الولاء و البراء في الإسلام 1-2

منذ 2011-09-22

دار بيني وبين أحد العوام حوار ، وكان ذلك بعدما لاحظت كثرة استئجاره لغير المسلمين ليعملوا في بيته فسألته مستفهما – لا مستنكرا- عن السبب في ذلك فأجابني بأربعة أجوبة...


دار بيني وبين أحد العوام حوار ، وكان ذلك بعدما لاحظت كثرة استئجاره لغير المسلمين ليعملوا في بيته فسألته مستفهما – لا مستنكرا- عن السبب في ذلك فأجابني بأربعة أجوبة : قال لأنهم أحذق في الصنعة ، وأقل في الأجر ، وأحسن خلقا ، ولا يضيعون الوقت في الصلاة .
 
فرددت عليه : بأن حذقهم في الصنعة لابد منه لأنهم يعيشون في مجتمع أكثره مسلمون ، وإن لم يحذقوا في صنعتهم فسوف تكسد سوقهم لأن المسلم بطبعه ميال إلى بني جنسه ، وحذق الصنعة أمر طيب كان أليق بالمسلمين أن يتسموا به أكثر من غيرهم . وأما قلة الأجر فهو شرك منصوب وقد وقعت فيه لأن هؤلاء لا يستطيعون أن يحوزوا قصب السبق إلى قلوب الناس إلا من ناحية المال التي يؤثرها ويحبها كل البشر فتقليلهم للأجر مقصود ليصلوا إلى قلوب الناس بأسرع وسيلة . وأما حسن أخلاقهم فدعوة في الحقيقة إلى دينهم وترغيب للناس في ديانتهم ، وكان أجدر بالمسلمين أن يكونوا أحسن الناس أخلاقا لأن رسالة الإسلام رسالة أخلاق ، وإلا ما امتدح الله رسوله بقوله {وإنك لعلى خلق عظيم} [سورة القلم:آية 4]، ولما قال صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» مسند البزار وصححه الألباني في الصحيحة . وأما مسألة تضييع الوقت في الصلاة فأنت مخطئ فيها لأن الوقت لا يزيد بطوله ولا يقل بقصره وإنما يزيد ببركة العمل وحسن نية العامل والعكس بالعكس . ولست أقدح في خصال مَن ذكرت من غير المسلمين بقدر ما ألومك في كونك تخلط بين مسألة الولاء الطبعي الدنيوي والولاء الديني .
 
 
حقا هناك خلط كبير- يقع فيه بعض المسلمين- بين تحريم مودة غير المسلّم، وبين مشروعية البر والإحسان إليه في التعامل، مما أوقع بعض المسلمين في الإفراط أو التفريط في التعامل مع غير المسّلمين.
وبسبب هذا الخلط بينهما، وسوء الفهم، والتطبيق الخاطئ، تكمن المشكلة ، فإذا اختلطا أخذا حكماً واحداً عند الشخص، فتركهما جميعاً- وهذا غلو في البراء- أو أخذ بهما جميعاً- وهذا تفريط في البراء أو غلو في الولاء -.
 
 
تعريف الولاء والبراء.
الولاء في اللغة: يطلق على عدة معاني، منها: النصرة، والمحبة، والمتابعة، والموافقة، والقرب من الشيء، والدنو منه. والتولي: تقديم كامل المحبة والنصرة للمتولَّى .
والموالاة: مصدر والى يوالي موالاة يقال: تولاه: أي اتخذه ولياً، والموالاة ضد المعاداة، والولي: هو المحب، ضد العدو. من الولاية بفتح الواو التي هي ضد العداوة.
ويتضح من هذه المعاني: أن الولاء له جانبان: جانب اعتقادي: وهو المحبة، وجانب عملي: وهو النصرة، والمتابعة، والقرب، والدنو، والموافقة.

والبراءُ: مصدر بِرئت. وبِرئ، بمعنى تنزه ، وتخّلص، وعاد، وتباعد فالتباعد من الشيء ومزايلته هو أحد َأصلَي معنى هذه الكلمة، والأصل الثاني هو: الخَلْق، ومنه اسمه تعالى البارئ
والبراء: ضد الولاء والحب، ويكون بمعنى المعاداة والمباينة.
وله جانبان كالولاء: جانب اعتقادي: وهو العداوة الملازمة للبغضاء، وجانب عملي: وهو البعد، والتنزه،
والتخّلص.

أما الولاء والبراء في الاصطلاح الشرعي فهما قريبان من تلك المعاني اللغوية، فبالنظر في أدلة الكتاب والسنة نجد أن معتقد الولاء والبراء يرجعان إلى معنيين، هما: الحُب والنصرةُ في الولاء، وضدهما في البراء.
وعلى هذا فالولاء شرعاً، هو: حب الله تعالى ورسوله ودين الإسلام والمسلّمين، ونصرةُ الله تعالى ورسوله ودينِ الإسلام والمسلّمين.
والبراء شرعاً هو: بغض الكفر والكافرين بجميع مللهم، ومعاداة ذلك كُلِّه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ت ٧٢٨ هـ رحمه الله: الولاية: ضد العداوة، وأصل الولاية: المحبة والقرب، وأصل العداوة: البغض والبعد.
وقال الشيخ عبد اللطيف عبد الرحمن آل الشيخ ت ١٢٩٣ هـ رحمه الله: وأصل الموالاة: الحب، وأصل المعاداة البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة كالنصرة والأنس والمعاونة، وكالجهاد والهجرة ونحو ذلك من الأعمال .

والولي: ضد العدو، وعليه فلا يكاد يوجد فرق بين المعنيين اللّغوي والشرعي.
وللمقال بقية تأتي بإذن الله تعالى حول مجموعة من العناصر .....
1- صور الولاء و البراء وأي هذه الصور المقصود بقوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم "
2- الولاء الممنوع والولاء المشروع
3- الحقوق الواجبة للكفار غير المحاربين
4- الأمور الجائزة والمستحبة للمسلمين في حق غيرهم .
5- رأي الشرع في أحداث إحراق الكنائس ومحاربة الذميين
وصلى الله وسلم على نبيه ومصطفاه ومن سار على هديه إلى يوم يلقاه .
 

عبد الله نبيل سابق

جامعة الأزهر قسم التفسير وعلوم القرآن

  • 9
  • 1
  • 7,263

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً