معنى قوله تعالى: { يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا... }
لينظر العبد لنفسه وقت الإمكان، وليتدارك الممكن قبل ألا يمكن، وليُوالِ من ولايته فيها سعادته، وليُعادِ من تنفَعه عداوته وتضرُّه صداقته...
قال المفسِّر السعدي: في "تفسيره" (ص582): قوله: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا}، وهو الشيطان الإنسي أو الجني، {خَلِيلًا}؛ أي: حبيبًا مصافيًا عاديت أنصحَ الناس لي، وأبرَّهم بي وأرفقهم بي، وواليت أعدى عدو لي، الذي لم تُفدني ولايته إلا الشقاء والخسار والخزي والبوار.
{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي}؛ حيث زيَّن له ما هو عليه من الضلال بخدعه وتسويله.
{وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولًا}، يُزين له الباطل، ويقبِّح له الحق، وَيَعِده الأماني، ثم يتخلَّى عنه ويتبرَّأ منه، كما قال لجميع أتباعه - حين قُضي الأمر وفرغَ اللهُ من حساب الخلق: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22].
فلينظر العبد لنفسه وقت الإمكان، وليتدارك الممكن قبل ألا يمكن، وليُوالِ من ولايته فيها سعادته، وليُعادِ من تنفَعه عداوته وتضرُّه صداقته، والله الموفق؛ اهـ.
- التصنيف: