدليل وجودهم كأشخاص وفكر على خريطة الحكم والسياسة وصراعهم الخبيث من أجل منع الإسلام، من تحقيق أى مكسب ببذل كل جهد برفع لافتة تأخير الانتخابات أو الدستور أولًا ثم أخيرًا مبادىء فوق الدستور، وغير ذلك وهم يضحون بكل ما يملكون من جهد من أجل ما يريدون وهم خبثاء ويفرقون بين مكسب الإسلام ومكسب أشخاص الإسلاميين ففتحوا الباب لمكاسب أشخاص وجماعات (أحزاب– منابر -لقاءات مع مسؤلين- فتح حوار معهم على مستويات عليا أكبر من مخبر وظابط كما في السابق) مع تقييد أى مكسب للإسلام كدين يحكم لذا يقاومون بكل قوة أى مكسب للإسلام.


أما الإسلاميون فمع تقديري لإخلاصهم في العمل للإسلام فالبعض فرح بما كسب من منبر يدعو منه بحرية والكثيريين يخططون لإنتخابات البرلمان هو جزء مهم من المعركة ولكن البعض يظن أن تنسيق العمل في الانتخابات بين الإسلاميين يحقق كل شيء لكني أعتقد أننا في مرحلة هامة بين مرحلتين ماضية معلومة ومستقبل نجاهد من أجل جعله أفضل لذلك من الواجب التخطيط لإستراتيجية للعمل وليس تنسيق العمل،
فالأعداء ليسوا عدو واحد إنما هم كُثر: الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا يبذلون كل ما يستطيعون لمنع تحويل مصر إلى دولة حرة مستقلة هويتها الإسلام ويفعلون ذلك مع كل الثورات العربية عن طريق احتواء القيادات المتغربة وصنع قيادات موالية فكريًا للغرب وتقديم كل الدعم ماليًا وإعلاميًا والضغط بكل ما يستطاع على السلطة الحاكمة.


ثم إسرائيل العدو الصهيوني الجاثم على الحدود فهى لن تحارب مصر حربًا عسكرية الآن، ولكن تبذل كل ما تستطيع لصنع الإضطراب وتمويل الموالين والدفع للقلق والتوتر على الأمن القومي، كلما شعرت بتوجه استقلالي وطني إسلامي وهو ما يجعل أي سلطة تجعل همها الأمن القومى أولًا وأخيرًا بغض النظر على شكل الحكم وهويته.

ثالثًا العلمانية المتجذرة في مصر منذُ مائتي عام والتي سيطرت على كل المؤسسات في جميع السلطات وأصبحت دينًا جديدًا بسبب نفاق وضعف بعض العلماء وغياب المشروع الإسلامي من الحكم لفترة طويلة وسيطرة العلمانيين على الإعلام والصحافة ومفاصل الدولة جعل كثير من الشعب علماني الفكر.


رابعًا الخلافات بين الإسلاميين فى مناهج العمل ما بين سلفي وإخوان وجهاد ومشايخ، كل له رأيه وغير ذلك ينبغي أن تحسم لصالح التخطيط للمشروع الإسلامي الواحد وأعتقد أن هذه مشكلة أكبر من عداوة الغرب وإسرائيل والعلمانيين وهى تحتاج إلى دواء وحيد هو الإخلاص، فإن استطاعة الحركة الإسلامية تناوله بكثرة ستقضي على كثير من الأمراض ويبقى جزء مهم هنا هو الوعي والقيادة الصالحة فما زالت مشكلة الوعى رغم التحسن فيها مازالت باقية عند بعض الإسلاميين.


ثم مشكلة القيادة الصالحة لهذه المرحلة الحاسمة مازالت مشكلة كبيرة فليس كل الأشخاص يصلحون للقيادة
ويبقى أن التخطيط الاسترتيجى يقول أن هذه المرحلة من الممكن أن تكون مرحلة توافقية ما بين مرحلتين بين القوى السياسية لمنع تدخل الأعداء المشار اليهم ولتقوية التيار الإسلامي في جميع المجالات فهو يحتاج إلى تقوية بلاشك ولكن السؤال هل يتركنا الآخرون هنا حتمية الحكمة وضرورة القيادة الصالحة فمن الواضح أنهم يخططون لعرقلة الحالة السياسية المصرية بدخول الجميع في متاهات الخلافات ولكن الحكيم من يعي الحدث ويسبقه.


وأخيرًا طبيعة تلك المرحلة سوف تفرز وضع جديد يجب على الجميع اليقظة له، وعدم التفاعل بعاطفة بلا حساب أو بتقليد أعمى أو تردد مرتعش فهى تحتاج إلى إقدام وشجاعة بدون تهور وحكمة بدون تردد ولا جبن فالسياسة ذكاء وخبرة ووعي وثقافة واستغلال جيد للحدث وتوقيته ونحن مع شعب عاطفته إسلامية ولكنه عاطفي ويحتاج للقدوة.


والآن نحن فى لحظة حاسمة وخطيرة فهل ننجح أن نخطط لسياسة إسلامية تفرض ما تريد في الوقت المحدد لمصلحة الإسلام فقط لا للأشخاص ولا الجماعات ولا الشيوخ.
ومع خصوصية التجربة المصرية لا يفوتنا النظر في التجربة التركية ولها خصوصيتها وتجربة طالبان ولها خصوصيتها وتجربة الجزائر ولها خصوصيتها أيضًا
فهل الحكمة تجعل من الممكن أن نقبل في وقت نصف ما نريد لمصلحة الإسلام فقط
وللحديث بقية..

ممدوح إسماعيل محام وكاتب


 
  • 0
  • 0
  • 2,551

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً