حكم وفضل صلاة التراويح
عبد السلام حمود غالب الأنسي
تسن صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء الآخرة (إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، مع الوتر)، هذا هو السنة، ومن صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة.
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
ذهب الفقهاء الأربعة إلى سنيتها كما يلي:
♦ الحنفية: ذهب الحنفية في المعتمد لديهم إلى أن صلاة التراويح سنة مؤكدة؛ بدليل محافظة الخلفاء الراشدين عليها، وهي سنة على الرجال والنساء.
♦ المالكية: يرى المالكية أن صلاة التراويح مندوبة ندبًا مؤكدًا، وهذا الحكم يشمل الرجال والنساء؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو هريرة: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه».
♦ الشافعية والحنابلة: ذهب الشافعية إلى أن صلاة التراويح سنة، واستدلوا بالإجماع في ذلك.
♦ الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أن صلاة التراويح من السنن المؤكدة التي سنها النبي عليه الصلاة والسلام، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة؛ واستدلوا بالحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها؛ إذ قالت: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم، وذلك في رمضان)).
والخلاصة:
تسن صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء الآخرة (إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، مع الوتر)، هذا هو السنة، ومن صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»؛ (متفق عليه).
كيفية صلاة التراويح في عهد الرسول:
إن صلاة التراويح سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تركها خشية أن تفرض على المسلمين، وبقي الناس يصلون متفرقين في عهده عليه الصلاة والسلام، وفي خلافة أبي بكر، فلما كانت خلافة عمر جمعهم على إمام واحد، فأحيا بذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع المسلمون في زمنه وبعده على استحبابها.
والدليل حديث عائشة رضي الله عنها؛ إذ قالت: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح، قال: «قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم، وذلك في رمضان».
اجتماع المصلين في التراويح على إمام واحد بفتوى عمر:
عن عبدالرحمن بن عبدٍ القارئ رحمه الله تعالى أنه قال: ((خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلةً في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد، لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلةً أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نِعْمَ البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله))؛ (رواه البخاري).
وفي رواية لمالك: ((أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أبي بن كعب وتميمًا الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعةً، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر)).
وفي رواية لابن خزيمة: فقال عمر رضي الله عنه: ((والله إني أظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم عمر على ذلك، وأمر أبي بن كعب أن يقوم لهم في رمضان، فخرج عمر عليهم والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعم البدعة هي)).
أفضلية صلاة التراويح جماعة أم بشكل منفرد عند الفقهاء:
اختلف الفقهاء في أفضلية صلاة التراويح، في جماعة، أم بشكل منفرد، على النحو الآتي:
♦ المالكية: ذهب المالكية إلى أن صلاة التراويح في البيت منفردًا أفضل؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة»، مخالفًا لمن قال بأفضلية صلاتها في جماعة في المسجد، كما ذهبوا إلى ندب تأدية التراويح بشكل منفرد في البيت؛ ليكون ذلك أقرب إلى الإخلاص، وبعيدًا عن الرياء، ما لم يكن هناك تعطيل لجماعة المسجد.
♦ الحنفية: ذهب الحنفية إلى أن صلاة السنن في البيت أفضل، باستثناء صلاة التراويح فإن صلاتها في المسجد في جماعة أفضل؛ إذ كانت بداية تشريعها في جماعة.
♦ الشافعية: ذهب الشافعية في الأصح عندهم إلى أن صلاة التراويح في جماعة أفضل من صلاتها بشكل منفرد؛ بدليل إجماع الصحابة على أدائها في جماعة.
♦ الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أن تأدية صلاة التراويح في جماعة أفضل من تأديتها بشكل منفرد؛ واستدلوا بفعل الصحابة، وروى البيهقي أن عليًّا رضي الله عنه كان يجعل للرجال إمامًا، وللنساء إمامًا لأدائها.
يصعب الترجيح بين الأقوال، ويمكن الجمع بين ذلك بالتنوع مرة في البيت، ومرة في المسجد، والله أعلم.