علو الهمة ـ علامة كمال العقل
خلق الله البشر وجعل لكل منهم همة وإرادة فلا يخلو إنسان عن هم ومن علامة كمال العقل علو الهمة.
- التصنيفات: تزكية النفس -
خلق الله البشر وجعل لكل منهم همة وإرادة فلا يخلو إنسان عن هم؛ ولذلك كان أصدق اسم يوصف به العبد أنه همام ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «... وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام..».
وجهة الصدق أن كل إنسان له إرادة وعنده اهتمام، كما قال المنذري: وإنما كان حارث وهمام أصدق الأسماء لأن الحارث الكاسب، والهمام الذي يهيم مرة بعد أخرى، وكل إنسان لا ينفيك عن هذين والله أعلم.
ولكن همم الناس تختلف بين علو وسفول وبين كبر وصغر وبين ضخامة ودناءة. وعلى قدر تفاوت الهمم والإرادات تتفاوت مقامات الخلق في الدنيا والآخرة. فأعلاهم همة أبلغهم لما يريد، وأكثرهم تحقيقا لما يطلب.
وعلامة كمال العقل ورجحانه علو همة صاحبه.. يقول ابن الجوزي: من علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دنيء
ولم أر في عيوب الناس عيبا.... كنقص القادرين على التمام
سقوط الهمة أصل الخذلان:
إن سقوط الهمم وخساستها هو أصل ما وصلنا إليه من ذل وهوان وحقارة وخذلان، وما من أمة يرضى أهلها بالأمر الواقع ولا تبلغ همم أبنائها أن يغيروه إلا كان لهم الخزي والعار والذلة والصغار.
إن الهمم الكبار تغير التاريخ بل هي التي تسطره وتكتبه:
لقد رأينا محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم.. رجل واحد في وسط عالم كامل من الشرك كيف عبّده بهمته لله رب العالمين؟.
ومرت الأيام ورأينا كيف بيعت فلسطين بثمن بخس، وضاعت القدس، وسلب المسجد الأقصى.
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة». (صحيح ابن ماجه).
خامسا: المجاهدة: وهو الصبر على النفس وسياستها وتعويدها بلوغ الغايات وأعالى المقامات وعدم الرضا بالدون، وكلما جاهد الإنسان نفسه في بلوغ القمم بلغها سواء في أمور الدنيا أو الآخرة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].